20 مايو، 2024 9:13 ص
Search
Close this search box.

الوحدة العربية الفاعلة فينا!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

الوحدة العربية قائمة في دنيا العرب منذ أن وُجد العرب , أي أنها موجودة , لكن العقل العربي ينكرها ويتوهم سواها , ولهذا أمضت الأجيال مسيراتها تطارد سراب الهذيانات والتخريفات التي تسمى فكرية , وبموجبها أو على ضوئها تأسست الأحزاب الوحدوية والقومية , وما شاكلها من إضطرابات سلوكية عصفت بالواقع العربي على مدى القرن العشرين ولا تزال.

وقد أتعبت أسماعنا نداءات “توحيد الأمة” , توحيد العرب ” “توحيد المسلمين ” , وإنتهينا إلى نداءات ” توحيد المواطنين” , توحيد الشعب” , بل إلى توحيد طائفي وعنصري وشيفوني مهين.

فالوحدة قائمة وفاعلة فينا , والدعوة إلى الوحدة في كيان الوحدة يعني النقيض , أي الفرقة والشقاق والتفتت والصراع المستديم , وهذا ما أنجزته الدعوات الوحدوية التي وصلت إلى عكس ما تدّعي , أو أنها في حقيقة أمرها إنتهت إلى جوهر وفحوى دعواها.

فالدعوات الوحدوية العربية والإسلامية , مثل دعوة الإنسان الفرد إلى أن يكون واحدا , فيدخل في متاهات الوهم والتخريف فيحسب الوحدة بتدمير نفسه وتبضيع كيانه , فيرى أن قلبه ضد رأتيه وعيناه ضد أذنيه ويداه ضد رجليه , وهكذا حتى ينتهي به الأمر إلى أن يكون معوقا ومقعدا , لأنه يبحث عن وحدة في وحدة قائمة متكاملة فاعلة في تكوين قوته والتعبير عن حياته.

وفي حقيقة الدعوات الوحدوية أنها لم تفشل , بل نجحت تماما في تحقيق أهدافها , لأن القول بالعمل على الوحدة في كيان واحد يعني تدمير ذلك الكيان , وهذا ما حصل حقا في الواقع العربي والإسلامي.

فالعرب أمة واحدة شئنا أم أبينا , ولديهم كافة مقومات الوحدة الكينونية المتكاملة المتنامية فيهم منذ قرون وقرون , فالوحدة العربية ليست خيارا وإنما واقعا ملموسا وحيويا وكائنا متفاعلا مع الآخرين , فهكذا ترى الأمم الأخرى العرب , وهم لا يرون أنفسهم كذلك للغشاوات الفكرية والنفسية والعاطفية العاصفة في أروقة وجودهم , فتصيبهم بالعمى الحضاري والأمية التفاعلية.

فالإنحراف العربي تجسد في فهمهم أو إدراكهم لمعنى الوحدة بتكوين دولة واحدة تضمهم , وهذا خطأ بل خطيئة إدراكية ووعيوية وخيمة وخطيرة , أنجبت متوالية من المصائب والتداعيات المروعة في ديارهم , فهذا التصور خارج عن طبائع الأشياء وقوانين القوة والإقتدار , فالأمة الواحدة بدولها المختلفة تكون أقوى وأعز من كونها في دولة واحدة , وذلك لأن التعدد يمنحها حضورا دوليا أكبر , ويساهم في تنويع الطاقات والقدرات , ويؤدي إلى تكامل حضاري متميز وعظيم.

والعلة تكمن في أن الذين يسمون أنفسهم ساسة ومفكرين قد إنزلقوا نحو هاوية الوهم والسراب , وأفنوا حياتهم يطاردون خيط دخان , ولا يبصرون الوحدة الفاعلة ويلهثون وراء وحدة متصورة , لا رصيد لها من المنطق والواقع , ولهذا لم يتحقق إلا ما يناهض تصوراتهم وهذيناتهم العروبية والقومية , لأنهم ينكرون ما هو قائم وحاصل وفاعل , ويريدون أن يقيموا ما لايمكن أن يكون ويتحقق , فهم الغاطسون في الأوهام والعرب يمارسون وحدتهم وكونهم أمة واحدة , ولن تنفع الأوهام إلا أصحاب الكراسي الذين يتاجرون بها ليقبضوا على مصير الإنسان.
فتحرروا من أوهامكم وفكروا بعقل معاصر منير!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب