مواقف لم تكن حاضرة في أذهن اكثر المتشائمين التفكير في هرولة بعض العرب للتطبيع المذل مع كيان غاصب للارض وطامع في التوسع والتمدد وفرض الهيمنة على المنطقة ، يدعو احيانا الى امر يَعتقد البعض فيه انصاف للحق الفلسطيني المهدور، وحل وإصلاح مقنع لمن يقف وراءه من العرب ، ولنا في الدعوات والقرارات المتعددة الصادرة من الامم المتحدة لاحلال السلام في المنطقة وحل القضية الفلسطينية التي لم تلتزم بها اسرائيل الشاهد والدليل .
بعد أن خلا الجو في تفتيت وضعف قوة دول المواجهة سوريا والعراق صاحبتا القوة الحقيقية الرافضة لمشاريع الاستيطان ولها مواقف تأريخية مشهودة ضد الكيان الصهيوني ، مواجهات وحروب مباشرة منذ أن زرع هذا السرطان في قلب الامة العربية وهوالداء الوبيل الذي يقف وراء كل ماتعاينه الامة العربية من مشاكل .
وجدت دول الخليج نفسها امام فرصة للتعامل مع الصهاينة وهي في ذلك ليس استثناء لان سبقتها المبادرة المصرية التي لم تستفد منها رغم ثقلها العربي والمناطقي ، والعلاقة الاردنية القائمة التي لا فائدة منها مع الكيان الصهيوني وبقى اقتصادها فقير ولم توقف التوسع وبناء المستوطنات وتحد من محاولات انهاء الشرعية الفلسطينية على أرضها .
لم تكن هذه الاتفاقات آنية وانما تدبير طويل من العلاقات الاقتصادية وتبادل الخبراء والبرامج والمعارض في الخفية والعلن ، وضمن مخطط ينفذ برعاية الولايات المتحدة الامريكية ، المتحدية لآمال وطموحات الامة في تمزيق مواقفها كتاريخ وقيم ودين ، يعاونها في ذلك من يسير في فلكها بتقارب وانسجام المواقف ضد ردود افعال قد تصدر من هنا وهناك .
أعتقد إن التطبيع الاماراتي الصهيوني اعلامي اكثرمنه مفيد لدولة صغيرة صحراوية ، وله دوره في توجيه تقبل الفكر الصهيوني يتناسب مع قيم وسلوك الحالة الجديدة المرتبطة بقواعد الممولين والمساهمين في الإنقياد والتنفيذ للمشاريع التي تسيء الى المصالح الفلسطينية العربية ، وجانبه المخفي هو انقاذ النتن من الملاحقة القانونية في بلاده وتدهور شعبيته على فضائح فساد ، واعطاء نصر كاذب للعالم ولحلفاء اسرائيل بان تطبيع العلاقات العربية الاسرائيلية قائمة .
الذي انتصر على ارهاب داعش والناصبة في العراق ، ومن يقاوم العدوان السعودي الجائر في اليمن ، وبقاء سوريا عزيزة امام المد التكفيري الوهابي ، وبسالة المقاومة وسلاحها في مواجهة العدو الصهيوني في جنوب لبنان ، والتصدي الممهور بالدم للمقاومة الفلسطينية في غزة ، صور ناصعة البياض للجم المخطط الصهيوني وصد جبروت امريكا ، وحصن الامة وسياجها الامين لافشال ما يصبون اليه رغم دعم دول الخليج وألسعودية التي تعمل بالاُمرة.
الولاء لقضية العرب الاساسية لا تعني الحكومات المقصرة والمنشغلة بالولاء الامريكي وما لها من آثار ، لا تبقي الشعب العربي من المحيط الى الخليج مكتوف اليد واللسان ، تجاه حقيقة يراد لها ان تذوب من ذهن وعقول الجمهور العربي ومحو ما زرعته هذه المأساة لشعب هجر من ارضه ليسكنها الغرباء.