الوجوه التي تتصدر المشهد السياسي خالية من قسمات الرحمة والألفة والتعبير الطيب الحميد , فهي معبّسة كالحة معفرة بالكراهية والبغضاء والعدوانية , عيونها تقدح بالأحقاد والإنتقامية , ولا فرق بين وجوه النساء والرجال , فكلها تنث سوءً وتُطاير شررا!!
فهل لديكم وجه تشعر بالراحة والإطمئنان وأنت تنظر إليه؟!
هل لديكم وجه عندما تراه يبعث فيك الأمل والرجاء ويساهم في إيقاد إرادة الحياة؟!
هل وجدتم وجها يمكن مقارنته بوجوه ساسة الدنيا؟!
أنظروا الوجوه التي يتم إنتخابها والقول بأنها تمثل الشعب , هل فيها وجه يعبّر عن قسمات إبن البلاد والمجتمع؟
كلها وجوه بائسة حزينة مكتئبة شاحبة مكفهرة تشيع في النفس المشاعر السلبية , وتحفز على التنافر والتباعد والفرقة , وأكثرها يثير القرف والإشمئزاز , وهي تؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على السلوك والنفسية الجماعية , وتصيب الناس بأضرار نفسية جسيمة , ربما يحتاج البعض بسببها إلى علاج!!
وجوه ما أن تظهر أمامك حتى تتعوذ من ألف شيطان رجيم وشيطان , لأنك تحسبها ممثلة لأباليس البلاء والهلاك , بل وكأنها وجه الموت الذي أرعب ذات يوم أحد خدام تاجر في بغداد فهرب مهلوعا , يحسب أنه سيهرب من الموت , لكنه واجهه في المكان الذي عليه أن يموت فيه.
هذا الكلام ليس تندرا أو نيلا من أحد , وإنما لتقييم ظاهرة فاعلة في المجتمع وجاثمة على صدر أبنائه , والناس تعيد تكرارها بأساليب تسميها ديمقراطية , وما هي كذلك , فتأتي بذات الوجوه المعفرة بالتعابير التي لا تنفع الوطن والمواطن.
فهي متوترة , قلقة , محنطة متصملة متوجسة خائفة خائبة , الشك الرهيب يعتصرها , والرد الإنعكاسي المتأهب يكتنفها , والروح العدوانية تغمرها , وعيونها تفضحها , وحركاتها تبرهن على ما فيها من نوازع تدمير وتخريب , فهي ليست وجوه ذات عافية نفسية وسلوكية , ولا تمتلك قدرات فكرية تؤهلها لتحقيق أماني المواطنين , وإنما جدها وإجتهادها في القهر والتنكيل والحرمان , والإستئثار والإستحواذ والتغني بألحان الفساد والإفساد.
وجوهٌ مسودةٌ , وما أدراك ما في جعبتها من أحابيل المساوئ والنوائب والشرور , لكن الناس تنتخبها وتنصبها على مصيرها , وكأنها لا تراها وتحسب أن الشياطين ملائكة.
تلك وجيعة وفجيعة مصيرية تحل ببلدٍ غادرته الوجوه النضرة , وتحكمت به الوجوه الأشرة , فهل من وجه صبوح؟!!
د-صادق السامرائي