لا توجد بالطبع وزارة ذهبية وأخرى فضيّة ولا حتى غيرها برونزية , إنما في العراق قد يوجد اكثر من ذلك .!
قد يستنتج القارئ او بعض القرّاء أنّ الوزارات الذهبية توحي وتشير الى ما تسمى بالوزارات السيادية , وعلى الرغم من صحّة الإستنتاج ” سلباً ! ” فأنّ كافة الوزارات تشكّل منظومة متكاملة لكلّ حكومة , وهي بالتأكيد مرتبطة ببعضها . وعلى الرغم من أنّ اصطلاح او ما يمكن الإصطلاح عليه بِ ” الوزارة السيادية ” موجودٌ لغوياً ونادر الأستعمال إلاّ في البعض القليل من دول العالم الثالث , لكنّه من الزاوية الموضوعية فأنّ اقرب وزارة تمثّل الحالة السيادية هي وزارة الخارجية كما معروف والتي تمثّل الدولة وسيادتها على المسرح الدولي وفي الأمم المتحدة . ونشير هنا من زاويةٍ خاصة الى أنّ مبنى ومقر رئاسة الوزراء البريطانية المعرّف والشهير من خلال عنوانه : 10 Downing Street فلا يضم معه سوى مكتب وزير المالية , ولاسواه من الوزارات الأخرى , وهنا ” مجازاً ” فأنّ وزارة المالية البريطانية هي الأساس وهي التي تمثل الحفاظ على مستوى الأقتصاد وسيادة بريطانيا واهتمامها بشعبها .
في العراق , او في احزاب الأسلام السياسي الحاكمة والمتحكّمة فالأمر يختلف كلياً وعكسياً , فكلا وزارتي الخارجية والمالية سبق وأن تمّ إعطاءها او تسليمها الى وزيرٍ من القومية الكردية ” السيد هوشيار زيباري ” , ثم جرى تنصيب او تركيب الأشيقر – الجعفري على الخارجية ليزيد الطين بلّة .! , فكلا الأحزاب الشيعية والسنيّة يتهافتان ويستميتان ولا نقول يتكالبان على وزارتي الداخلية والدفاع , وهذه بالنسبة اليهم ” الوزارات السيادية ” لتمنحهم الفرصة الذهبية للتحكّم والى أشياءٍ اخرى قد تغدو اكبر وأهم من ذلك , ولا نفترض أنّ هاتين الوزارتين تدرُّ ذهباً او ما يوازيه ويقابله في العملة الصعبة , ولا نبتغي الخوض فيها , فلا نخوض مع الخائضين , مع اعتبار ملحوظ أنّ العديد او البعض من احزاب السلطة تمتلك تشكيلات وفصائل مسلحة بأسلحة متطورة وثقيلة توازي او تفوق اسلحة الجيش العراقي .!
وإذ جرى تبنّي واعتماد هذا التقسيم الطائفي المقيت للدفاع والداخلية بالدرجة الأولى < والذي يفرّق بين العراقيين ويجزّئ مواطنتهم , وكأنهم اختاروا مذاهبهم من قبل الولادة , وصارت محسوبةً عليهم سواءً تجردوا منها او لا > منذ اوّل حكومةٍ عراقيةٍ تشكلت بوجود وانتشار الدبابات الأمريكية في شوارع العاصمة والمحافظات , وباتَ الأمر تقليدياً عبر الحكومات المتعاقبة , بأن تضحى وزارة الداخلية للأحزاب الشيعية ” وليس للشيعة ” ووزارة الدفاع للأحزاب السنيّة – المختزلة بمشتقات حركة الأخوان المسلمين ” وليس للسنّة ” .!
ما يلفت الأنظار أنّ تسريباتٍ سياسية ” سواءً مسرّبة عن عمد او عن غفلةٍ ما ” تنقلها بعض المصادر والمواقع الإخبارية بأنّ هنالك توجّهٌ رفيع المستوى وربما عريض ! بأن سيجري تبادل الأدوار وتغيير المواقع عبر منح وزارة الدفاع الى الأحزاب الشيعية , وإعطاء وزارة الداخلية لجماعة السنّة .. واذا ما كانت هذه التسريبات الصحفية جرّاءَ مبادرةٍ او توجّهٍ من السيد عادل عبد المهدي او بأصرارٍ حار من قيادات الأحزاب الشيعية ” والنتيجة هي سواء اذا ما تحققت ” فقد يعتبر او يفترض رجل الشارع أنّ لا فرق يُذكر في تبادل هذه الوزارتين , وأنّ الوضع الأمني قد لا يتغير كثيراً طالما أن الأمن شبه مفقود , لكنّ المراقب العراقي والإعلام المهني ينظر للمسألة من زاويةٍ اخرى وخاصة , فبعض قيادييّ الأحزاب الشيعية صرحوا مؤخرا او نشروا اخباراً بصيغة رؤىً وافكار ” وهي تمهيية للتهيؤ الى ما هو اكبر ” بأن في النيّة وقف استيراد السلاح الأمريكي والتحوّل الى روسيا في ذلك , وقد عززوا اقوالهم ايضا بالنيّة الى تشكيل ” جيش جديد ” من ثلاثة ملايين مقاتل .. وبالرغم من تشكيكنا البالغ في امكانية تجنيد هذا العدد المليوني المهول , لكننا نأخذ بنظر الأعتبار العقود التسليحية مع الولايات المتحدة ” سواءً المدفوعة الثمن او المؤجلة ” , وننظر ايضاً الى الأسلحة ِالثقيلة الأمريكية الموجودة والمعتمدة لدى الجيش العراقي منذ اكثر من عشر سنواتٍ على الأقل , فهل ستستمر الأدارة الأمريكية بتزويد المستلزمات الفنية لأدامة تلك الأسلحة , وكذلك الصواريخ والقذائف المخصصة لتلك الأسلحة البرية والجوية , وما يتبع ذلك ايضاً .! كما اذا ما جرى التخلي عن هذه الأسلحة الأمريكية , فالى اين ستذهب ! وماذا سيغدو ردّ الفعل الأمريكي لذلك , وما انعكاساته على العراق .!
ويقيناً , فلا ندافع هنا عن المصالح الأمريكية او سواها , لكنما ننظر الى ما قد تؤول اليه الأوضاع اذا ما تحقق كلّ ذلك , ولربما ايضاً فأنّ هذا الحديث الأستباقي سابقٌ لأوانه بوقتٍ قصير .!