دول الخليج تواجه تحدي وجودي مصيري والعالم العربي يتفتت وينقسم دولة بعد الأخرى ويتفتت كحبات الرمال الصحراوية التي تطير مع هبات الرياح وحالة التفتت والتقسيم شغالة من سوريا والعراق والسودان وليبيا وكأننا بطابور يبدأ بدولة لينتهي بأخرى.
هذه كلمة لله وللتاريخ نقولها مباشرة، نحن نحتاج الى دولة خليجية واحدة موحدة اندماجية وهي ضرورة تاريخية دفاعية حتمية بظل هذا الوضع العربي المنهار المفتوح على مشاريع الاخرين حول المنطقة العربية.
وهذه “الدولة الخليجية العربية الموحدة المتحدة ليست “ترف” فكري وليست “لغو” كلامي بل حاجة ومطلب وقناعة، يفرضها “واقع سقوط” عربي شامل يحتاج الى مقاومة
” خروج العرب…كل العرب” من التاريخ وغيابهم عن صناعة الحضارة والتنمية الحقيقية للأنسان والمجتمع.
فمشروع الوحدة الخليجية الاندماجية مصيري ومسألة استمرار “وجود” وعلينا المعرفة ان كل من هو غير عربي لا يريد لنا الوحدة الاندماجية وكل من هو ليس عربي يريد ان يستمر الحال كما هو عليه للابتزاز او محاولات صناعة السيطرة علينا.
ان الخليج يحتاج الى الوحدة كدولة واحدة اندماجية ذات علم واحد وسياسة خارجية واحدة وجيش موحد متحد وهذا اقل الايمان، وكذلك باقي العرب يحتاجون الى “إقليم قاعدة” يقودهم وينطلق بهم كطائر العنقاء الى السماء بعيدا عن مخططات التفكيك والتفتيت التي نجحت بواقعنا العربي.
الوحدة الاندماجية كفيلة بتحويل دول الخليج العربي الى قوة حقيقية حامية لذاتها وقادرة على مواجهة كل احتمالات الخطر الراهنة والمستقبلية وهو مطلب مشروع.
هذه كلمتنا لله وللتاريخ نقولها، كما تحدثنا سابقا قبل أكثر من عشرة سنوات وحذرنا من مخططات ايتان شارون لتقسيم المنطقة العربية وهذا ما حدث وتحقق بالعراق والسودان وليبيا والحبل على الجرار.
وكما قلنا كلمتنا لله وللتاريخ بخصوص نشر الكراهية الطائفية بين العرب وصناعة
“عدو وهمي” بديل عن الصهيونية وهي العدو الحقيقي الكاره لكل ما هو عربي، وهذه كلها مقررات منشورة إعلاميا علنيا لمقررات مؤتمر هيرتلزليا.
هذه هي “الكلمة” نقولها ونمضي مرتاحين البال والضمير لأن “الكلمة” أداء للمسئولية ومحاولة لنشر الوعي والبصيرة ومحاولة لقراءة الممحي إذا صح التعبير.
الوحدة الخليجية كدولة اندماجية مطلوبة اليوم قبل الغد فنحن العرب في خطر حقيقي وانهيار شامل حيث هناك مشاريع هيمنة وسيطرة ونفوذ ناجحة تتحرك ضد المنطقة العربية وتغلغلت داخل ارضينا.
هناك المشروع القومي الطوراني التركي العنصري المنطلق من “اسلام امريكي” و شعارات دينية خلفها مصالح “طورانية تركية عنصرية” متحالفة مع الكيان الصهيوني رسميا و متعاونة معه عسكريا و شريكة له تجاريا و تنسق معه امنيا و هذا المشروع القومي الطوراني التركي العنصري يحتل ارض عربية سورية عسكريا و كذلك مواقع عربية أخرى في شمال العراق و يحاول تصدير اوباش التكفيريين و مجرمين القاعدة و داعش الى الواقع الليبي لتوريط مصر الإقليم الجنوبي السابق للجمهورية العربية بمستنقع ليبي ناهيك عن ورطة نفس الإقليم بالخنق المائي و التعطيش من الجنوب وهذا الخنق المائي هو مطلب صهيوني و خطة صهيونية قذرة طويلة الأمد تنفذها اثيوبيا ضد الشعب العربي بالقطر المصري و هذا ليس كلامي بل هو ما قاله مجرم الحرب العنصري الصهيوني نتنياهو داخل ما يتم تسميته “كنيست” بخطاب علني حيث قال هذا المجرم القاتل :
“مع كوننا اننا موقعين مع النظام المصري اتفاقية “سلام” ولكن الشعب هناك رافض لنا وطريقة التركيع هي موجودة من خلال حلفائنا الأثيوبيين من خلال التعطيش لربط مصير هذا الشعب العربي بيدنا”
وهناك مشروع الجمهورية الإسلامية المقامة على ارض إيران المتأسس على مناطق
“فشل الدولة و غيابها” والمعتمد على صناعة تنظيمات مسلحة مغلقة مرتبطة بها كمواقع نفوذ و سيطرة و التي نجحت مؤخرا بأبرام “اتفاق ذكي مهم” بشراكة طويلة المدى مع الصين و تبادل النفط مقابل مشاريع ضخمة جبارة كبيرة “انشاء مدن , سكك حديد , مصانع , شبكات تقنية , موانئ , مراكز ثقافية , بعثات دراسية متبادلة , تصنيع عسكري” وهو نجاح ذكي للجمهورية الإسلامية تخلصت به من الحصار الخانق القاتل حيث تستفيد من الأربعين بالمائة من دخل الميزانية المفقود من بيع النفط بمشاريع عملاقة و باقي الستين بالمائة من ميزانيتها أساسه مصادر غير نفطية و بظل اكتفاء ذاتي من الابرة للصاروخ و حتى القمر الصناعي , واتصور ان على المدي بعيد المدي الاستفادة ستكون أوضح و قوة نفوذ الجمهورية الإسلامية داخل المنطقة العربية ستكون اقوي و اكبر مع اتفاق مثل هذا النوع.
والجمهورية الاسلامية المقامة على ارض إيران لا تريد مشروع الوحدة العربية الخليجية وستقف ضده لأنه مضاد وضد مشروعها للسيطرة على المنطقة العربية وصناعة حالة امبراطورية اقليمية ممتدة خارج حدودها لضمان بقاء نظام الحكم الاسلامي داخلها ضمن تطورات صيغته الحالية والتي هي منتوج تزاوج سلطة استخبارات عسكرية امنية مع حالة تجارية ومواقع نفوذ متكلس وهذه تفاصيل ناقشناها بمواقع أخرى بأسبابها ومسبباتها وهو موضع اخر وتفصيل مختلف.
اذن ما العمل؟ وماذا على العرب ان يقوموا به؟
مشاريع العرب تتمثل بثلاثية
الأول هو مشروع صناعة مشروع الحرير الكويتي بربط دولة الكويت بخطوط التجارة الصينية الجديدة وهو بطور التأسيس وبدايات التأثير وهو مشروع مهم وحيوي كان لنا معه قراءات ونقاشات ويحتاج كذلك الى قراءة استراتيجية لمتابعته ودراسة تطوراته.
الثاني مشروع الجبهة المشرقية السوري والذي سقط بفخ الثورات الناعمة وتدخلات الخارج العسكرية والاستخباراتية بكل تعقيداته وتشابك خطوطه.
الثالث المشروع السعودي الذي قام به المرحوم الملك عبد الله بن عبد العزيز المنطلق بالإعلان بالقمة العربية منذ العام 2000 بمنطلقاته الأولية بأصلاح النظام الرسمي العربي والتي لو سمعها العرب من المرحوم الملك عبد الله آنذاك وطبقوها لما تدهور حال العرب الى ما يحدث اليوم؟
طبعا كان هناك بمشروع المرحوم الملك عبد الله جوانب داخلية خاصة بالمملكة العربية السعودية ناقشناها بمواقع إعلامية عربية ودولية مختلفة ولكن اريد الانطلاق من دعوة الملك عبد الله بالوحدة الخليجية الشاملة بالعام 2011 وهو كلام مهم واستراتيجي كان يقرأ الساحة العربية والدولية ويفهم ماذا سيحدث بالمستقبل من انهيارات وهذا ما حصل وجرى، ونحن بحاجة الى إعادة تفعيل كلام المرحوم الملك عبد الله بخط التطبيق.
ماهي الإيجابيات الموجودة لدينا حاليا على ارض الواقع كحالة نلمسها ونعيشها ونتفاعل معها؟ كدول مجلس التعاون الخليجي؟
هناك اتحاد جمركي موجود
واليات لسوق خليجية مشتركة
وتوحيد اداري لسياسات القوى العاملة
توحيد الحركة الثقافية
السماح بالحركة التجارية الواحدة والتملك العقاري
معاملة مواطنين الخليج بالمثل
والتنقل ببطاقة الهوية العادية والغاء التأشيرات.
والاهم من هذا كله وليلاحظ الجميع انتشار كلمة “الخليجي” الجامعة وهي الصفة التي انتشرت كأسم جامع لمواطني دول مجلس التعاون.
اذن كل هذه الإيجابيات هي منتوج رغبة حقيقية بالتعاون الخليجي الواحد، ونحن فقط نحتاج لرفع “رغبة التعاون الناجحة” الى “رغبة الوحدة”
هناك مخاوف وتحديات هذا صحيح؟
هناك خوف بالفشل كما فشلت الوحدة المصرية السورية والتي انتجت دولة جديدة كان اسمها “الجمهورية العربية المتحدة”
وهناك خوف بتكرار فشل لاحق بما حدث بمشروع الاتحاد العربي بين مصر وليبيا والسودان وسوريا.
ولكن علينا ان نعرف ان فشل “الوحدة السورية المصرية” كان منتوج تأمر خارجي وأيضا غياب “رغبة” حقيقية بالاستمرار من ناحيتين فمشروع الوحدة آنذاك حسب قراءتي الذاتية وقد أكون مخطئا كان لأسباب داخلية مصرية سورية تتعلق “بالحكم” لذلك لم يتحرك المرحوم جمال عبد الناصر عسكريا لأنفاذها من التأمر لانعدام وجود رغبة باستمرارها وانتهاء الأسباب الداخلية “للحكم داخل الإقليم المصري” كما انتهت الأسباب الداخلية داخل “القطر السوري”
اذن غياب للرغبة والتأمر الخارجي كان السبب.
وبالاتحاد العربي بالسبعينات جاء أيضا لأسباب “حكم داخلية” ورغبات دعائية استعراضية لزعيم انقلاب ليبيا العسكري العقيد معمر القذافي رغم الإخلاص السوري للوحدة بعد حكم حزب البعث الجناح اليساري بقيادة المرحوم حافظ الأسد والذي أعاد المحاولة مخلصا وايمانا مع العراق والتي انتهت بمذبحة قاعة الخلد الذي قادة الانحراف الاجرامي التسلطي للطاغية صدام حسين الساعي لمشروع “حكم فرد” قتل فيه كل “بعثي يميني مؤدلج” مؤمن بالوحدة واستبدلهم بأوباش البشر وحثالاته من مجرمين وسفلة وقتلة ومغتصبين.
بالوضع الخليجي أتصور ان الامر مختلف جدا لماذا؟
لأن هناك رغبة سابقة بالتعاون نجحت كما ذكرنا وكذلك هناك تجارب للوحدة السياسية نجحت واستمرت بالواقع العربي الخليجي وهي وحدة دول الساحل الخليجي العربي ضمن دولة الامارات العربية المتحدة وكذلك وحدة المملكة العربية السعودية ضمن بلد واحد.
السؤال يطرح نفسه الان وبقوة؟
اليس حال الوحدة بين دول الساحل الخليج العربي والتي تم تتويجها بأعلان دولة الامارات أفضل؟
بالتـأكيد نعم
اليست وحدة المملكة العربية السعودية أفضل؟
والاجابة أيضا نعم
فمنافع الوحدة طاغية ومسيطرة وهي نافعة للجميع.
نحن نقول ان على النظام الرسمي الخليجي العمل على انشاء الوحدة الخليجية وخلق صيغة حكم جامعة بين الجميع لصناعة دولة جديدة بالمنطقة موحدة ذات علم و جيش و سياسة خارجية موحدة واحدة , و كما نجحت بلدان الساحل الخليج العربي بصناعة صيغة تجمعهم نحن نقول ان باقي بلدان مجلس التعاون الخليجي يستطيعون صناعة “صيغة حكم” تجمعهم و توحدهم , وحتى اذا تم ابتداع وحدة لصيغة حكم جديدة مختلفة عن كل بلدان العالم فلا بأس ما دامت تخدم هدف الوحدة الاندماجية , و هذا الامر ليس بدعة اذا صح التعبير , فالأمريكان ابتدعوا صيغة حكم خاصة بهم حسب ظروف “الاتحاد و الوحدة لديهم” حيث انهم كذلك منتوج “وحدة بلدان مستقلة” و كذلك إيطاليا منتوج اتحاد بلدان و أيضا المانيا منتوج
” وحدة بلدان” وكلهم ابتدعوا صيغ حكم خاصة بهم، والامر كذلك في ماليزيا.
ما اريد قوله ان ليس من المطلوب تقليد الاخرين بصيغ الحكم او استعارتها بل نستطيع صناعة صيغة حكم بنا بالخليج.
وكذلك لماذا حلال على الامريكان والطليان والالمان الوحدة وهي “محرمة” دوليا على العرب والخليجيين منهم بالتحديد؟
الوحدة الخليجية وصناعة إقليم قاعدة موحد يجب ان يكون الهدف الان قبل أي شيء اخر فهي المخرج والحل اما واقع التجزئة فواقعه مر ومؤلم في ظل سقوط عربي شامل بمشاريع الاخرين وخروج العرب كأمة من التاريخ ومن مواقع صناعة الحضارة وخلق الابداع الإنساني وصناعة تنمية إنتاجية حقيقية.
اذن كيف السبيل الواقعي العملي التطبيقي لصناعة وحدة الخليج الضرورة التاريخية الدفاعية الحتمية؟
بمؤتمر القمة الخليجية الأخير تم انشاء الاكاديمية البحثية الخليجية للدراسات بتمويل مشترك هذه الاكاديمية المؤسسة تستطيع عمل لجنة مشتركة بين كل دول الخليج العربي لدراسة مشروع الوحدة وتأسيس أساس لهذا المستقبل وصناعة صيغة حقيقية فعالة وفق صياغة تضمن حق الجميع وتزيل مخاوف كل من اشترك فيها حيث تحل كل التناقضات وتناقش كل الأمور الخاصة بالوحدة والاندماج وفق أسس فنية ورؤية واضحة بالاتفاق بما يضمن حقوق الكل، وهذا ضمن فترة زمنية محددة لتقرير كيف تكون؟ وكيف تتم صناعة حالة الاندماج؟ ليتم بذلك صناعة خطوط الوحدة بشكل صحيح فنيا وإداريا ومؤسسيا.
يجب التأكيد المتكرر ان عمل هذه اللجنة المشتركة ضمن هذه الاكاديمية الخليجية للدراسات المنشأة حديثا ضمن مجلس التعاون الخليجي يجب ان تكون ضمن جدول زمني محدد لدراسة كل التفاصيل والأمور وان يتم اعلان نتائج مباحثات اللجان شعبيا وإعلاميا ومن ثم يتم تفعيل الوحدة الاندماجية بخط التطبيق.
هناك من يقول ان مشروع من هذا النوع خيالي لأن لكل دولة خليجية حساباتها وعلاقاتها مع دول معينة وكتل مختلفة وهناك من يقول ان الوحدة الخليجية الاندماجية تمثل حالة من اللا واقعية الصعبة التحقيق؟
ما هو البديل لدى أصحاب هذا القول؟
فليقدموا لنا بدائل المواجهة؟
نحن نعرف ان ليس لديهم البديل؟
لذلك قلنا ان الوحدة الخليجية ضرورة تاريخية دفاعية حتمية وهذه هي كلمتي لله وللتاريخ.