23 ديسمبر، 2024 4:32 ص

الوجه الاخر للمثقف العراقي

الوجه الاخر للمثقف العراقي

كلمة ثقافة من الكلمات التي تحمل الكثير من المعاني التي يتعجب على هذه الكلمة المتكونة من خمسة احرف ان تحويها، الا ان السياق العام لهذه الكلمة قد حُرفَ كثيراً في الوسط الثقافي العراقي حينما دخله كل من هب ودب فشوهت الصورة الحقيقية لهذه الكلمة المقدسة والتي اعلن القداسة لها لطالما ان هناك أناس يقدسون شخوصاً لا يحملون صفة الشرف، هذه الكلمة اقترنت بالاشخاص الذين يرتادون المقاهي التي يجتمع فيه الفنانون والصحفيون والادباء والكتاب فمن يجلس هناك ويحتسي القهوة مع تحديد مكانه على مواقع التواصل الاجتماعي من اجل الاعجاب والتعليق فهو مثقف.
السيلفي في شارع المتنبي درباً مختصراً للثقافة، اما اذا اراد ان يطل الدرب فيها فعليه بقرأة كتابين من تلك التي لا يفهم معناها ويا حبذا لو استطاع ان يخزن في ذاكرته السميكة بعض المصطلحات التي يتمنطق بها مع بعضاً من اصحابة حينما يتناقشون في الاماكن العامة كي يرى الناس انهم مثقفون ويعرفون كثيراً، ولديهم قدرة على تفسير اللاشيء ويصنعوا منه شيء اخر، هؤلاء الفئة دوماً لديهم قفزة نوعية من العقل الديني المتحجر الذي يرفض العلم الى الالحاد المطلق المتطرف ودماً تجد مشاكلهم يعودون بها الى الله، كيف ذلك ؟ لا اعلم ولم اجد تفسيراً لهذا الا انهم لا يعرفون انهم من حيث ينكرونه يثبتوا وجوده ولا يشعرون، هذه الفئة ممكن ان تعتبر ضحية الانفتاح الكبير والمفاجىء.
يقول بيت الشعر (ان كنتَ لا تدري فتلك مصيبة.. وان كنتَ تدري فالمصيبة اعظمُ) هذا البيت يصف حال الثقافة العراقية في ايامنا هذه، فمثقفينا كثيرون الا ان اغلبهم سطحيون، اما القلة القليلة منهم وهم الحقيقيون فهم للاسف متعالون متكبرون لا يريدون ان يصلوا الى عمق الشارع، الا في كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي ينظرون بها ويأسسون ويخربون ويعيدون صياغة الاحداث حسب اهوائهم وبعضهم حسب الجهة السياسية التي يعملون معها في الخفاء، وبالتالي يظللون الواقع بدل من قيادة الناس الى الحقيقة والواقع، وهناك نماذج كثيرة يعرفها العراقيين وربما اصبحت ورقات خاسرة لدى السياسين، متناسين هؤلاء المثقفين ان الثقافة ليست كلمات ولا منشورات ولا عدد كتب بقدر ما هي اسلوب حياة واستخدم ما نتعلمه من القراءة والمعرفة والتجارب على ارض الواقع وهذا يوضح الفرق بين المثقف في العالم المتقدم وبين المثقف التابع القابع في برجه العاجي وينظر في الحداث من برجه العاجي في وطننا العربي عامة والعراق خاصة، وهو لا يكلف نفسه بالرد على تعليق شخص بسيط من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي، وان رد فهو يرد بتعالي او استهزاء، مع الاخذ بنظر الاعتبار انه يحذف كل تعليق يخالفه الرأي او يرد عليه بالتجاوز وهذا ما رأيته في كثير من صفحات مثقفينا.
شاهدت حالة اول امس من هؤلاء المثقفين الذين يملكون اكثر من صفحة تحتوي على بضعة الالف من المتابعين في رد على احد متابعيه كونه اخطأ في حرف وكان المتابع قد ذكرة في الردود كونه متعمد في الخطأ لغاية ما، الا ان هذا لا يهم بقدر اهمية الرد من هذا المثقف الذي كان صادماً بوصفه للشخص الذي علق بأنه حمار “مطي” كونه علق هكذا ومع توضيح الامر من قبل الشخص المتفاعل وشكر المثقف على رده لم يعود ليعتذر او يوضح او يبرر فعلته هذه وهذا حالنا بسبب فساد سياسينا وتكبر وتبعية مثقفينا ويريد الشعب ان يتحضر؟ كيف نتحضر وهذه الفئات لازالت تقود مجتمعاً اعمى كالقطيع يخاف ان يواجه تناقضاته.‫