شر البلية ما يضحك في الوقت التي خرج المتظاهرون الى الشوارع يطالبون بالحقوق واريقت الدماء واسنتزفت الطاقات وحرقت الاموال نرى ان العديد من الكتل المشاركة في مجلس النواب تعلن تعليق العضوية في مجلس النواب اعتراضاً على مجريات الامور الذي يطالبهم الحقوق وهو ليس موقفاً مشرفً في الوقت الحالي ويعني الهروب والتنصل عن المسؤولية، ان محاولات الهروب من المسؤولية او ركوب الموجة لن تُبرئ احدا”، والمشاكل الحالية ليست وليدة اللحظة إنما هي نتيجة تراكمات الأعوام السابقة منذ 2003 الى الان. الطبقة سياسية الحاكمة يجب ان تستمد شرعيتها من المنجز لا من الفشل ( ولا ينزع سترته وينزل الى الشارع )، ولا يتبجح بالاستحقاق الانتخابي ومن ثمه مغانم السلطة. التنصل من المسؤولية ورميها على الاخرين، سلوك غير مبرر وقد يضعه في موضع الشبهة بل الاتهام المباشر وضعف ويقع تحت بند قائمة اعذار الفاشلين، واعتقد لو كان المسؤول يخرج الى الناس ويقول هذا هو خطأنا ويتعهد بإصلاحه بفترة محددة فهو موضع القوة فالاعتراف بالخطأ فضيلة، كما يزيد ذلك من ثقة المواطن به ومن الممكن ان يمنح فرصة للمسؤول، لكن مانراه هو عكس ذلك تماما فهل يحسب المسؤول بان المواطن في منأى عن التفكير او بهذه الدرجة من الغفلة لكي لا يفرز الحالة عليه ان يقوم بدراسة الشارع قبل فوات الاوان وهو ما ستكشفه الايام القادمة ويدل على نضج التجربة وسلامة الموقف والرؤية وبان المسؤولية واجب وطني يتحمله الجميع ومن غير المقبول ان نلقي باللائمة على شخص بعينه فجميع المشتركين في العملية السياسية اليوم هم في عداد المسؤولين، وخلاف ذلك المنطق يعني ضعف البصر فكأننا نعيد امجاد القائد الاوحد والالهة المقدس الذي كان يحكم العراق بقبضة من حديد ويتمتع بكامل الصلاحيات من دون يحاسبه كائن من يكون او يعترض على تصرفاته ولو هدم البيوت على رؤوس من فيها من الفقراء والمحتاجين وقتل الناس وسلب الحريات وتسيس القضاء وعزل من لا يحبه ومن يخالفه في الرأي. أن الهروب من الأزمات ليس شعارا مقصودا ترفعه بعض القوى السياسية، بقدر ما هو واقع حال مفروض بغياب التنسيق والتفاهم على المصلحة العليا للبلد وبالتالي مصلحة المواطن، كما إن الأزمات السياسية والاقتصادية قد بدأت بعد التغيير مباشرة وبصورة جلية وواضحة، ولكن الآن بدأت الصورة تتوضح حتى إن بعض القوى السياسية، قد اعترفت بوجود أخطاء كثيرة ولكن الامور بقت على شكلها دون ايجاد حلول .
يجب أن يكون هناك إجماع سياسي على أن ما يهدد العراق هو الأكثر خطورة من داعش وهو بقاء وتمدد الدولة الفاشلة والفاسدة في العراق لا شك سوف تنتهي في اقرب زمان و الوقوف مع ابناء الشعب والاستماع الى مطالبهم وتحقيق الانجاز منها افضل من القاء المسؤولية على رئيس مجلس الوزراء عادل علد المهدي المكرود لوحده وهو مكبل بقرارات وصلاحيات محددة امر غير سليم واطلاق يده للعمل بمرونة وعتق رقبته من النار التي سوف تأكل اليابس والاخضر بل يجب التعاون معه من اجل اتمام المهام الذي في عاتقكم ان كنتم الجهة المراقبة والمشرعة والنزول الى الشارع بدل الانزاء والتقوقع او الهروب الى البلدان المجاورة ، واعطائه مسؤولية تسمح له بالحركة بصورة شفافة ومن ثم محاسبته اذا قصر ولم يستطيع انجازالاعمال ، ان المرحلة خطرة لا تسمح بان يترك الوطن على الغارب فالكل مسؤول دون استثناء بالفشل الذي بالبلد، ولا تزال الطبقة السياسية عاجزة أو غير قادرة على استيعاب الشارع وتحمله و انتهاء زمن الشعارات والوعود التي لا تتلائم مع هذا النظام السياسي المنهك بسياسات الوعود ويجب توجهها نحو العمل الواقعي واعتماد نتائج الانتخابات مدخلا للعمل والابتعاد عن التفاخر الموهوم بعد منحه الشرعيّة. والذي يجب عدم التفاخربه لانها مسؤولية ليست بسيطة انما عبئ كبير والهروب من المسؤولية أصبح حالة سائدة بين كثير من السياسيين في حالات الضغط الجماهيري والمكاشفة ، فتراهم يلقون الأخطاء على من حولهم دون تحمّل نصيبهم من الاخطاء يرغبون في ميزات الشيء دون تحمل واجباته، يسعون للوظيفة رغبة في الوجاهة دون الالتزام بمتطلباتها، يتملّصون من واجبهم تجاه المجتمع ومن تأدية دورهم ، يرغبون في النجاة بأنفسهم فقط، قبل إدراك الإنسان لقيمة السلطة والصورة الاجتماعية والمجازفة مقابل الجزاء والقيم المعقدة الأخرى؛ يميلون إلى الهروب من تحمل أي مسؤولية، ويرغبون دائماً بالحصول على المتعة والرفاه دون مواجهة الحساب ودون أن يحمل على عاتقه مسؤولية العناية بالآخرين،فما يوحّد الجمهور في العراق هو المعاناة وتزايد الشعور بفقدان الثقة بالأحزاب والطبقة السياسية الحاكمة. ويبدو أن هناك ملامح تحرر في وعي الجمهور من المخاوف المرتبطة بالهويّة وقلق العلاقة مع الآخر المختلف في المذهب والقومية، هذه المخاوف التي كانت تخدم الخطاب السياسي التبريري للطبقة الحاكمة