18 ديسمبر، 2024 5:21 م

الوحدة بقائدها.. مفهوم في محله!!

الوحدة بقائدها.. مفهوم في محله!!

هذا العنوان عبارة عن مقولة شائعة الاستخدام في الوسط العسكري، لان القائد والوحدة من المصطلحات الموجودة في القطاعات والمراسلات الرسمية العسكرية، وهذا المصطلح يعبر عن أهمية القائد في التنظيم والتوجيه والتعبئة والتحصين وتحقيق النصر، فكم من قائد أستطاع بشجاعته وحنكته وصبره من تحقيق المعجزات وتجاوز العقبات وترك بصماته من بعده سواء في التدريب او الهجوم وحتى الانسحاب من سوح القتال.
شاع استخدام هذا المصطلح في مجالات اخرى منها الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية..الخ ذلك لما للرئيس او القائد او الرجل الاول من دور كبير في اداء ومهام المؤسسة التي يقف على رأسها بالسلب والإيجاب.
فإذا كان الشخص الأول في أية مؤسسة يمتلك شخصية قوية قائمة على أساس الرصانة والخبرة والنزاهة والقدرة على إتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة في الوقت المناسب ويستطيع أختيار فريق عمل من مجموعة من الافراد الذين لديهم خبرة كبيرة وحب ومعنويات عالية والعمل بروح الجماعة والمنافسة الشريفة ويملك هذا الرئيس أفكار جديدة وخطط عمل متعددة ومتنوعة، فإن هذه المؤسسة ستشهد تطورا ايجابياً وملحوظاً في عملها ويذيع صيتها في وقت قصير لتصبح نجماً لامعًا ومحل تقدير واحترام من قبل الجميع، ولكن بتغير هذا الرئيس سواء بالنقل او الوفاة او الإحالة على التقاعد سرعان ما يبدأ مستوى أداءها بالنزول الى ان تصبح مثل المؤسسات الأخرى، وهذا ينطبق على الأحزاب السياسية والمنظمات الدولية والاقليمية والمحلية وحتى المكونات الاجتماعية في المجتمع من القبائل والعشائر والافخاذ، فكم من حزبٍ سياسي حقق انجازات كبيرة وزاد من عدد تنظيماته واستولى على السلطة لان رئيسه شخصية قيادية جذابة ومؤثر باسلوبه وخطابه وقادر على توحيد الصف والكلمة وبقي في المقام الاول إلى ان يجري تغيير الرئيس بآخر أقل كفاءة وجاذبية وتاثيراً فيبدأ العد التنازلي له وكثيرًا ما يتدارك تنظيمات هذا الحزب الى اهمية رئيسهم الاول فيظطرون إلى اعادته من جديد إلى الرئاسة.
يجد هذه القاعدة مكانًا بارزاً في كافة البقاع من شرق الأرض ومغربها مهما اختلفت في أسماءها وطريقة عملها ودرجة تطورها ولكنه بمستوى أقل في الأنظمة التي تتمتع بنظام مؤسساتي قائم على رسم خطوط عريضة في العمل وسياسات شبه ثابتة تجاه القضايا المختلفة والتي تعتمد على مراكز الابحاث والدراسات العلمية في اختيار ما يمكن ان يقوم به.
ان أختيار القادة والرؤساء امر في غاية الاهمية لأي مجتمع و وحدة لان كل إنسان يملك من القدرة والأفكار ما لا يملكه غيره، وهذا ما نسمعه كثيرًا بان القائد الفلاني استطاع إجراء تغييرات كبيرة في اداء الوحدة الفلانية وتمكن من رسم هيكل جديد لها مناسب ليلحق بركب التطور وتجاوز المرحلة.
فكم من شخص ترك بصماته واثره في مسيرة مؤسسة او جهة معينة وحقق نجاحا كبيرا لها وفي المقابل هناك الكثير ممن لا صوت لهم ولا صورة وأنهم قضوا أيامهم دون أثر يذكر وسرعان ما يختفون من الذاكرة وإن ذكرهم احد فسيكون بالسلب دون شك.
أولى الدين الاسلامي الحنيف أهمية كبيرة للقادة ( الإمام) ووضع شروطاً متعددة لمن يتولى الإمامة ناهيكم عن ضرورة وجود قائد او امام لكل مجموعة من الافراد سواء كانوا في المدن أو خارجها و وجب إطاعته والالتزام بأوامره ما لم يكن مخالفًا لشرع الله.
أخيرًا فإن كل حزب أو مؤسسة تفتخر برئيسها الذي حقق التقدم والازدهار لها في فترة وقوفه على رأسها، وهم قليلون على الرغم من طول عمرها وتاريخها وسنوات نضالها وتولي أشخاص عديدة لرئاستها.
فكم من بيت أصبح ملاذًا آمنًا ومكانًا يؤوي اليه كل جائعٍ أو صاحب مسألة لان من يقود البيت شخص قائد وجذاب ومؤثر وقادر على إتخاذ القرارات الصعبة وإيجاد الحلول المناسبة، ولكن سرعان ما تسد ذلك البيت أبوابه بوجه كل من يقصدها لان من كان يقودها لم يعد في مكانه سواء بالوفاة أو العجز والتقدم في العمر، التاريخ يعلمنا الدروس والعبر ولكننا نحتاج إلى طرق أبوابه بكل اخلاص ونية صادقة للاستفادة فبطونها مليئة بتجارب المجتمعات ودور القادة في مسيراتها..