18 ديسمبر، 2024 5:42 م

الوطنية المغيّبة والفُرقة المُطيّبة!!

الوطنية المغيّبة والفُرقة المُطيّبة!!

للقضاء على أي مجتمع , شعب أو أمة عليك أن تغيّر الثقافة الجمعية وتعبث بالوعي الجمعي , وهذا قانون معروف منذ الأزل , وللوقاية من آثاره إعتصمت الأمم والشعوب بالإرادة الوطنية الجامعة المانعة , التي تضنع منها قوة متحدية للهجمات والإعتداءات الهادفة لمحقها وسحق وجودها , ولهذا صار للوطنية دورها وأثرها في الحياة البشرية.
فالأوطان موجودات مقدسة في وعي أبنائها لأنها تمدهم بالحياة , وفيها يترعرعون ويتمكنون من التعبير عمّا فيهم من الطاقات والقدرات الحية , التي تترجم رسالتهم الخَلقية الهادفة إلى تحقيق آليات التواصل والتفاعل المتنامي المتجدد الخلاق.
ولا يمكن لأي مجتمع أن يكون ويتمكن من المواكبة والمطاولة إذا تناسى أو تجاهل الثوابت الوطنية , التي تؤسس لوعاء الوطن الجامع القادر على مزج ما فيه , وخلطها بقدرات الصيرورة المثلى والكينونة الأرقى اللازمة لصناعة العزة والكرامة وتحقيق الأمن والأمان , وتأكيد إرادة القوة على البقاء والحضور المتطور في المكان والزمان.
وما أصاب بعض المجتمعات من نكسات وخسائر ونكبات مردّهُ إلى الغيبوبة الوطنية , وسيادة المفاهيم المعوّقة المعتوهة المدمرة لجوهر وجودها , والمانعة لتناغم إيقاع خطوات الأجيال المتعاقبة فيها , مما أسهم بتحويلها إلى طاقات معادية لأوطانها وهي لا تشعر , بل ترى أنها تتحرك على سكة الوطنية وتبني وطنا تمعن بتدميره وتخريبه وتشريد مواطنيه.
فالإنتخابات فيها تعكس ما فيها , فعندما تتجه نحو التصويت لمن عبّروا عن الخصال المناهضة للوطن والمترجمة لإرادة الآخرين , فإنما تكشف عن حقيقة مريرة خلاصتها أنهم يعيشون في غيبوبة وطنية ويدينون بتصورات ورؤى عقيمة , ستشارك بصناعة التداعيات الخطيرة التي سيعيشونها والتي سيدفعون ثمنها الباهض جيلا بعد جيل , كما أنها تشير إلى محدودية الوعي المعاصر وهيمنة الإنفعالية والتوجهات العاطفية التي تم تصنيعها فيهم.
ووفقا لذلك فأن القوى الساعية لإمتلاك غيرها توفر الأرضية الثقافية والعاطفية اللازمة لتمرير إرادتها وتأمين مصالحها , والإتيان بالذين يعادون وطنهم بالفعل أكثر منهم , لكنهم يحبونه حبا جما بالقول والخطابات , وهم الذين يخلون إلى شياطينهم كل يوم ويصارحونهم بحقيقة ما يفعلون.
تلك حالة الذين في قلوبهم مرض , وما يشفيهم منه حتى التراب , لأنهم أدمنوا على التظاهر بما لا يفعلون , فهم المخادعون العامهون في أوحال الشرور.
وبهذا تتشامخ المحن , بمبايعة الفتن , فهل من صرخة وطن؟!!