يتفق الفكر السياسي على تلبية الحاجات المجتمعية في مجالات متعددة.. لعل أبرزها دراسة الهندسة الاجتماعية.. حيث تتفق هذه الدراسات على تلبية ما وصف بهرم ماسيلو للحاجات البشرية الأساسية.. تبدأ في الأمان الخاص الشخصي وصولا إلى الرفاهية مرورا ببقية الحاجات مثل التعليم والحصول على الإهتمام العائلي ثم الاجتماعي من خلال الوظائف وما يمكن أن يبذله الإنسان من إبداع يؤهله لهذا الظهور. الاجتماعي.
هكذا يتعامل منهج الفكر الرأسمالي مع قدرات الإنسان في منطلق فيلسوفه ادم سميث ومقولته المعروفة (دعه يعمل.. دعه يمر) السؤال في المنهج الإسلامي كيف يتم التعامل مع هذه الهندسة الاجتماعية؟؟
من وجهة نظر متواضعة.. يبدأ المنهج الإسلامي في القول المعروف للرسول صلى الله عليه وآله وسلم انه جاء ليتمم مكارم الأخلاق.. والثاني المساواة بين الناس في القول المعروف متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا.. والركن الثالث في هذه الهندسة الاجتماعية.. تلك الوصايا التي حملتها رسالة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه إلى مالك الاشتر.. لعل أبرزها ان الانسان اما اخ لك في الدين او الإنسانية..
السؤال المقابل.. ان الفكر الرأسمالي وظف تطور الاقتصاد وظهور البرجوازية الوطنية فيتكوين الدولة القومية الأوروبية ومن ثم انشاء القوة الاستعمارية.. وما زالت ثقافات ما بعد العولمة تثبت المصالح الرأسمالية حتى في الصراع الجدلي فيما بين قواها البارزة من أجل ضمان ديمومة سلطة المال على الدول.. فيما غرق العالم الإسلامي في استرجاع خلافات تاريخية وتفسيرات مختلف فيها وعليها من دون امتلاك ناصية المستقبل.. لذلك زادت فجوة اقتصاد المعرفة بين المؤهلات التعليمية في العالم الرأسمالي في أعلى معدلاتها.. وبين أدنى تلك المؤهلات في العالم الإسلامي..
لذلك اتوقف امام دعوة الاستاذ محمد عبد الجبار الشبوط بأهمية ظهور مرجعية دينية لمشروع الدولة الحضارية الحديثة الذي يدعو اليه في عراق اليوم من أجل الغد القريب والبعيد.
معضلة الكثير والكثير جدا من الدراسات الإسلامية ومنهج التعامل مع الهندسة الاجتماعية.. ان عقارب ساعة التفكير الجدلي تتوقف عند حافات النصوص التفسيرية التي منحت قدسية غير حقيقية. لان النص الوحيد المقدس فيما ذكر عن الوحي في متن القرآن الكريم في لوح محفوظ.. أما ما نقل من القول والتفسير.. مختلف فيه وعليه.. السؤال الاخر.. كيف يمكن فهم الإنسان واحتياجاته لردم فجوة المعرفة… والفشل المتكرر في بلورة هندسة اجتماعية يمكن أن تنتج عقدا اجتماعيا دستوريا حضاريا مدنيا حديثا.. وليس قراءة عكسية لخلافات تاريخية بلا جدوى غير انتفاع شلة من رجال الدين او السياسيين في فلك أفكارهم؟؟
هذا الموضوع يحتاج إلى قراءات متعددة الأطراف بثقافة المستقبل.. وهكذا سيكون حال الدنيا كلها.. المطلوب ظهور مرجعيات دينية لكل المذاهب الإسلامية تتفاعل مع الذكاء الاصطناعي.. وثقافة اقتصاد المعرفة.. وإنتاج قيادة المستقبل.. وهذا قد يكون صعبا لكنه ليس مستحيلا.
هل ثمة من يقرأ ويفهم..مضمون الهندسة الاجتماعية للمستقبل ام كهنة معبد الماضي يتمسكون بمنهج التاريخ وخلافاته.. سؤال يفتح أبواب نقاش مجتمعي اولا.. لعل وعسى تبدأ خطوات جريئة لتفعيل الحوار العام والخروج من عزلة الخلافات التاريخية.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!