الراهن يتجدد التوتر في شبه القارة الهندية مع كل تصعيد عسكري أو حادث أمني بين الهند وباكستان وكأن المنطقة تعيش على فوهة بركان لا يهدأ فالهجوم الأخير الذي نفذته القوات الهندية ضد أهداف داخل الأراضي الباكستانية يعيد إلى الواجهة أزمة لم تهدأ منذ العام 1947 حينما تأسست باكستان عقب تقسيم شبه القارة الهندية وسرعان ما اندلعت الحرب الأولى بين الجارتين بسبب إقليم كشمير الذي بقي محور النزاع بين البلدين لعقود هذا الإقليم الجبلي الغني بالموارد والمياه كان ولا يزال السبب الرئيسي وراء معظم الحروب والمناوشات بين البلدين حيث يطالب كل من الطرفين بالسيادة الكاملة عليه بينما تفرض الهند سيطرتها على الجزء الأكبر منه وتتهم باكستان بدعم جماعات مسلحة تنشط في الإقليم وتنفذ عمليات ضد القوات الهندية وتعتبرها تهديدا لوحدة أراضيها على مدى العقود الماضية لم تهدأ العلاقات بين البلدين رغم فترات من الحوار والتهدئة حيث أدت التجارب النووية التي أجرتها الدولتان في أواخر التسعينيات إلى رفع مستوى التوتر إلى أبعاد خطيرة وجعلت من أي اشتباك محدود تهديدا بتحوله إلى مواجهة نووية شاملة التصعيد الأخير لا يمكن فصله عن البيئة الإقليمية المعقدة التي تحيط بالبلدين فالهند تسعى إلى توطيد علاقتها مع إسرائيل والغرب لتعزيز قدراتها العسكرية والتكنولوجية بينما تتجه باكستان إلى تعزيز تعاونها مع إيران والصين في إطار تحالفات إقليمية قد تثير قلق نيودلهي خاصة مع الحديث عن تعاون بين طهران وإسلام آباد في مجال تطوير الصواريخ الباليستية وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدا مباشرا لها وقد يدفعها لتحفيز الهند على لعب دور أكبر في محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة أضف إلى ذلك ملف المياه الذي بات أداة ضغط تستخدمه الهند عبر تهديدها بقطع تدفق الأنهار التي تنبع من أراضيها وتروي ملايين الباكستانيين مما قد يفتح جبهة جديدة من الصراع غير التقليدي بين الجانبين
الوضع الحالي يحمل مؤشرات مقلقة على إمكانية انزلاق الأمور إلى مواجهة مفتوحة خاصة في ظل غياب وساطات دولية فعالة وانشغال القوى الكبرى بصراعات أخرى أكثر إلحاحا ومع غياب آلية مستقرة لضبط النزاع يبقى خطر الحرب قائما ويكفي خطأ واحد في الحسابات أو تصعيد غير محسوب ليشعل فتيل صراع ستكون له آثار كارثية ليس فقط على البلدين بل على الأمن الإقليمي والدولي بشكل عام .