22 ديسمبر، 2024 9:51 م

الهيمنة وحرب الإستنزاف، فواتير اقتصادية على ايران تسديدها..

الهيمنة وحرب الإستنزاف، فواتير اقتصادية على ايران تسديدها..

فشل دوبلوماسية السياسة الخارجية الايرانية في المفاوضات الأخيرة مع اميركا في التوصل لنتيجة او أتفاق حول برنامجها النووي، محتمل ان تتلقّى ايران بسببه ضربة عسكرية امريكية، استنادا الى تصريح اوباما الاخير بهذا الخصوص والذي قال فيه (ان فشل المفاوضات هذه المرة مع ايران معناه الضربة العسكرية القوية الامريكية لإيران, وقد هيأنا كل السبل والامكانيات، والاستعدادات لهذا العمل..) اضافة الى حرب الاستنزاف الخسارة السياسية والاقتصادية الذي تعاني منه ايران في بعض الدول كـ سورية ولبنان واليمن والعراق من خلال الصراع، صراع بسط الهيمنة والنفوذ بين اميركا وايران في المنطقة، الفخ الذي جرّت وأوقعت اميركا ايران فيه. فضلا عن كبت الجماهير شعوب المجتمع الايراني الرافض لحكومته وسياستها المتسلّطة. تُشكّل بـ مجموعها أدوات انفجارية ستُفضي بالتالي الى انهيار ايران، ليس اقتصاديا وحسب بل والى تفكّكها وتشظّيها ان عاجلا او آجلا.

فـ في الجانب الاقتصادي، يلاحظ، كانت ركيزة إيران الأساسية في المنطقة العربية اضافة الى الدول التي تبسط سيطرتها عليها هي سورية، والتي شكّلت عبئا اقتصاديا هائلا عليها بحيث أصبحت حياة النظام السوري متوقفة على الدعم المالي الإيراني، لا بل يرى الكثير من المحلّلين السياسيين والاقتصاديين ان في عدم تدخل الولايات المتحدة في الحرب السورية طوال السنوات الماضية كان فرصة لاستنزاف إيران اقتصاديا في سورية قد تصل او تؤدي الى درجة الانهيار.

من جهة أخرى، فإن التمدد الحوثي المدعوم ايرانيا في اليمن يأتي هو الآخر مع فاتورة اقتصادية باهظة ومكلفة وعلى ايران تسديدها، ويظهر ذلك اضافة للمعطيات السياسية والميدانية، في تصريح أحد القادة الحوثيين، الذي قال: إن هؤلاء – والمقصود هنا عشرات الآلاف من المقاتلين الحوثيين – لن يعودوا من هذه المواجهة مع الدولة بخفي حنين. إذ يتوقع الحوثيون تعويضا اقتصاديا يليق بحجم تضحياتهم. وبما أن الدولة اليمنية على حافة الإفلاس هي الاخرى، لا يبقى امامهم سوى إيران لتدفع هذه الفاتورة أيضا. وإذا ما تحول التوتر الأمني في اليمن إلى حرب أهلية مع القبائل والقاعدة وحزب الإصلاح وغيرهم، والذي بدأت بوادره منذ مدّة في مناطق (إب ورداع وتعز)، فإنه سيتعين على إيران تمويل حرب جديدة، بالإضافة إلى تلك التي تخوضها في سورية، التي أنهكت الاقتصاد الإيراني طوال السنوات الماضية، علما هي (ايران) اساسا تعاني من وطأة العقوبات الاقتصادية، ومن انخفاض أسعار النفط الاخيرة التي أضعفت اقتصادها كليّا. هذه المعطيات تلقي بتحديات جمّة وخطيرة أمام التوسع الإيراني الذي يقتضي تمويل حروب قد يطول أمدها.

كذلك في فقدان ايران صورتها (الامنية و السياسية) في المنطقة، إذ تعجز إيران عن ترجمة سيطرتها على العواصم الأربع (بيروت، دمشق، صنعاء، بغداد) لتحقيق مصلحة وطنية آنية أو بعيدة المدى. قبل الربيع العربي كانت سورية تعتبر أهم حليف لإيران في المنطقة وقائدة لما يسمّى محور المقاومة، الذي سعت من خلاله لتحقيق توازن (استراتيجي) مع إسرائيل. أما الآن، فقد تحولت سورية إلى دولة فاشلة وخسرت معظم أراضيها لمصلحة المجاميع المسلّحة الاخرى. وأصبحت تشكل عبئا هائلا على إيران بكل المقاييس.

أما بالنسبة إلى حليف إيران العضوي (حزب الله)، فقد تشوّهت صورته، فمامن شبه له بين عامَي 2006 و 2014، عندما خرج الحزب في حربه مع إسرائيل (2006) بحاضنة شعبية عارمة، ليس فقط في لبنان بل وفي معظم دول العالم العربي والاسلامي. أما اليوم، فقد انهكته هو الآخر حرب سوريّة الشرسة التي (لا ناقة له فيها ولا جمل)، وتحول من دور القيادة في الدفاع عن أعدل القضايا الانسانية والاسلامية والعربية –القضية الفلسطينية- إلى الدفاع عن نظام دموي فاسد فقد شرعيته أمام شعبه وشعوب العالم العربي أجمع.

كان على ايران ان تستفيد من تجربة (الاتحاد السوفييتي) حينما دعم حركات ثورية في أنحاء العالم استطاع معظمها الوصول إلى الحكم، وراهن على أن هذه الدول ستشكل الداعم الأساسي له في المواجهة المؤجلة مع الإمبريالية العالمية، لكن هذه الدول الحليفة ساهمت لاحقا في الانهيار الاقتصادي للاتحاد السوفياتي قبل حدوث المواجهة مع الإمبريالية. (ابراهيم شرقية/ مقالة(.

كما هو الآن الفشل الامني والسياسي والاقتصادي الذي مُنيت ولازالت تُمنى به ايران بسبب توسّعها وتدخلها في شؤون العواصم العربية الاربعة، والذي قد يؤدي الى انهيارها قبل المواجهة.

التجارب الدولية أثبتت أن النماذج السياسية لا يمكن فرضها بالقوة من الخارج، والتجربة الأميركية لإحداث تغيير سياسي في العراق خير دليل على هذا الفشل. علاقات إيران الحالية مرتبطة بأنظمة وحركات مسلحة وليس بجماهير تؤمن بالنموذج الإيراني في الحكم، وهنا يجب على إيران أن تستخلص الدروس من التجرية الأميركية التي بنت علاقاتها مع أنظمة دكتاتورية عربية انهارت مع أول نهضة جماهيرية ضدها. وكان بإمكانها بناء علاقات استراتيجية مع الجماهير العربية قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤونها ومبتعدة عن الحشد الطائفي أو النعرات القومية والمذهبية المقيتة.