22 فبراير، 2025 9:56 ص

جوهر المشاكل التي تعصف بالبلاد والعباد , تتلخص بغياب الهوية الوطنية , فالمسيرة وما إعتراها , أساسها تغييب الوطنية.
عند البداية كانت محاولات للتوعية الوطنية , وعندما تطورت الأوضاع , تم التخلي عن التوجه الوطني , والتركيز على التفاعلات الفئوية المؤدينة اللازمة لتأمين الهيمنة , وتأكيد السيطرة على الواقع , والشعور بالسعادة للإكتفاء بالغير لتحقيق الأهداف المرسومة.
وإنطلقت مفاهيم الفوضى الخلاقة اللازمة لهلهلة الدول وتفتيت المجتمعات , وإثارة الفتن والإضطرابات وتعزيز التلاحي والمواجهات القاسية , لكي تستولي القوى الطامعة بسهولة على البلاد.
فتحققت إستباحة كبيرة للمعاني الوطنية , وتحول الإنتماء إلى مسميات وتوصيفات تنحرها على صخرة الفئويات والمذهبيات , وترميها في مسلخ الطائفية الحامي الوطيس.
ولا تزال القوى المهيمنة على البلاد بعيدة عن الخطاب والعمل الوطني , وهمها تأمين مصالح الأسياد والبقاء في الحكم أطول مدة ممكنة , والإستحواذ على الثروات , وإعتبار الفساد دستورا والفتاوى قانونا , وتبا للإعمار والبناء , ومرحبا بالدمار والتخريب والنهب والسلب والإختطاف والتغييب.
الوطنية , ومنذ نهاية العقد السادس من القرن العشرين , ترسخت في وعي الأجيال على أنها القتال وسفك الدماء والموت في الحروب , والتفاعل المعادي مع أبناء الوطن الواحد , فكانت تمثل إرادة التدمير الذاتي للمجتمع وتحويله إلى كينونات متناحرة , وفئويات جاهزة للإنتقام من بعضها , بعد أن تضمخت سلوكياتها بالعواطف الهوجاء القادرة على إعماء العقول.
المجتمعات بحاجة إلى وطن تقيمه الإرادة الوطنية , وتقوده أنظمة حكم لديها رؤية وطنية , تحصنها من السلوكيات المخلة بشرف الوطن والمواطنين.
والوطنية العمل , وليست شعارات فارغة وأكاذيب وأضاليل ومخادعات للنيل من الشعب وإستلابه.
ومصيبة أي مجتمع تكمن في ضعف الوطنية ونهيار منظومتها العملية , وتنامي التوجهات اللاسيادية , المعبر عنها بالتبعية والخنوع لمطامع الآخرين , الذين لديهم وسائلهم المحكمة لتحويل عناصر أهدافهم إلى عوامل تعمل لصالحهم , ويستخدمون ما لا يخطر على بال من الأساليب الملغومة.
فأين الوطنية يا وطن.!!
و” حب الوطن من الإيمان”!!
د-صادق السامرائي