الكراسي في مجتمعاتنا في خصومة مع الواقع الذي تتسلط فيه , ومعظم الحكام ينعزلون ويدورون في أوعية الحاشية المضللة الكاذبة التي تقدم للحاكم ما يريد سماعه , وتخفي عنه الحقائق وما يدور من محن وإضطرابات , فيمضي أيامه مغفلا حتى يحين حتفه المنكود.

؟وإذا المنية أنشبت أظفارها….ألفيت كل تميمة لا تنفع”

حكامنا أسرى البروتوكولات , ويتوهمون بسببها بأنهم فوق الخلق أجمعين , وأنداد رب العالمين.

هذه الصفة المروعة أزرت بهم , وأصابت مجتمعات الأمة بمقاتل متراكمة , وأخطاء متعاظمة , حتى فقدت أسباب قوتها , وإندحرت في خنادق ذلها وهوانها.

إن التفاعل مع الجماهير صمام أمان , ومنار إنطلاق للرقي والتقدم والعزة والكرامة , وعزلة الكراسي عن الواقع الذي عليهم أن يتفاعلوا معه ويصلحوه , تستحضر المصائب وهي جوهر التداعيات والنكبات على مر العصور.

فالمسافة بين الكراسي والواقع تتسع , وكلما زادت تنامت الويلات وتعقدت الحياة , وهذه فجيعة حكامنا , الذين تراهم يتحدثون في فضاءات أوهامهم وتصوراتهم المبنية على ما تقدمه لهم الحاشية من أكاذيب , وآيات مديح وتعظيم وتبجيل وإمتهان , فالحاشية تفكر بمصالحها وما تكسبه وتخشى أن تزعج السلطان بالصدق الواضح الفتان.

والمشكلة أن الحكام أسرى أوهامهم , ويحسبون وجودهم في مواقعهم دليل صواب , وعلى الجميع أن يذعن لإرادتهم , ومن لا يحني رأسه , سيذوق العذاب المرير.

ولهذا تجدهم لا يعترفون بحقوق الإنسان , ويرفعون رايات الجور , ويعدمون الأبرياء , ويتمادون ببناء السجون والمعتقلات , ويصيبون مجتمعاتهم بالرعب والرهبة من الكراسي وما حولها , فالغاب قانونهم , والقوة ديدنهم , وما إستطاعت قوة أن تدوم.

“وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”

و”كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات