في مثل هذا اليوم تمرعلينا الذكرى الـ 53 لهزيمة الخامس من حزيران/ 1967 والتي يحلو لبعضهم تجميلها مداراة للمعنويات المنهارة بمفردة ” النكسة “وهي ليست بنكسة ولا يحزنون لأن النكسة في اللغة العربية هي الانتكاس بعد البرء من مرض ما ومن ثم الشفاء منه ثانية ، والنكس قلب الشيء أعلاه أسفَله مؤقتا وهي وان كانت كذلك بالفعل الا أن وقعها ولاشك على قلب المتلقي أخف وطأ من وقع مفردات نحو ” الهزيمة ..النكبة ..الكارثة ” بعد مئات الاغاني الطنانة والخطب الرنانة والوقفات الجماهيرية الحاشدة والكلمات الثورية والقصائد الحماسية والعنتريات الفضائية التي صورت للشعب العربي وكل الشعوب الشقيقة والصديقة بأن عبد الناصر سيرمي بالفعل كل اليهود في البحر وهو جالس بإسترخاء بمعية أعضاء مجلس قيادة الثورة على أرائكهم الوثيرة بمايوهاتهم فاقعة الألوان – الحصر – ونظاراتهم السوداء درجة صفر والتي اورثتم قصرا بالبصيرة والبصر بمعية زوجاتهم على البلاج يشربون عصيرالليمون ويتشمسون ويتبادلون النكات فيما بينهم ويقهقهون ولأغاني أم كلثوم يستمعون وعلى ألحانها يطربون ولآهاتها يتأوهون وعلى نغماتها يتمايلون ،أول خميس من كل شهر وهي تغني ” هل رأى الحب سكارى مثلنا ..كم بنينا من خيالٍ حولنا” فيما احمد سعيد – كذاب الاعلام الاشر- يتابع أكاذيبه عن الانتصارات الزائفة ودك صواريخ القاهر والظافر- ونسبة خطأهما 50%- لمعاقل وحصون الصهاينة وهم كالجرذان داخلها تصطك اسنانهم ويرتعدون فرقا في خنادقهم ومخابئهم .. تلكم المفردة التي اعقبت جعجعات ومداهمات واعتقالات وزيارات فجرية غير مرحب بها لمنازل الناشطين والمعارضين الوطنيين المصريين الشرفاء بذريعة الفت في عضد الوحدة الوطنية والوقوف عائقا في طريق “النهضة ،الوثبة ،الكفاح ، النضال” هذه المفردات السقيمة التي افرغت من محتواها والتي لطالما ارتبطت بالهزائم في محاولة خائبة للالتفاف على المفردة القرآنية الخالدة – الجهاد – لمواجهة الكيان الصهيوني المسخ ..الاف مؤلفة من الابرياء ألقي بهم في غياهب السجون والمعتقلات بتهمة مناصرة أعداء الأمة والعمالة للاجنبي على مدى 13 عاما سبقت الهزيمة ومهدت لها بقوة ذاك ان الحاضنة الجماهيرية يجب ان تكون قوية ومتماسكة لتحقيق اي نصر خارجي أو ذود عن حياض الامة ولعمري اي حاضنة قوية ومتماسكة تلك يمكنها أن ترى النور بزج خمس الشعب المغلوب على أمره خلف القضبان أو ما وراء الشمس كما يحلو لبعضهم وصفها ، حتى غصت سجون ومعتقلات النظام بالاف المعذبين على يد الجلادين حمزة البسيوني ، وصلاح نصر ، وشمس الدين بدران وغيرهم العشرات، ظلما وعدوانا ومن دون وجه حق فيما علق عشرات أمثالهم على أعواد المشانق أو ألقوا في أحواض التيزاب بذات الذرائع الواهية ، فجاءت الهزيمة النكراء المؤكدة كتحصيل حاصل لمظالم شتى طبقت سمعتها السيئة الافاق وازكمت رائحتها النتنة الانوف والتي جعلت من احمد فؤاد نجم شاعرا – كما يقول – شأنه في ذلك شان الآف من مثقفي وكتاب وصحفيي جيله وقد انتحر بعضهم ، انكفأ و تقوقع وتوارى عن الانظار داخل حجراتهم وجحورهم آخرون ، وتحولت ربيبة عائلة” ليتو باروخ ” اليهودية التي اكتشفتها وسوقتها للجماهير، مطربة الملك فاروق ومداحته ونظامه لسنين قبل ان تنقلب عليه لتتحول الى مدح الثورة التي اطاحت به ، اقول تحولت ام كلثوم من الغناء عن الحب والدلع والاهات والزفرات و”خدني بحناك خدني عن الوجود وابعدني ” الى ” اصبح عندي الان بندقية ..الى فلسطين خذوني معكم ” واقول لها وللتأريخ مستعيرا بيتا من اغانيها ” ما تصبرنيش بوعود وكلام معسول وعهود.. إنما للصبر حدود . للصبر حدود ..ياحبيبي” وعذرا لمن سيغضبهم هجاء ام كلثوم اكثر من غضبتهم لضياع القدس آنذاك ، ابتلاع سيناء صهيونيا بقيادة أعور الجيش الدجال موشي دايان، الاستيلاء على الجولان ، قضم الضفة الغربية ، السيطرة على المسجد الاقصى ،الى يومنا هذا واضيف ،أن ” كل هزيمة لابد ان تكون ركائزها ست – حاكم ظالم + طرب ورقص وغناء ومجون وملاهي وحليب سباع ومخدرات وتخدير +مخبرين ومخبرات + اعلام مضلل + سجون ومعتقلات +قطعان شعبية كخراف بني اسرائيل الضالة يصفقون على اي شيء ويزغردون لكل شيء ويتراقصون بحظرة الصنم الحاكم كالقرود ويتسافدون في الطرقات كالبهائم ويخبر بعضهم عن بعض نفاقا ويسبحون في البرك الاسنة كالخنازير بإنتظار فتات الزعيم او الصنم الحاكم = هزيمة نكراء لامحالة لاينفع بعدها الثوريات ولا قصائد الرثاء والمرثيات يصدق فيهم ما قالته والدة آخر ملوك الاندلس ابو عبد الله الصغير بما يعرف – بزفرة العربي الاخيرة -” ابك كالنساء ملكا لم تحفظه كالرجال” ، حدثت النكسة ، مرغت الانوف بالتراب ، ضاعت الارض ، هتك العرض ،دمر الجيش، اسر وقتل الالاف ،ارتكست الامة ،خفتت الاصوات ..تلاشت العنتريات ..خمد المطربون والمطربات ..اختفى الجلادون والجلادات ..هرب المخبرون والمخبرات ، اندحر الرفاق والرفيقات ….انتحر – بل قل قتل “المشير عامر” بعد ان دبست الهزيمة وعصبت كلها برأسه ليخرج الزعيم ظافرا مظفرا بيد بيضاء لاشأن لها لابهزيمة ولا بظلم ولا طغيان – بطانته هي التي فعلت وكانت تفعل ذلك كله من دون علمه البتة اما هو فشريف عفيف لطيف تم التأمر عليه وخيانته خيانات عظمى حتى من اقرب المقربين اليه – الكذبة الازلية التي رددها ويرددها كل عبيد الطغاة وكارهي الحرية وعشاق الاستبداد وعباد الاستعباد تأريخيا للدفاع عن سيدهم وصنمهم الاعلى ولات حين مندم ولات حين مناص ..ومازال تأريخ الهزائم يعيد نفسه بـ “طغاة + داعرين وداعرات + مخبرين ومخبرات +تخدير اعلامي وفكري وثقافي ومخدرات +سجون ومعتقلات +هنبلات وجعجعات وعنتريات= إلحق ربعك ،هذا هو عرفك وذاك هو على الدوام ديدنك وطبعك ولم ولن تتعظ يوما بغيرك ابدا لتتلافى خطاياك وأخطائك ، إتعاظك دائما ما يكون بنفسك وشعبك وبلدك على أطلال وخرائب ينعب فيها البوم وينعق فوق ركامها الغراب…وفات الكل قول ابي العتاهية :
ترجو النجاةَ ولم تسلكْ مسالكها….إنَّ السفينة لا تجري على اليَبَسِ
اودعناكم اغاتي