قال (جيمس جيفري) السفير الأميركي السابق في العراق: (إذا أريد للعراق الاستقرار والحاق الهزيمة بداعش فلابد من تواجد طويل الأمد للقوات الاميركية فيه) ! علماً أنه كان لتلك القوات تواجد في العراق من 2003 إلى 2011 ولكن من غير أن يتحقق الأمن و الأستقرار فيه أو تلحق الهزيمة بالأرهاب. بل أن الأرهاب تنامى واستفحل في ظل ذلك التواجد دع جانباً القول أنه مضى على وجود القوات الأميركية في أفغانستان ما يقارب الـ(14) سنة ولم تنعم أفغانستان بالأستقرار أو تلحق الهزيمة بالقاعدة وطالبان فيها وقل الشيء ذاته عن تواجد أمريكي يتمثل بسلاحه الجوي وخبرائه العسكريين في كل من باكستان واليمن ومنذ سنوات وأوضاع هذين البلدين من سيء إلى أسوأ.
وأضاف (جيفري) في مقابلة أجرتها معه مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أن (تواجد تلك القوات في العراق يحول دون تقسيمه وتفككه أو السماح لأيران بالهيمنة عليه)! والكل يعلم أن نفوذ ايران في العراق توسع وتحقق في ظل الأحتلال الأمريكي للعراق. فلأيران الآن الاف الجنود في العراق، ولولاها كما يقول القادة العراقيون لكانت بغداد واربيل تسقطان على يد داعش ولكان العراق (في خبر كان).
وتتقاطع اهداف أميركا مع اماني العراقيين بخصوص تقسيم العراق وتفكيكه، فالقناعة لدى العراقيين العقلاء والوطنيين الاصلاء تقول ان خلاص العراقيين من المآسي والمحن يكمن في تقسيم العراق وليس في وحدته القسرية التي هي مطلب اميركي أستعماري اصلاً بعد أن كان وما يزال مطلباً بريطانياً ويساعد على تحقيق المطلب ذاك. جهل العراقيين بخطورة الوحدة القسرية والمفروضة عليهم، سيما جهل القادة الشيعة والسنة الذين قاموا ويقومون بتنفيذه (المطلب) عن وعي أو غير وعي منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وإلى الآن، من غير أن يعلموا ان الغرب ينتهج مبدأ (وحد تسد) وليس المبدأ العثماني (فرق تسد). ومن هذا الفهم على العراقيين التحرك بأتجاه معاكس للمطلب الأميركي الاستعماري ويفككوا الوحدة القسرية المفروضة عليهم والتي فرضها الأستعمار البريطاني ويواصل الأميركان فرضه الآن وبحماس.
ان المخطط الأميركي للأبقاء على الوحدة القسرية خلافاً لمصالح العراقيين، عداء مكشوف وصريح لتطلعات العراقيين في تقسيم العراق والتخلص من الحروب العنصرية ضد الكرد والطائفية ضد السنة وحروب ابادة بحق مكونات عرقية ودينية مثل المسيحيين والأيزيديين والصابئة والتركمان.
لما مر، يتبين أن الأميركان يرومون تحقيق تواجد دائم لهم في العراق، والذي لن يتم إلا عبر الأبقاء على الوحدة القسرية فيه.
وإذ يرد الأميركان قيام ثلاث دول: كردية وشيعية وسنية في العراق، فأنهم في الوقت عينه يلمحون إلى القبول بدولة داعش على أرضه. يقول الجنرال والمستشار العسكري الأميركي (بوب أسكليس): (ان تنظيم داعش قد يتحول الى دولة في عام 2015) وتزامناً مع قوله هذا، نسب إلى الجنرال (جون ألن) منسق قوات التحالف الدولي من أن (أوباما لا يسعى إلى إبادة داعش وانه لم يقصد ذلك مطلقاً)! فتصوروا، كيف أن أميركا لا تريد إبادة ابشع تنظيم إرهابي عرفته البشرية في التاريخ الحديث. وربما، وليس بعار عن الصحة ما يتردد عن القاء أميركا للسلاح من الجو إلى داعش.
حتماً ان أميركا لن تقبل بهزيمة داعش و(الحرب مع داعش قد تستغرق 3 سنوات على أقل تقدير) حسب الجنرال جيمس نيري ومن قبله قادة اميركيون واوروبيون آخرون. وها نحن الآن في العام الثاني من الحرب معه وسندخل بلا شك العام 2016 أي العام الثالث من الحرب. بل أن الحرب معه ستدخل أعواماً كثيرة إذا قدر للمخطط الأميركي النجاح. وابقي على الوحدة القسرية.
عزيزي القاريء، كل الأقوال بين القوسين في هذا المقال أطلقت من قادة عسكريين ودبلوماسيين اميركيين خلال أيام قليلة وفي أسبوع واحد، ما يعني ان لا جديد في السياسة الاميركية. وأنها ماضية لايجاد موطيء قدم دائم لأميركا في العراق مستفيدة من الوحدة العراقية والقسرية وجهل القادة العراقيين بخطورتها على مصالح العراقيين.