23 ديسمبر، 2024 5:36 ص

الهروب إلى القضاء

الهروب إلى القضاء

تلبد الجميع بمقولة ( الذهاب إلى القضاء ) للهروب من مقطوعة الفساد التي أذاعها وزير الدفاع خالد العبيدي ، ليس هذا إذعان بتصديق ما قاله الرجل ؛ بل يقين بأن فساد لا وصف لحجمه حول هذا البلد الى جحيم ، و صارت المقولة أعلاه كأنها أقراص البندول سريعة العلاج لصداع الأزمة التي يعيشها أطراف حكايات الفساد في مجلس النواب و الحكومة ؛ ادعوكم لإعادة مشاهدة جلسة الاستجواب مرة اخرى ، تمعنوا بالوجوه ، أرأيتم صورة الذعر لنائبات و نواب وقت حديث العبيدي ؟ هذه تصرخ و ذاك يهتف و اخر يقفز من مكان لمكان ؛ كأنهم اصيبوا بنوبة مجنونة من الهستيريا ، غير غياب الادب بالحديث و الألفاظ ، فصرنا نسمع ( يخسأ شاربك ، اطيح حظهم ، كذاب ، فاسدين )
الذهاب الى القضاء يبدو على المحمل الأولي كما يقول علماء الأصول ، امر حسن و انه الفيصل بين النزيه و الفاسد و الصادق و الكاذب ، إلا أن هذا لن يصمد أمام فهم : أن مجلس النواب هذا هو ذاته الذي صوت قبل ايام على صلاحية لأعضائه بإن يحيل القاضي الى التحقيق ضمن قانون هيأة الاشراف القضائي ، و هو ذاته الذي يترك القضاء يقاضي الفاسدين بقانون عقوبات منتهي الصلاحية فقط لإنه يركن قوانين القضاء على رفرف صراعاته السياسية ، و هو ذاته المجلس الذي اصر على اعتماد مادة في الدستور اسمها ( استثناء من الفصل بين السلطات ) تقضي بالتصويت على ( رئيس محكمة التمييز الاتحادية و رئيس هيأة الاشراف القضائي و أضاف له نائبه في قانون هيأة الاشراف القضائي ، و رئيس جهاز الادعاء العام )
كل من ينادي بالذهاب الى القضاء لا يريد وجه العدالة ، و إنما يبغي احدى السيئتين ، إما هدنة للتفاوض و تحقيق و توزيع المكاسب ، أو لتوظيف الذهاب للقضاء كجزءٍ من مراحل الصراع ؛ لا تعتبروني ممن يهرب من التفكير بإتهام الجميع ، إلا أنني استمع للقضاة كثيرا عن طبيعة دعاوى السياسيين و سذاجتها القانونية … و إلا أليس حري بالأطراف التي تتهم بعضها البعض بالفساد ان تذهب للقضاء من غير هذه الجعجعة و تأزيم الأوضاع و إشاعة الفوضى ، و دعونا نختبر العبيدي هذه المرة ، فهل يا ترى سيذهب الى القضاء ، و يبقى الى آخر المطاف بذات الخطاب الذي اذاعه بجلسة الاول من أب ؟