22 نوفمبر، 2024 10:51 م
Search
Close this search box.

الواقع العراقي … بين شيزوفرينيا الناخب وتعويذة المرشحين

الواقع العراقي … بين شيزوفرينيا الناخب وتعويذة المرشحين

بينما نتابع ونراقب عن كثب تطور او بالاحرى تدهور الاوضاع الحياتية في العراق من جميع جوانبها سواء كانت المعيشية منها ام الامنية ، يشدنا المجهول لكي نلقي نظرة على مدى ازدياد وعي الفكر العراقي ومدى استيقاظ الضمير العراقي من خلال وسائل الاعلام المرئية منها ام المكتوبة ، ونرى بين الحينة والاخرى غضب المواطنين وحنقهم على دولة تفتقر لجميع مقومات الصدق والانسانية حسب رؤية الكثير من العراقيين بل وحتى المنظمات الدولية الاستقصائية والانسانية و التي على مايبدو انها ادمنت اختيار العاصمة بغداد وتصنيفها على انها احدى اسوأ عشرة عواصم في العالم خلال العشرة الاعوام الماضية للمعيشة، فاذا كانت العاصمة بهكذا مستوى فما بالك في باقي المحافظات العراقية التي اصبحت غنية عن التعريف بسبب شهرتها في وسائل الاعلام العالمية بالاحداث الامنية المتردية ناهيك عن المعيشية وما صاحبتها من تغيير في الاخلاق الاجتماعية التي شهد العالم بان شعب يتميز بطيبته وكرمه وشهامته فيما مضى .

وبين تلك الفترة وهذه نرى تغيير وفارق بين اقوال طيف واسع من العراقيين وبين افعالهم وازدواجية واضحة في ذلك فتارة نرى المواطنين يلعنون الحكومة بما فيها من مؤسسات حكومية ومؤسسات حزبية بل وحتى الشخصيات التي تشكل الحكومة برئاساتها الثلاث .. مجلس النواب ومجلس الوزراء وديوان رئاسة الجمهورية ، اضف الى ذلك مواطنين حانقين على العراق نفسه يعلنون ذلك امام شاشات التلفاز بتمزيقهم للجنسية العراقية كاشارة لحالتهم المعيشية البائسة التي ملأها ظلم واهمال المؤسسات المدنية في تلبية حاجات المواطنين في ابسط مراجعات لتسيير معاملاتهم اليومية ، وتارة اخرى نرى المواطن يسعى في السؤال عن اماكن المراكز الانتخابية ومن هم المرشحين لهذا الموسم الانتخابي!.

ومن هنا وهناك نرى غضب المواطن العراقي واضحا باتهامه فيمن يجلس تحت قبة البرلمان تحديدا بانهم هم خلف جل معاناتهم اليومية من اجل المعيشة لاسيما السنين التي تلت ظهور المفاجيء للتنظيم الارهابي داعش والذي كان مسلسلا جديدا لتعليق شماعة تردي الاوضاع الامنية والحياتية عليه بل كان فرصة للسرقة الذين يعملون في الخفاء على افراغ ميزانيات العراق التريلوينية السنوية للاستمرار في فعل ما دأبو عليه دون اي خشية من الله ورسوله او حتى من الناخبين .

لم يرى العراقيون اي أمل في تصحيح مسار العملية السياسية وفي اي تغيير حقيقي تميز به عضوا برلمانيا او حتى حزبا او تيارا سواء كانت اسلامية ام ديمقراطية تعلن تحررها من قيود الدين ، لم يرى المواطن لا من هذه الجهات ولا من غيرها اي محاولات حقيقية للتغيير نحو الافضل واصبحت الثقة والعلاقة بين المواطن وبين الجهاات المسؤولة والمسؤولين مفقودة بالكامل لاسيما بعد ان تساوى مصير بعض حملة الشهادات الاكاديمية مصير البنكلاديشي ممن لم يرتاد جامعة او حتى مدرسة في حياته ليعمل الاثنان كزملاء في العمل وبالاجرة اليومية او الشهرية في معامل والمحال التجارية والمولات التي على مايبدو انها التغيير الحقيقي الأوحد في بغداد . لذا لا نتعجب حينما نرى ان الأمل يموت شيئا فشيئا داخل نفوس المواطنين ليحل محله اليأس من الحصول على الاهتمام والرعاية الحكومية اللازمين لضمان الحياة بكرامة وشرف، تاركين المجتمع لقوانين الغاب بالكامل والعرف الاجتماعي الذي تغير بدوره لكي يصبح عرف القوي يغلب الضعيف، وعرف من ليس له ظهرا في احدى موازين القوى الحكومية او العشائرية سيعيش تحت وطأة الخوف والرعب من المجهول.

مع كل هذه الصعوبات المعيشية وخيبات الامل التي سببها السياسيين يعاود المواطن العراقي اليوم التشجيع على الانتخابات لنفس الوجوه بل ولوجوه جديدة مستقلة السمعة لكن معمقة الارتباط والدعم من الاحزاب القديمة او من شخصيات سابقة في الحكومة .
حينما احاول قراءة او تحليل شخصية المواطن العراقي في محاولة لقراءة نفسي اولا فلا ارى الا ان واقع المواطن العراقي اليوم لا يعدو في حقيقته سوى انه قد وقع وباحتراف مميز من قبل الطبقة السياسية باحزابها وشخوصها تحت تأثير متلازمة ستوكهولم الشهيرة حيث يقول في ذلك اختصاصي علم النفس فرانك اوكبيرغ وهو اول من شخص ظاهرة متلازمة ستوكهولم بعد ان سطى مجموعة مسلحين على بنك في العاصمة ستوكهولم سنة 1973 حيث قام المسلحين باحتجاز بعض موظفي البنك كرهائن لمدة ستة ايام حيث لوحظ بعد اليومين الاولين ان الضحايا بدأت تتعاطف مع المسلحين بل وتتعاون معهم اثناء عملية التفاوض بين الجناة والشرطة بل استمر الضحايا بالدفاع عن الجناة حتى بعد اطلاق سراحهم .
واذا ماحاولنا ايجاد تفسير منطقي لازدواجية واقع الناخب اليوم فاننا عاجزون عن تفسير ردة فعله المستاءة ازاء الاداء المتردي للحكومات العراقية المتعاقبة، في توفير الحياة الكريمة له وبين اقباله بشده على صناديق الاقتراع بل والتشجيع على انتخاب المرشحين بقوة حتى في صفحاتهم الاجتماعية كالفيس بوك رغم معرفته مسبقا ان هذة الدوره كسابقتها وان المنتفع الاوحد هو المرشح وحاشيته، من هنا اصبح جليا ان الشعب بمكوناته جميعا اصبح تحت تأثير متلازمة ستوكهولم حيث يتعاطف الناخب مع المرشح ومع الطبقة السياسية محاولا ايجاد الامل في احدهم اثناء الفترة الانتخابية يساعده في لعب دور الضحية تسليط الطبقة السياسية الاهتمام المركز لجذب اهتمامه وكسب صوته ، لا سيما ان فترة تعايش الناخب مع الساسة تدوم لمدة اربعة اعوام وليس ستة ايام فقط ، فهي حالة اشبه باليأس تتجلى بتعلق الناخب بعدها بالقشاية التي يظن انها قد تنجيه من سوء المعيشة التي تتلو الفترة الانتخابية .

أحدث المقالات