الوحدة بين أفراد وأبناء الشعب، هي أساس وركيزة الوطن القوي، وهي التي ترسخ مباديء وقيم العدل والخير والمساواة، ويساعد ذلك على دعم أسس وروابط المحبة في المجتمع، مما يساهم في رفعة الوطن والإعلاء من شأنه كما يساهم أنتشار الوحدة والتآخي في المجتمع، على الحد من أنتشار العنف ويدعم أسس السلام والأمن في كافة النواحي والأرجاء.
الانسان هو من يجذر القواعد الاساسية من خلال مراحل وجوده على المعمورة، ثم الى عوالم اخرى متعدده ربما تكون النهاية فيها هي المستقر، الذي يسعى له كل بني البشر، والغاية الوصول الى عالم أخر لا نعلم منه سوى أنه هو المستقر النهائي للانسان، عمله في عالم الدنيا الذي يصحبه الى تلك النهاية، ضمن ضوابط اساسية وضعها صاحب الصنع الذي بيده الامر كله.
أذا الإنسان لابد ان يسعى الى كيفية التهيؤ الى تلك العوالم التي أخبر عنها، حتى لا ينسى حقيقته الأولى التي ولد من أجلها، كذلك السعي الى بناء الوحدة التي أرتفعت الأصوات المسلمة من هنا وهناك تنادي، بضرورتها للأمة واجتماع كلمتها. أصوات صادقة ينبغي أن تتجاوب لها الأقطار الإسلامية لتنقذ نفسها وتحمي حقها.
قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} .
من منطلق هذه الاية لابد للأمة المسلمة، أن تلم شعثها وتوحد صفوفها، حتى يتحقق لها المسار الصحيح، ولاتنتقل من واقع منحرف إلى واقع آخر منحرف.
لكن عندما نرى الاسلام يمد يده الى كل الشعوب في العالم ومنها النصارى، لكي تتحقق وحدة العيش الواحد بين الجميع، ربما يتبادر الى الذهن لابد من سر عميق يراد منه، كيف نصل لهذا السر؟ لابد من الرجوع الى مؤسس هذا الوجود ونغوص في عالم المعرفه، فنجد الغاية العظمى من وراء هذا اللقاء واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار، ان يعيش الجميع بروح الاخوة والمحبة، هذا هو اهم مصداق في الوطنية الشيعية قدمه المرجع السيستاني في لقاءه البابا عندما تحدث بلسان عراقي فصيح عن محامد شعب العراق، بكل انتماءاته وتحدث عن حقوق المسيحيين كسائر العراقيين، يعني الاعتدال والتسامح وهذا ماتجلى في لقاء الزعيمين الروحيين السيستاني والبابا ، والرسائل والبيانات التي اطلقت من النجف تعزز دورها كحاضنة للاعتدال والوطنية الشيعية قبل الهوية الطائفي..
هذا هو عمق مدرسة النجف، بتاريخها وتراثها ودورها المؤثر في ماضي العراق وحاضره ومستقبله، هذا ما يسعى له ايضآ اليوم تيار الحكمة ورفع شعاره، بالدعوة للاعتدال والوحدة الوطنية، التي تجمع كل شرائح الشعب العراقي، لان
الهوية الشيعية لا تصان وحقوق المواطنين لا تُستوفى، إلا بالهوية الوطنية العراقية الجامعة، التي يشترك فيها جميع شركاء الوطن، وهذا حال جميع المكونات في البلاد».
هناك من يريد تحويل الشيعة العراقيين، من أغلبية وطنية عراقية إلى أقلية مذهبية عربية، وكما جرى في بعض الدول، حيث تم ربطهم بمشاريع نفوذ إقليمية أضرت بمصالحهم الوطنية، فتعطل اندماجهم الوطني، ودفعوا ثمن قيام من صادروا قرارهم بترسيم حدودهم داخل أوطانهم، ودفعهم إلى التصرف كأقلية قلقة تقدم الخاص على حساب العام، ما تسبب في تشويه علاقتهم بفكرة الدولة، وهو ما يخالف تراثهم الثقافي والاجتماعي وحتى موروثهم الروحي.
أنّ سبب الطائفية هو الاحتلال الأميركي ومشروعه الاستعماري. فالأميركيون هم من زرع الفتنة بين العراقيين: “كان من المفترض بكثير من العراقيين العمل بشعار الرئيس نيلسون مانديلا عندما خرج من السجن وعاد ليوحد شعبه، وهو شعار عفا الله عما سلف. فهذا حقاً ما يشعر به كلّ عراقي ليست له مصلحة إلاّ وحدة واستقرار العراق”.
هكذا افهم السيد السيستاني دام ظله ضيفه البابا، عندما دخل في ذاك الزقاق الذي كان يتوقعه قلعة أحاط بها الذهب والياقوت والزمرد، كلا! انه بيت بسيط يجلس فيه ذلك العالم الرباني، الذي اطفئ كل مؤامرات الشرك، التي سعت ولا زالت تسعى لتجزئة العراق، لكنه سمع صوتآ أخرج العراق من التجزئة، ليبقى واحد موحد بكل طوائفه لأفرق بينهما فهم أنفسنا.
مما جعل البابا يقول قولته” أنه وجد السيستاني “حكيماً عظيماً” وأن الاجتماع “سما بروحي”.