الوصية السادسة 🙁 ولا تقربوامالَ اليتيمِ الا بالتي هي أحسنُ حتى يبلُغَ أشده ُ ( الأنعام 152
اليتيم لغةً : هو فاقد الأب أو الأبوين معاً والقاصر بنفس الوقت. وفي هذه الحالة فهو بحاجة الى الرعاية المالية والتربوية لذا جاءت الآيات القرآنية بهذا التوجه الكريم:
( وءاتوا اليتامى أموالَهَم ولا تتَبدلوا الخبيثَ بالطيبِ ولا تأكلوا أموالهم الى أموالكُم أنه كانَ حُوباً كبيرًا،النساء2)…. ويقول الحق:
(وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاحَ فان أنسَتمُ منهم رشداً فأدفعوا اليهِم أموَالهُم ولا تأكلوها أسرافاً وبِداراً أن يكبروا ومن كان غنيا ًفليِستعفف ومن كان فقيراً فليأكُل بالمعروفِ فأذا دفعتم اليِهم أموالهمُ فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيباً،النساء6). .تأكيداً لتطبيق مبدأ العدل المطلق.
ان هذه الوصية الربانية هي موجهة الى غير الأباء،لأنه في حالة فقدان الأم فالأب هو الوصي حكماً ولا تنطبق عليه هذه الوصية.
أمامن ناحية المسئولية المالية والتربوية معاً فقد حددتها الآية الكريمة ،يقول الحق:( وأن خفتم ألا تقسطوافي اليتامى فأنكحوا ماطاب لكم من النساء مثنىٍ وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ان لا تعولوا،النسا3).
هنا ربطت الآية تعدد الزوجات برعاية الأيتام وليس للبديل من النساء للتقرب من السلطة واصحاب المال..،وفي الآية جاءت كلمة القسط والعدل معاً،وكلمة القسط هنا لها معنيان: العدل أو الجور،كذلك كلمة العدل لها معنيان: الاول القسط حين تعني العدل لقوله ان الله يحبُ المقسطين،المائدة 42). والمعنى الثاني الظلم والجور كقوله تعالى:( وأما القاسطونَ فكانوا لجهنمَ حطبا،الجن 42). وللعدل معنيين الاول عدل في العدل وعدل في الظلم،والفرق بين القسط والعدل هو ان القسط يأتي من طرف واحد بينما العدل يأتي من طرفين.
ان الآية الكريمة تتحدث عن آمهات اليتامى اللواتي لا معيل لهن لمساعدتهن في تربية الاولاد كما في الآية (6) من نفس السورة،فالرجل اذا كان قادراًعلى تحمل المسئولية فلا ظير بالثانية او الثالثة او الرابعة،شرط حدي ملزم من أمهات اليتامى وليس من الابكار وللمتعة الشخصية، لكنه اذا عجز عن تحمل المسئولية فعليه بواحدة فقط، حتى لايقع في الضيق كقوله:( ذلك أدنى ان لا تعولوا) اي حين لا تستطيعوا حماية العيال خوفاً من العجز المالي، من هنا ينطبق قول الرسول(ص):(انا وكافل اليتم كهاتين في الجنة). شرط ان الزواج المتعدد ان يمارس الزوج عدالة الحياة الزوجية بكل شرعيتها مع الجميع دون اختلاف – هذا الشرط الحدي مفقود عند غالبية المسلمين – ولا يميل نحو واحدة ويترك الاخرى معلقة كقوله تعالى:( فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، النساء129).والآية تبين أقصى الألتزام بحالات العدل الانساني رغم شعورها المطلق بعدم عدالة الانسان وهذ هو عين الصواب والحقيقة.
ومع تقديسنا للآية الكريمة ،لكن عامل الزمن يلعب دور في عملية التغيير ،فلم يعد الزوج يتمكن من أعالة الايتام ،لا ماديا ولا مزاجيا، وكل المتزوجين من أمهات الاولاد فشل زواجهم في غالبيتهم،والحل يجب ان تؤول الاية لصالح القانون ،أنطلاقا ً من ثبات النص المقدس والمحتوى المتحرك له. وان الدولة هي التي تتكفل بالأيتام لا الزوج الاخر ، وهذا ما هو متبع في امريكا وأوربا الآن الذين نسميهم خطئاً بالكفار .هذه مسألة انسانية يجب ان تعالج معاجة قانونية اليوم لحماية المجتمع من الخلل.،وأدخال هذا النص القانوني ضمن تشريعات الاحوال الشخصية لحماية الاسرة من التشتت عند المذاهب المختلفة التي يجب ان تتوحد القوانين بموجب النص لا المحاكم الشرعية الفقهية الباطلة .. ناهيك عن ان الطلاق الكيفي عند المسلمين الان وخاصة بين الطبقات غير المتعلمة لا راقابة عليه، لذا خلق مشاكل أجتماعية لا حصر لها خاصة وان قوانين النفقات عائمة وغامضة في القانون الاسلامي وغير محددة لا توحي بأيات العدل الآلهي،فهل ان آيات التكريم للأنسان من الله جاءت للرجال دون النساء؟ مسالة انسانية ملحة بحاجة الى أعادة نظر..
أين مجلس النواب اللا منتخب ، اللاهي بأقرار أمتيازات المسئولين وسرقة اموال الشعب ولاغير..؟
الوصية السابعة: (وأوفوا الكيلَ والميزانَ بالقسطِ لا نكلفُ نفساً الا وُسعَهَا،الانعام 152).
هذه الوصية تتعلق بالعلاقات الانتاجية والعلاقات التجارية التعاقدية،لذا فان الاستيراد والتصدير والانتاج يجب ان يخضع لمعاير الجودة ومواصفات الوزن والمساحة لا معايير المذهبية الباطلة .ولأن هذا المنتج سيكون من نصيب الانسان فقد أدخلها الله في الوصايا الملزمة حتى لا تستخدم طرق الغش في المنتجات المعدة للاستيراد والتصدير،لذا روعي اليوم قيام أجهزة مركزية في الدولة متخصصة في التقييس والنوعية حتى لا تفلت البضائع الفاسدة من رقابة الدولة وتصل للمواطن بغير صفاتها الجيدة الصالحة للاستعمال. وتنشط هذه الحالات الشاذة في الدول المصابة بالارتباك الامني والسياسي كما في العراق والصومال اليوم حين تحولت التجارة الى مغانم شخصية على حساب المواطن العادي فبخست الناس اشياءَهُم..حتى اصبحت المنافذ الحدودية عندنا تجارة باللزمة وامام أعين الحاكمين.
ان القرآن يحذر من هذا التوجه الخاطىء حين يقول:( ويا قوم أوفوا المكيالَ والميزانَ بالقسط ولا تبخَسُوا الناسَ أشياءَهمُ،هود85). وقد حذر القرآن الناس من اختراق العدل بقوله: ( وان يأمركم أن تُؤدوا الأماناتِ الى أهلِها وأذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل،النساء 58).ولم يقل يا ايها الذين آمنوا لان العدل ظاهرة أنسانية يجب الالتزام بها دون الاخلال بشروطها،فكيف أذا المؤمن أصبح باطلا كما هم حكام العراق اليوم ؟كلام موجه الى من يحكمون في امة العرب والاسلام والذين سيبوا حالة التقييس والنوعية… حتى أصبح الظلم للمواطنين جزْاً من قوانينِهم الشخصية.فلا قانون يطبق عليهم ليلزمهم بالعدالة ،ولادستور يمنعهم من الاستغلال والظلم،بعد أن أصبحت القوانين والدساتير تكتب بأيديهم. لابل أصبحوا يتباهون في أختراق الدستور دون خجل من الناس ورب العالمين،ألا لعنة الله على الظالمين.
الوصية الثامنة 🙁 واذا قلتُم فأعدلوا ولو كان ذا قربى،الانعام152).
هذه الوصية هي وصية عامة،تعتبر شهادة الزور حالة خاصة لها،فالأنسان يجب ان لا يتكلم الا الصدق ولذا فالموضوعية هي الاساس في أحكامه حتى لا تتحكم فيه الأهواء والعواطف،لقوله تعالى:( وتمت كلمةُ رِبكَ صدقاً وعدلاً ولا مُبدلَ لكلماته وهو السميعُ العليم،الانعام 115).فكلام الله يحمل صفتين الصدق والعدل.وهكذا فأن الصفة الاساسية للانسان هي الصدق والعدل.لأن قولهُ مبني على البينات،لا على الأهواء وهي صفة التقوى في الاسلام. لذا فأن الصدق هو الهدف والكذب يقع ضمن العقوبة الجزائية لا ألادارية اوالمالية ،واذا ما أتهم موظف في الدولة بالتزوير عليه ان يبادر فورا لأعلان براءته بالبينات او يتخلى عن المركز الحكومي وهذا الشرط وجد في قانون الحسبة الاسلامية منذ 1300 سنة،لا ان تتستر عليه الدولة. .اكثر من نصف من يحكمون اليوم من المزورين ..
.صحيح ان العدل والصدق المطلق هو صفة ألهية لكن على المسلم ان يلتزم بهما قدر الامكان لتمثيل الاسلام خير تمثيل كما في قوله:( قٌولهُ الحق)،وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً.فالصدق والعدل تقريري الزامي في الشريعة الاسلامية،لكن كم من حكام المسلمين وموظفيهم من يلتزم بها،علما ان أختراق الايات الحدودية تجعل المسلم في شك من أمر المعتقدي في الجماعة الاسلامية. واليوم غالبية حكام العرب والمسلمين ويقف حكام العراق في المقدمة يغتالون شعوبهم عن طريق الرشوة والسرقة والمسدس الكاتم لبناء مجدهم الشخصي المقيت،وهاتراهم بأمي عينك كيف يتصرفون اليوم.فأين هم من الاسلام؟ هذه الاية الكريمة مرفوعة في كلية حقوق جامعة هارفرد الامريكية وتُدرس لطلبتها..فأين حكامنا اليوم منها..؟
الوصية التاسعة:( وبعهدَ اللهِ أوفوا،الانعام 152).
وهي وصية مختصرة للألاف المؤلفة من البنود لو فصلت كل على حدا لحتاجت لمؤلفات .لأن كل مهنة لها مواصفاتها ولكل علاقة أجتماعية لها شروطها.فألوصية لا تسمح لاحد ان يمارس المهنة الا اذا كام مؤهلاً لها لا مزوراً لمؤهله العلمي او الفني أولاً.ثم عليه ان يقسم اليمين الدستورية الاخلاقي لمهنته،فأذا لم يقسم اليمين فأنه يمنع أصلا ًمن ممارسة المهنة حيث لا يوجد في الدولة الاسلامية مهنة مهما كان نوعها بدون قسم لهذه المهنة.فأين من أقسموا كذبا وزورا امام الاعداء من اجل احتلال وطنهم..أين تضعهم من أبو رغال خائن مكة والذي لا زال الى اليوم يرمى قبره بالحجر بأعتباره خائن قَسم ووطن..؟ وليس الشيطان كما يعتقد الحجيج.
وتضع الدولة لهذا القسم عقوبة واحدة علماً بأنه يدخل تحت هذا القسم الألاف المؤلفة من البنود.هذه العقوبة هي حنث اليمين ويجب ان تكون جزائية لا ادارية او مالية.
ان هذا النص الجبار يجب ان ينظر اليه بجدية كبيرة في أمة العرب والمسلمين بعد أن أستشرى الفساد والتزوير بين الناس واصبح وسيلة من وسائل الوصول للمنصب الحكومي في السلطة القائمة كما في انتخابات مجلس النواب وتعين كبار المناصب في الدولة لمن لا يستحقها .ان عدم التقيد باليمين يدل على شدة التدهور الاخلاقي،فهو عهد بين الذي اقسمه وبين الله،لا بين انسان وأنسان،وكذلك البيعة في الانتخاب عهد،فهذا يعني ان على المُنتخب ان يكون وفياً لمنتخبيه وهكذا دواليك.فهل هذا مطبق في أمة العرب والمسلمين.
ان القول يجب ان يكون مبنياً على البينات المادية الموضوعية دون أهواء وبلا عواطف.والشهادة يجب ان تكون شهادة فؤادية محددة بالحواس وعلى رأسها السمع والبصر.أما اذا كانت أستنتاجاً عقلياً فتسمى خبرة وليست شهادة.
هذه الاوامر الحدية الالهية هل فهما المسلمون وطبقوها قبل ان يحفظوا الصلاة ويؤدوها خمس مرات في اليوم، أٌقرأ كتب الفقهاء بنفسك ولا تعتمد على ما تتناقله الالسن وتسمعه الأذان ستجد العكس تماماً.ان الله يطالب الناس بالعدل والامانة،اما الواجبات فهو غني عنها ولو كره الكافرون.
من هنا نقول اناسلامنااليوم هو اسلام الفقهاء لا اسلام محمد رسول المسلمين.
الوصية العاشرة :(وان هذا صِرَاطي مُستقيماً فأ تبعوهُ ولا تتبعوا السٌبلَ فتفرقَ بِكم عن سبيلِه ذلكم وصَاكم به لعلكم تتقون،الانعام 153).
لاول مرة تدخل نظرية الحنيفية والاستقامة عن طريق القرآن الى المجتمعات الانسانية ليعلمها العالم بألزامية التنفيذ، والصراط المستقيم هي كل الوصايا القرآنية لانها لا تتغير أبداً،فالأخلاق مبادىءأنسانية عامة وهي من ثوابت الدين الاسلامي ولا تحمل طابع التغير مع الزمن والتطور والمرونة مثل العبادات وهي التقوى الاجتماعية ،وهي ألزامية ومن تركها وأهملها فقد ضل ومن التزم بها فهو من المهتدين. وتحت جناحها تخبو الحكمة والتوجيه الرباني العظيم لبني البشر.
ان الوصايا في غالبيتها جاءت بصيغة الامر،وجاءت معطوفة بعضها على بعض ،لأنها تعني الالتزام حتى في حالات التغاير والتمايز، والالتزام جاء جمعياً وليس مفردًا حين ذكرَهُم بكل شيء بقوله تعالى:( لقد انزَلنَا اليكمُ كتاباً فيه ذكَركُم أفلا تعقِلون،الانبياء 10).
في هذه الوصايا يبن الله جلت قدرته العظيمة لنا الفرق بين الأعراف والقوانين لمنع الخلط بينهما .فالاعراف هي مجموعة العادات والتقاليد الاجتماعية الناشئة عن بنية أقتصادية وبيئة جغرافية،وهي قابلة للتغير والتطور حسب الزمان وتطور وسائل الانتاج،وحسب المكان في الموقع الجغرافي.
أما الاخلاق فهي قوانين روحية أجتماعية ثابتة تربط ابناء بني الانسان بعضهم الى بعض،لكونهم مجموعة أنسانية لا حيوانية،بغض النظر عن البنية الاقتصادية للمجتمع الانساني ،لذا فهي تحمل صفة العالمية الشمولية.،لذا فالألتزام يجب ان يكون أنساني قبل ان يكون ألتزاماً قانونياً. لذا لا يمكن ان نقول عن شيء أنه عَرفٍ اذا كان يخالف الوصايا.
واخيرأ أقول :ان الاسلام فريد في تصوره للحياة ،عظيم في توجهاته للناس،حكيم في أوامره الحدية في التنفيذ،ولا طريق أخر للبشرية الا بأتباع أوامره ونواهيه،هذه الايات الكريمات التي باعها الحكاك العراقيون بثمن بخس من اجل نفوسهم الشريرة واطماعهم الظالمة ..وسيبقى عالم الاسلام يتأرجح ما بين الحياة والموت بعد ان حول النص المقدس الى فقه لا يعرف منه الا العبادات المتزمتة والمذاهب الفقهية الأجتهادية الباطلة من اجل خدمة السلطة لا الدين …وأحادية الرأي وحكم السلطة وتبريرات وعاظ السلاطين.فالاخلاق هي الاساس،والقسم ذمة ومسئولية امام الله والناس والحقوق واجب،كلها أمور ربانية ملزمة أجتمعت تحت عنوان الوصايا العشر،ولوجاء القرآن بها فقط لكفاه فخرا بأنه مميز عن كتب الاخرين .
كل هذه الوصايا القرآنية خالفها صاحب السلطة وفقهاء الدين في عراق المظاليم ..وما علموا ان كل من خان الوطن امام الأجنبي .. وسرق المال.. ووقف بجانب الظالم فعلاً وتأييدا بالسكوت على الباطل .. انه من الظالمين …هؤلاء الذين فهموا السياسة بلا مبادىء .. والمتعة بلا ضمير.. والثروة بل عمل .. والعبادة بلا تضحية …والسلطة بلا أخلاق …. والسرقة بلا قانون …انهم هم الكافرون بالله والاخلاق والدين..فهل مثل هؤلاء يطاعون ويُنصرون…؟
[email protected]