23 ديسمبر، 2024 11:31 ص

من أقسى صور الالم هو الوداع ، الذي معه تضطرب الروح ويخفق القلب ، وينتاب الجوارح والجوانح طوفان حزن وثكل ، وانت على موعد قد أخبرك به صادق ان موعد فراق حبيبك في اليوم الفلاني ، الموعد الذي سيأتي القطار إلى محطة القرية التي اشبعت من تلك الذكريات التي كانت مرتبة بين الحبيب وحبيبه الذي ملأ عليه حياته فتجاذب معه اعذب واجمل الاحاديث ، حبيب لم الحظ عليه أنه ثقيل حال معرفته من الأعماق ، فكم رأيته ينظر لي من طرف وانا ابتعد عنه امتار لأقرأ شيء أعبر به عن وجداني وكنت ابكي وأراه يسحب يده إلى جيبه مخرجا منديلا يمسح به عيناه لأنه رأى دموعي ، حبيب يعي ويعرف معنى الحب ، بل هو الحب الحقيقي وما عداه صورا تتجلى من جماله .

وغدا على موعد ليلا بعد صلاة المغرب علينا إيصاله للمحطة التي لازال ندي الدموع على رصيفها يوم استقبلناه ، يوم كان من أروع الأيام حين تعانقنا وبلت دموعي كتفه ويده تضرب على ظهري ويهمس باذني لا تبكي يا حبيبي احمد الله اني استطعت أن اتيك هذا العام ، حتى قال انا أتيت لأرتاح من عناء السفر بين ظهرانيكم فترة تطول او تقصر لكن الرحيل ختامها ، اعلم انك ان عشقتني سوف يكون الرحيل عليك شاق .

والليلة أرى الحقائب بباحة البيت وقد وضع عليها إسمه خشية أن تضيع في زحمة المغادرين ، النظرة التي لا تستطيع عيوني تراها دون ذرف الدمع ، فكيف بمن يودع حبيب له كان كريما حد اعطائك كل شيء ، وهو يخبرك تعال وعانقني قد لا تراني بعدها ، فهل من قوة تعينني على إمساك روحي من ان تخرج عند الرصيف ..
حتى لحظة صعوده القطار لم أعد أستطيع فتح العيون فالدمع يغمرها كالميزاب ، لكنه قرر الرحيل ولم أستطيع الشبع منه والاكتفاء حرك القطار وأسقط لي منديله عن عمد هرعت إليه الثمه فوجدته كتب عليه رمضان كريم ، تمنيت البقاء لكنها الحياة وفراقها القهري البدي ..