18 ديسمبر، 2024 7:15 م

الوباء الاكثر خطرا من فيروس كورونا

الوباء الاكثر خطرا من فيروس كورونا

يعتقد الكثير من المواطنين ان فيروس كورنا لا يعدو كونه لعبة سياسية او اجتماعية تتخذ منها الحكومة وسيلة لتحقيق اهداف وغايات مبيتة ، فيما يعتقد البعض الاخر انها صنيعة لدول عظمى تسعى من خلالها الى عزل بعض المجتمعات وابعادها عن ممارسة طقوس او تقاليد معينة .

هذا الاعتقاد يؤمن به افراد وحتى جماعات من مجتمعات مختلفة ومتنوعة وربما في مجتمعنا العراقي بدأت تظهر هذه الاعتقادات بشكل واضح ويُتداول هذا الموضوع علنا بين الناس ، حتى انعكس الامر على الاجراءات الوقائية والامتثال لتوجيهات الجهات المعنية .

وبكل الاحوال تعتبر هذه الاعتقادات اكثر خطرا من الوباء نفسه وربما تساهم بشكل او باخر بإحداث كوارث صحية قد تتسبب بإخراج الوضع العام عن نطاق السيطرة وتدخل البلد في دائرة البلدان الموبوءة ، ولكل منصف عليه ان يتصور مدى الضرر الكبير الذي سيلحق بالعراق وشعبه في حال وصل البلد الى هذه المرحلة لا سامح الله .

اسباب عديدة تقف وراء ترسيخ هذه الاعتقادات الخاطئة في نفوس المواطنين وللأسف تلقى رواجا كبيرا حتى في اوساط المتعلمين والطبقات التي تصنف بانها مثقفة ، وعلى الرغم من تعدد الاسباب المنتجة لهذه الاعتقادات الا انها تنحصر في ثلاثة امور اساسية .

الامر الاول (الاشاعة) : فالإشاعة تأخذ مديات واسعة داخل المجتمع العراقي وتشغل حيزا كبيرا من اهتمامات المواطنين ، ولعدم وجود اشاعات مضادة او حواجز صد لهذه الاشاعات فإنها تتغلغل الى داخل المجتمع بانسيابية كبيرة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، وساهمت بشكل او باخر بالتأثير على سلوكيات الفرد وطريقة تفكيره وتجسد هذا الموضوع جليا من خلال :

أ- المبالغة بأعداد المصابين : تم تهويل الموضوع في بعض الاوقات من خلال اخبار انشائية غير صحيحة لا تنم الا عن رغبة اصحابها في بث الرعب بين المواطنين واعطاء ارقام وهمية لا تستند على اي دليل رسمي .

ب – مقاطع الفيديو المفبركة : والتي صورت الحالة المرضية للمصابين بفايروس كورونا من خلال مشاهد معدة مسبقا رسخت الاعتقاد في ذهن المتلقي بان المصاب بهذا الفيروس يتعرض لأغماء او حالات وفاة مفاجئة واظهرت هذه المقاطع عشرات الجثث الملقاة على الارض في مدينة ووهان الصينية ومدينة قم الايرانية وحالات الاغماء التي تعرض لها مواطنون في مدن عراقية مختلفة كبغداد وكربلاء .

ج – رصد اموال طائلة للمصابين بفيروس كورونا :انتشرت بين اوساط المواطنين الكثير من الاخبار المغلوطة والتي تتحدث عن رصد مبالغ مالية كبيرة للمرضى المصابين بفيروس كورونا ماعزز لدى المتلقي فكرة المبالغة بتسجيل اعداد المصابين للاستفادة ماديا .

الامر الثاني (التراكمات السياسية والاجتماعية) :من الاخطاء الكبيرة ربط المواقف السياسية والوعود والتصريحات غير الدقيقة بالقضايا الصحية وادخال الجانب السياسي على الجوانب التخصيصية الاخرى ، فالمواطن الذي يعتقد جازما ان الجزء الاكبر من تصريحات الجهات الحكومية غير صحيحة بات يعتقد ايضا ان عدم الواقعية والمبالغة نفسها تندرج في التصريحات التي تخص فيروس كورونا وعدد الاصابات وطبيعة الاجراءات .

الامر الثالث (الجهل المكتسب) : بعيدا عن الواقعية وتحليل الامور بدقة اكبر او الاحاطة بها من كل الزوايا …. للأسف جزء كبير من المواطنين راح يتعامل مع ازمة كورونا وفق ما يمليه عليه (العقل الجمعي) الذي بات مؤثرا في هذه الازمة وباتت كلمة (ما شفت مصاب بعيني) تتردد كثيرا بين هذه الفئة من المواطنين .

كل هذه الاسباب وغيرها الكثير ولدت فكرة عدم القناعة لدى المواطن بخطورة فيروس كرورنا وجعلته يتعامل مع الوباء باهتمام اقل ، وعلى الرغم من القلة القليلة التي تعتقد بهذه الآراء لكنها اكثر خطرا من الفيروس نفسه ، فهم يساهمون بشكل او باخر بنقله الى مئات المواطنين ويتسبب هؤلاء المئات بنقلة الى الالاف وهكذا ، وربما ما حدث في مناطق البصرة من اقامة التجمعات ونصب مراسم العزاء جعل المحافظة تتصدر المدن العراقية الاخرى بعدد الاصابات المؤكدة .

وبعد تخطي عدد المصابين بفيروس كورونا حاجز الـثلاثة ملايين مصاب في العالم اضافة الى تأكيدات المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف وفتواها بحرمة التسبب بنقل العدوى للآخرين بات لزاما على المؤسسات الدينية بالدرجة الاول والمؤسسات الاعلامية بالدرجة الثانية العمل على توعية المواطنين من خلال تكثيف المحاضرات الموجهة وانتاج محتوى اعلامي يناغم رغبات المواطن بعيدا عن التسويف او استخدام الاساليب الروتينية المملة في توعية المواطنين وتحذيرهم من التسبب بنقل العدوى كما حذرت المرجعية الدينية والتي وصفت المتعمد بنقلها كمن يرتكب جريمة القتل العمد وعليه تحق جميع الاحكام الشرعية والقانونية .