23 ديسمبر، 2024 12:16 ص

الوصول متأخرآ خير من عدم الوصول التقارب الخليجي من العراق

الوصول متأخرآ خير من عدم الوصول التقارب الخليجي من العراق

الأنفتاح الخليجي الباذخ و المبالغ في الكرم على العراق و حكومته و كأنه يطلب الصفح و يقدم الأعتذار عن كل تلك السنين الطويلة من القطيعة و الأبتعاد عن الجار الشمالي المهم للدول الخليجية و الذي كان في يوم ليس بالبعيد المدافع عن تلك الدول و حاجز الصد الرصين في مواجهة الأندفاع الأيراني الداهم بعد الثورة الأسلامية التي الهبت مشاعر المسلمين عامة في ضرورة الثورة الجماهيرية على الحكومات القائمة و حين كانت الضفة الأخرى من الخليج حيث تقبع دول الخليج العربية الأكثر تأثرآ او تضررآ من شظايا الثورة الأيرانية و آثارها الا ان الحرب العراقية – الأيرانية ( بغض النظر عن الدوافع و الأهداف ) كانت السد المنيع الذي حال دون التمدد الأيراني و اوقف زخمه.

.ليس من الواضح تمامآ تلك المقاطعة التي دفعت بالدول العربية عمومآ و الخليجية خصوصآ من الحكم العراقي الجديد الذي اتت به الجيوش الأمريكية و دباباتها و الذي من المفترض ان يكون مثل غيره من تلك الأنظمة الموالية للغرب و أمريكا ان ( يحظى ) بكل ذلك الجفاء و البعد لا بل وصل الأمر حد العداء و البغض و الحملات الأعلامية التي دأبت على وصم الحكم العراقي الجديد بالطائفي و العميل لأيران و كان الأحرى بتلك الدول ( معاقبة ) امريكا كونها هي من اسقط حكومة ( صدام حسين ) بمساندة من الدول العربية و الخليجية التي من اراضيها انطلقت القوات الأمريكية و احتلت العراق و نصبت الحكومة العراقية فكانت ( ايران ) تتهمها بالعمالة لأمريكا و كانت الدول العربية تتهمها بالعمالة لأيران .

كان ان تخلت الدول العربية و التي كانت معادية لنظام ( صدام حسين ) و ما ان سقط ذلك النظام حتى انبرت تلك الدول لمعاداة النظام الجديد و المستغرب في الأمر ان الدول العربية و خاصة الخليجية لم يكن موقفها المعادي لنظام الحكم الجديد في العراق مفهومآ فأذا كان الموقف الأيراني و السوري مفهومآ و الى حد ما مقبولآ بأعتبار ان الدولتين من اشد اعداء التواجد الأمريكي في المنطقة و بما ان النظام الجديد في العراق هو ما جاءت به ( الدبابة الأمريكية ) كما يقول قادة الدولتين فأنه لم يكن واضحآ موقف الأنظمة الخليجية بأعتبارها هي ايضآ تحت حماية ( الدبابة الأمريكية ) ذاتها تلك التي احتلت العراق و نصبت حكومته .

كما يبدو ان الأدارة الأمريكية ( ترامب ) قد اومأت الى حكومات الدول الخليجية بالأنفتاح على العراق فقد تسابقت الدولتين اللدودتين ( السعودية و قطر ) في الوصول الى العاصمة العراقية ( بغداد ) و تقديم كل الأغراآت و الأمكانات للحكومة العراقية التي رحبت بتلك الزيارات و لكن على توجس و خيفة من ردة الفعل الأيرانية الغير مرتاحة من هذا التقارب الذي يعن ان الكثير من اوراق الضغط الأيرانية سوف تسقط و مثال ذلك في خط الكهرباء الأيراني الذي يزود بعض محافظات الجنوب العراقي بالكهرباء و خاصة في اوقات الحاجة القصوى في الصيف و الذي قطعته الحكومة الأيرانية في العام الماضي بحجة عدم تسديد الجانب العراقي للمستحقات المالية المترتبة على شراء الطاقة الكهربائية الأيرانية و فيما اذا ما تم الربط الكهربائي مع السعودية لم تعد هناك حاجة الى الطاقة الكهربائية الأيرانية .

مع الأزمة الأقتصادية التي تعاني منها أيران نتيجة للعقوبات الأمريكية لم يعد بأمكانها و لا بأستطاعتها تقديم المزيد من السلع دون مقابل في وضع اقتصادي شبه منهار بعد ان بلغت العملة الأيرانية مستويات غير مسبوقة من الأنخفاظ الحاد امام العملات الصعبة و بالتالي فأن دور أيران في المنطقة و تأثيرها فيه قد تراجع كثيرآ تزامنآ مع الأزمة الأقتصادية التي تمر بها فالدول ذات الأيرادات المالية الضخمة لها أهمية و تأثير يفوق الكثير من الدول ذات الأعداد البشرية الكبيرة او المساحات الشاسعة و دولة ( قطر ) مثال ذلك .

مصالح الدول الأقتصادية و السياسية هي العوامل المشتركة بين كل دول العالم ففي عالم السياسة لا توجد مثل عليا او مبادئ سامية في العلاقات بينها و العراق ليس استثناءآ من هذا المفهوم فهو كذلك يبحث عن مصالح شعبه و اذا ما تقدم السعودية او غيرها من الدول ما يلبي تلك المصالح الأقتصادية و السياسية و التي تصب في خدمة ابناء الشعب العراقي دون المساس بالقرار السيادي للدولة العراقية او التدخل في شؤونها الداخلية و املاء الأوامر و التوجيهات فأن ذلك يكون موضع ترحيب و اهتمام من الغالبية العظمى من ابناء الشعب عدا القلة القليلة من الذين في قلوبهم مرض الذين ارتضوا ان يرهنوا انفسهم و يصبحوا عملاء متطوعين بدون أجور اتعاب و اجراء دون مقابل و يفضلون مصالح الدول الأجنبية على مصالح شعبهم و بلدهم و يكونون بمثابة القنبلة الخفية التي تنفجر من الداخل عندما يرى مشغليهم الوقت المناسب لذلك .