في أكثر من لقاء تلفازي واذاعي لم يتحدث أو يتجنب المطرب المرحوم داخل حسن الحديث عن حفلاته خارج بغداد والناصرية سوى تلك التي اقامها فی الاهواز بدعوه من الشیخ صوگر عنافجه. حضر فيه الفنان داخل حسن مع الفنانة ( بنت الریم ) وكانت ليلة اسطورية الهمت مدن المحمرة وعبدان واهوار الاهواز ووصل بعض صداها الى اهوار الجبايش لهذا تذكرها احد امراء بني اسد في قضاء الجبايش ليدعو المطرب داخل حسن لحفل ختان اولاده ، ولينتشر خبر سحر الطرب في حنجرة داخل حسن ليسمع به الوصي في بغداد وليدعوه في سمر سري ليطربه بصوت الجنوب الشجي الذي لم يتعود على سماعه حتى الملك الذي كان مولع كما ابيه وجده بصوت الحنجرة الطربية البغدادية بالرغم ان دار الاذاعة التي افتتحت بعد مقتل الملك غازي كان داخل من اوائل مطربيها بعدما كان صاحب زورق لنقل المسافرين في الاهوار التي كانت حينذاك تفصل ناحية الدواية عن قضاء الشطرة .
وهكذا دخل صوت داخل القادم من بيئة الاهوار الى اروقة مزاج سدنة الحكم الملكي الوصي ونوري باشا وصالح جبر ورشيد عالي والجادرجي وسواهم .
مرة دعى الشاعر الشعبي المرحوم مجيد جاسم الخيون والمنتمي الى بيت امارة اسد في قضاء الجبايش وكانت له انتماءات شيوعية معلمي القرية وصادف ان يكون المطرب داخل حسن ضيفه في حفلة شعر وغناء ، فذهبنا نحن معلمو المدرسة جميعنا بثلاثة مشاحيف وقد اصر شغاتي موظف الخدمة أن يكون معنا ، وهو من واجه المطرب داخل حسن بالقول ان احد ابناء القرية دفعه القدر ليشتغل في جنائن قصر الزهور الملكي راعيا لطواويس الملك وكان يسمع صوته يصدح من داخل القصر فتدمع أجفانه مع الطور الشطراوي والبحة الجميلة التي كانت تعيد اليه كل حنينه الى قرية الى جلى عنها بسبب فصل عشائري لأنه شج رأس جاره ب( الشومية ) بسبب شجار من اجل جاموسة.
ولأن الزمن هو زمن الجمهورية ، تحرجَ المطرب داخل حسن من الاجابة ، فشجعه الشاعر مجيد جاسم الخيون بشجاعته وصراحته وصوته المدوي بقوله وهو يرفع كأسه : يله ما علينه في صحة الملك .
ضحك الجميع عندها قال داخل حسن : غنيت امام الوصي وبحضور الباشا نوري السعيد وهو طلبني بالاسم ، فأردت معي حضيري او ناصر حكيم ، فقالوا : الوصي عبد الاله يقول :داخل حسن فقط ، ثم اردف يقول : اكلكم بروح ابهاتكم اكو واحد يكول للملوك لا ، مو جلده يروح سِيده للدباغ .
تذكرت معنى مفردة ( سِيده ) بكسر السين وتعني يذهب بخط مستقيم ، وقلت: حقك ابو كاظم ، روعة تاريخ الشخص انه يطرب ملكا حتى لو كان هذا الملك طاغية.
رد داخل : أنا غنيت شجن أمام الوصي واكرمني بعشرين دينارا وفي ذلك الوقت العشرين ديناراً تشتري بيتا .
قلنا : نحن نتحدث عن الافتراضات .
قال داخل : افترضوا ولكن بعد ان تنهي حنجرتي اشواقها .
وهكذا بين صوت داخل واصغاء الوصي واجواء الكرم الاسدي في بيت مجيد جاسم الخيون ، تقرع الكؤوس وتصدح حنجرة المطرب السومري فتفيض من العين دمعة للذكريات ومن الشفتين قبلة للحنين………..!