منذ اعلان الرئيس الامريكي الاسبق، بوش الاب، قبل ثلاثين عاما؛ عن وضع حد او خطة لمعالجة الصراع العربي الفلسطيني، بوضع برنامج لأقامة دولتين، فلسطينية واسرائيلية، والاخيرة، قائمة اصلا على ارض فلسطين، تعيشان جنبا الى جنب؛ واكد على اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، والقضية الفلسطينية تواصل انحدارها على الرغم من نضال الشعب الفلسطيني والتضحيات الجسيمة التى قدمها على طريق كفاحه لنيل حقوقه، سواء بالعمليات الاستشهادية او بانتفاضات الحجارة التى تواصلت لسنوات، منذ عام 1987في انتفاضتين، ادهشت في وقتيهما العالم، لقوة زخميها واتساعيهما ونفسيهما في الصبر والمطاولة في تحدي باسل لظرف الواقع الذي يعيش فيه، شعب فلسطين. ففي الفترة التى سبقت اتفاقات اوسلوا، التى توقفت فيها وبعدها، انتفاضة الحجارة لحين، اذ اندلعت بعد سنوات، الانتفاضة الثانية، استمرت اسرائيل في قضم الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، ببناء المستوطنات عليها، وعلى الجانب الثاني وفي التوازي الزمني، كانت هناك، تدور مفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين والتى انتجت لاحقا اتفاقات اوسلو، التى كان من بين اهم بنودها، هو اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية باسرائيل، وفي المقابل تتعهد اسرائيل باقامة دولة فلسطين في مُدد زمنية محددة بالاتفاقات، كتمهيد لهذا، يتم اقامة سلطة فلسطينية في الضفة الغربية، وهذا هو ماكان وقد حصل فعلا. في عهد الشهيد، المرحوم ياسر عرفات. بعد اقامة سلطة فلسطين في مقاطعة رام الله، تجددت انتفاضة الحجارة الثانية واستمرت لسنوات، بالاضافة الى العمليات الاستشهادية والتى كان من نتيجتها ان تتحول الهجرة من اسرائيل الى خارجها. وايضا تابعت اسرائيل تشييد المستوطنات على الرغم من الهجرة العكسية ولكنها لم تكن بحجم وضخامة ما جرى من بناء لها بعد رحيل الرئيس المرحوم ياسرعرفات، الذي كان يحد منها والمقصود بناء المستوطنات، سواء في نشاطه في المحيط العربي في ذاك الوقت الذي لم ينفرط تماسكه بعد ولو كان بالحد الادنى، وفي المحيط الاقليمي وفي المجال الدولي. استمرت مفاوضات ما كان يسمى في حينها، مفاوضات الحل النهائي، الذي لم يسفر عن اي نتيجة مهما كانت صغيرة على الرغم من استمرارها ولسنوات حتى رحيل الرئيس ياسر عرفات في عام 2004، في عملية او في مرض يثير حوله الى الأن،الكثير من علامات الاستفهام. كان الكيان الصهيوني، خلالها وكما اسلفنا؛ يفاوض من جانب ويتابع قضم اراضي الضفة في الجانب الثاني. استمر الوضع على ماهو عليه بين التفاوض حينا ووقف التفاوض في حين اخر، والكيان الصهيوني مستمر في هدم المنازل وتشريد ساكنيها بعد اجبارهم على دفع كلف الهدم، الى ان بدأت التسريبات المقصودة عن صفقة القرن في الصحف العبرية.. منذ اكثر من ثلاث سنوات والتى رافقها، تحويل قسم كبير من بنودها، واقعا على الارض؛ اعتراف امريكا او اعتبار الولايات المتحدة، القدس، كل القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وقطع المساهمة الامريكية عن الاونروا الى اعتبار المستوطنات قانونية وهي التى تم اقامتها بعد اتفاقات اوسلو على اراضي الضفة الغربية التى كانت هي الارض التى تم الاتفاق عليها،بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، لأقامة دولة فلسطين عليها، بضمانة الرباعية الدولية والتى من ابرز دولة فيها، هي الولايات المتحدة الامريكية، وفي الحقيقة، هي المتعهد والضامن الاهم ان لم نقل الوحيد. في عام 2000وفي مفاوضات بين المرحوم ياسر عرفات واسحاق رابين وبرعاية الرئيس الامريكي في حينها، بل كلنتون والذي فيها تم التوصل الى او اعطاء الفلسطينيين، دولة في حدود او على 90% من اراضي فلسطين، في الضفة الغربية والقطاع، على ان تكون القدس الشرقية، عاصمة لدولة فلسطين وقد رفضها المرحوم ياسر عرفات، وانهارت المفاوضات في حينها.. صفقة القرن التى اعلن عنها ترامب قبل ايام، تحدد مساحة الارض التى سوف تقام عليها دولة فلسطين ب40% من مساحة اراضي الضفة والقطاع على شكل كانتونات، وتعويض الفلسطينيين بمنطقتين في الصحراء على الحدود المصرية، عن اراضيهم الخصبة التى تم بناء المستوطنات عليها، على ان تكون القدس عاصمة للكيان الصهيوني، غير قابلة للتقسيم، مع اعطاء جزء من محيط المدينة للفلسطينيين كعاصمة لدولة فلسطين المزعومة في قرية ابو ديس، دولة منزوعة السلاح مع سيطرة امنية اسرائيلية، و30% للكيان الصهيوني على ان تكون ال30% الاخرى يجري البت في عائديتها في الاربع سنوات التالية، مع الغاء حق اللاجئين في العودة الى ارضهم. المؤشر المهم على موت هذه الصفقة عند الاعلان عنها من جانبين، هما الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية، فيما غاب عنها، الجانب الفلسطيني، مع ان القضية، قضيته، أذ تم تجاهله في مناقشة بنودها وفي الاعداد لها، على الاقل في ضمان تطبيقها اذا اريد لها ان تكون منصفة وتقدم حلا واقعيا، طبقا لقرارت الامم المتحدة ذات الصلة، كي ترى النور وتكون وثيقة للسلام، لكن من كتبها، ضرب عرض الحائط، جميع القرارات الدولية ومن اهمها، القرارين؛ 242و338، لذا فهي بعيدة كل البعد عن طريق السلام. ان غياب الشريك الفلسطيني، صاحب الشأن والقضية؛ يؤكد موتها حال بثها بصوت ترامب. بالاضافة الى رفضها او عدم التجاوب معها والتشكيك بجدواها من قبل القوى الدولية، روسيا والاتحاد الاوربي والصين، اغلب هذه القوى الدولية، اوضحت في ردها، من ان اي حل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، يجب ان يستند على المرجعية الدولية والشرعية الدولية في اطار الحل للقضية الفلسطينية؛ وفي هذا السياق، اكدت روسيا من ان اي حل يجب ان يكون في اطار التسوية الدولية. لذا وبكل تأكيد، ان من اعدها وروج لها، كان وهو يبرمجها على قناعة تامة من انها لايمكن ان تكون طريقا للسلام والحل بل كان يراد منها ان تكون طريقا لهدف اخر،( الذي سوف نأتي عليه لاحقا في هذا المقال..) ان فلسطين كل فلسطين وهنا نقصد القوى الفلسطينية المناضلة وشعب فلسطين، رفضوها رفضا قاطعا حال الاعلان عنها، من المحال ان يقبل الفلسطينون وهي على ماهي عليه وما تحمل بين طياتها من سيوف لقتل قضيتهم في الارض والانسان والحلم الذي عاشوا عليه وناضلوا من اجله ولم يزلوا يكافحون بالجسد العاري وطيلة ثلاثة ارباع القرن، من اجل ان يتحقق لهم هذا الحلم، الذي سوف يتحقق، حتما ذات يوم. ان صفقة القرن من اعدها وروج لها ولايزال وسوف يستمر في الترويج لها؛ نعتقد من وجهة نظرنا المتواضعة؛ انه يدرك ان حظها في التطبيق على الارض والواقع هو صفر وفي جميع الاحوال ومهما كانت الضغوط في الظروف العربية الحالية والملائمة لها؛ لسبب واضح كل الوضوح، وهو ان هنا شعب ليس في مقدوره لانفسيا ولا ذهنيا ولا تاريخيا ولا في النضال الذي جبل عليه ولعقود مديدة، ان يبيع ما تبقى من وطنه مقابل حفنة من دولارات الخليج العربي التى تحمل في نسيج اوراقها، سموم الموت للانسان والارض والحياة. يبقى السؤال المهم والمهم جدا في هذه العملية البعيدة عن القانون الدولي والشرعية الدولية والاخلاق والانسانية، هو ما الهدف منها او ما هدف، من طرحها وللاجابة على هذا السؤال، على الرغم من ان البعض من هذه الاجابة، وفرها ما ورد في صدر المقال. ان هذه الصفقة ليس الغرض منها التطبيق، الذي كتبها يعرف تماما من انها غير قابلة للتطبيق للاسباب التى اوردنها مسبقا، في هذه السطور المتواضعة؛ الهدف منها اي من هذه الصفقة هو اللعب بالوقت بتخليق غطاء تحاوري في المحيط العربي من دول الخليج العربي من التابعين الاذلاء وغيرهم من دول المنطقة العربية، وفي الاخذ والرد والجولات المكوكية التى سوف يتم تحريكها في الظاهر وفي الخفاء، لأبتلاع ارض الضفة حين يجري الانشغال وربما لسنوات بالضغوطات من كل جانب وبالمناقشة تحت الطاولة وفوق الطاولة، لتضييع الوقت من دون حل اممي بديل عن صفقة العار هذه.. ان طرح صفقة القرن، هي لغرض التمويه على الهدف الحقيقي.. هو ما جرى في الثلاثين سنة المنصرمة من وضع حلول واتفاقات ومفاوضات لم تسفر عن اي نتيجة مهما كانت صغيرة بل على العكس، كان فيها ومن خلالها وباستثمار الوقت، تم ابتلاع الارض، تباعا، قطعة، قطعة. عليه ومن صلب هذا الواقع العربي والاقليمي والدولي وشراهة ووحشية الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية، الذي تفرضه عليهما، احلام التوسع والتمدد بلانهاية حتى يبتلع اخر قطعة ارض من ارض فلسطين وربما في الجوار الفلسطيني؛ تحقيقا لحلم التوارة في اسرائيل الكبرى واحلام الانجيليون الجدد في إمريكا. ليس امام الشعب الفلسطيني وظهيره، الشقيق العربي والاسلامي، الا العودة الى دروب النضال والكفاح، الذي لامحال سوف يحرك الضمائر الحية في العالم و يحرك غيرة وشهامة وضميرالعرب في المنطقة العربية والمسلمين في كل مكان من المعمورة، دعما واسنادا لقضية فلسطين..وسوف يجبر العالم والضمير العالمي في البحث الجدي عن حل ناجع يعطي للفلسطينيين حقهم في ارضهم وفي الوجود والحياة..