23 ديسمبر، 2024 1:40 ص

مهما كتب الكتاب ونادى المفكرون والغيارى فأن مفهوم الوطن أولا بقى مطمورا , وتقدمت عليه أولويات كانت قابعة في أقبية العصور الوسطى , فأمضى الوطن عقدا ونصف في مصادرة فتاكة لِما يشير إليه , حتى تدمرت مدنه ومُحقت شواهده الحضارية وقيمه الإجتماعية ولحمته الوطنية المتوارثة عبر العصور.

وبين ليلة وضحاها أصبح الخطاب وطنيا تماما ومعاصرا ومتفاعلا مع رؤية الزمن الذي نحن فيه , وكأن عاصفة قوية زعزعت أركان العقول والنفوس , وأيقظت النائمين من سباتهم الأجداثي الظلامي البهتاني السقيم!!

وفي حقيقة ما حصل أن القوة التي تأمر وتنهي أوجبت أن يكون الحال كذلك , فهي التي جاءت بمنطلقات الإهتمام بالمصالح الوطنية وحقوق المواطن هي من أهم أركان الإستقرار والسلام في العالم , وعلى ضوء ما تراه فأنه – يمكن القول – أمرت الأنظمة والحكومات لترجمة هذه الرؤية , والتفكير بمصالحها ومصالح مواطنيها أولا وقبل كل شيئ , ولهذا تحققت تفاعلات غير مسبوقة بين دول المنطقة , هي أقوى وأعمق تأثيرا من أية دعو وحدوية ساذجة نودي بها في القرن العشرين.

وإذا إستمر هذا النهج وإستوعبته الأنظمة وأدركت جوهره وفحواه , فأن المنطقة ستعيش بخير ورفاه وسلام , وتعاون إيجابي ما بين مجتمعاتها المقهورة بأنظمة الحكم التي تتسيد عليها , لكن البعض لا يزال بعيد الفهم أو قاصره ولا يمكنه أن يستوعب التغيير والتبدل , والإنطلاق من ظلمات الجحور والأنفاق وعفونة الأجداث ومستنقعات الظلال والبهتان , لأنه سيفقد مكتسباته الشخصية وتتضرر تجارته المربحة التي بضاعتها المغفلين , والمغرر بهم بإسم الفئويات والطائفيات والمذهبيات المقيتة.

ومن المهم أن تستوعب القوى الإقليمية المسار الجديد وتكون قوة إيجابية فيه , فلا تحسبه تهديدا لها أو عدوانا عليها , وتمضي في تسخير الذين لا يعترفون بالوطن والمواطنة , وتزويدهم بما يساهم بتدمير أوطانهم والإضرار بشعوبهم المغلوبة على أمرها.

والأمل أن ما يحصل من خطوات إيجابية تقاربية ما بين دول المنطقة الرئيسية , مقدمة لمسيرة تفاعلية إستثمارية إقتصادية ذات مردودات إيجابية نافعة لجميع المواطنية , وهادفة لتغليب المصالح الوطنية على أية مصلحة أخرى , وهذا يستدعي قدرات سياسية ذات مهارات معاصرة وحذاقة فائقة.

فهل أن للوجيع محطة إنتهاء؟!!

د-صادق السامرائي