للفساد المالي في العراق أوجهٌ متعددة كثيرة تم ايجادها من قبل السياسيين والمسؤولين الجدد من أجل الحصول على أكبر قدر من المال الذي يحقق لهم العيش المترف على حساب معاناة الشعب العراقي . وبعض هذه الأوجه يكتنفها نوع من الشرعية الباطلة لكي لا يتعرض أصحابها للمساءلة والمحاسبة . ولوْ جمعنا الأموال التي يتم هدرها سنويا عن هذا الطريق لوجدناها كبيرة جدا لا يقل حجمها عن حجم السرقات الأخرى . وهي تمثلُ بلا شك استهانة كبيرة بالمال العام وبحقوق الشعب العراقي ، والأمثلة على هذا الأمر كثيرة ولا تحتاجُ الى أيّ تأويل أو تبرير …. أوجز بعضها :
أولا : هل يعلمُ العراقيون أن الراتب التقاعدي للسيد غازي عجيل الياور الذي تولى منصب رئاسة جمهورية العراق لفترة قصيرة جدا و بشكل مؤقت من قبل ( برايمر) والراتب التقاعدي لزوجته الثالثة نسرين برواري التي شغلت منصب وزاري يبلغُ أكثر من ستمائة مليون دينار سنويا . ويتم ايصال هذا المبلغ لهما في انكلترا دون قيد أو شرط ؟
ثانيا : الامتيازات المالية الخيالية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب وصلت الى الحد الذي لا يمكن السكوت عنه . اضافة الى العدد الكبير من الحمايات والسيارات الفخمة والامتيازات الأخرى . ولم يقتنع هؤلاء بكلّ هذا ، بلْ وجدوا الفرص سانحة لهم لتعيين أقربائهم في مناصب من أجل زيادة حصصهم من الامتيازات المالية ، وهذا الحال ينطبق على بنت رئيس الجمهورية السيدة جوان فؤاد معصوم التي تعمل بصفة مستشارة وبراتب يصل الى عشرة ملايين دينار شهريا . وكذلك ينطبق الحال على ابن أخت صالح المطلك الذي يشغل منصبا رفيع المستوى في وزارة الصحة ( البيئة ) وأهل البيئة يعلمون جيدا حجم الفساد الذي يحيط بهذا الشخص .
ثالثا : على العراقيين أن يتصوروا كم هو حجم المال المهدور الذي يتم تخصيصه كرواتب تقاعدية ضخمة لأعضاء مجلس النواب بعد انتهاء كل دورة برلمانية . ولوْ دققنا في الأمر بشكل حسابي بسيط لوجدناه لو استمر لسنوات قادمة فان جزء كبير من ميزانية العراق سوف تحجز لرواتبهم التقاعدية غير المستحقة . لأن كل دورة برلمانية تضم ما يقارب ( 275 ) نائبا على مدى أربع سنوات ، والأرقام تتزايد دورة بعد أخرى . ثم ما هو التبرير الأخلاقي الذي يجيز منح راتب تقاعدي لشخص لم يعمل أكثر من أربع سنوات ؟ هل هذا هو عدل السياسيين الفاشلين ؟
رابعا : حين هبّ من هبّ للدخول في العملية السياسية الجديدة ليضمنوا لهم شأنا مميزاً في هذه التجارة الرابحة ، تم اعلان النفير العام لضم أكبر عدد من الأقرباء لهم للحصول على المكاسب الكثيرة التي منها توزيع قطع أراضي سكنية لهم في مناطق ممتازة في العاصمة أو في المحافظات ( خصوصا في عهد السيد نوري المالكي ) ولو دققنا في هذا الأمر بالذات تدقيقا شجاعا لوجدنا أن بعض الأسماء النكرة حصلت على قطع أراضي سكنية في أغلى المناطق لمجرد أنهم محسوبون على فلان وعلان حتى وان كانت خدمتهم لم تتجاوز بضعة أشهر .
خامسا : العدد الهائل من المستشارين للمناصب العليا الثلاثة تكلف ميزانية العراق أرقاماً لا يستهان بها ، مع العلم أنه لا توجد دولة في العالم تملك هذا العدد الضخم من المستشارين . ولكن المحاصصة اللعينة وهيمنة الأحزاب تفرض مثل هذه الحالة .
سادسا : وجود عدد كبير من المصانع المعطلة المشلولة منذ عام 2003 ولحد الآن مع بقاء كوادرها دون عمل ، يمثل في منطق الحسابات فسادا حقيقيا مقنعا ً باعتبار أن الذين يتقاضون رواتبهم وأجورهم لا يقدمون للبلد أية خدمة نافعة .
سابعا : ايفاد البعض من الموظفين خارج العراق لأهداف ليست حقيقية ومنطقية وانما من باب منح بعضهم فرصا جيدة للسفر والاستفادة المالية . وغالبا ما يتم هذا الأمر وفق اختيارات خاصة تتحكم ُ فيها الولاءات الحزبية ودرجة القربى من المسؤولين . وبالتالي فان هذا الموضوع يؤثر ولو بنسبة معينة على زيادة هدر المال العام .