5 نوفمبر، 2024 4:39 م
Search
Close this search box.

الهدف من احتلال الموصل هو الصين!!‎

الهدف من احتلال الموصل هو الصين!!‎

قد يبدو العنوان للوهلة الأولى غريبا يفتقد للمنطق والرصانة التي ينبغي أن يتحلى بها المحلل السياسي, لكنها إحدى الحقائق الغريبة بالنسبة للقارئ العربي والطبيعية بالنسبة للوبي الصهيو أمريكي والذي يوظف جميع أدوات الصراع للهيمنة على العالم.
تبلورت الأهداف الإستراتيجية الأمريكية(والمتطابقة دائما مع الأهداف الإسرائيلية)بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية والتي شارك في صياغتها نخبة من المفكرين والفلاسفة والقادة السياسيين والعسكريين وكبار أصحاب رؤوس الأموال وخبراء الإعلام تحت عنوان عريض أسموه(القرن الأمريكي) والذي يبحث في سبل إنجاح وديمومة الهيمنة الأمريكية على العالم خلال القرن الواحد والعشرين , ظهرت هذه الدراسة عام2000بالتزامن مع تقرير الكونغرس الأمريكي حول مستقبل الطاقة خلال 100عام القادمة.

أن إلقاء الضوء على هذه الأهداف يعطينا تصورا واضحا عن الربط بين احتلال الموصل من قبل داعش والحرب السرية على الصين ويمكننا من فهم أعمق لمسارات ا لسياسة الأمريكية في العالم ومدى الترابط الوثيق في عملية التوظيف والإدارة لتلك السياسات رغم البعد الجيو سياسي الظاهر في نطاق اهتماماتها بكل ملف على حدا, فكل تلك السياسات تدور حول محور واحد هو تثبيت زعامة أمريكا للعالم من خلال تحقيق هدفين رئيسيين لا ثالث لهما : الأول: السيطرة على مصادر الطاقة وطرق إمدادها التي تمكنها من ضبط إيقاع الاقتصاد العالمي وفق مصالحها وبالتالي التحكم بمصير الحضارة الإنسانية

الثاني:إبعاد أي دولة يمكن أن تنافسها على هذه الزعامة اقتصاديا او عسكريا والدولة الوحيدة المهيأة لممارسة هذا الدور خلال العقود القليلة المقبلة هي الصين.

أما باقي المواقف والسياسات فهي (مرحلية) تخدم في النهاية الهدفين الرئيسيين, وقد تتغير هذه السياسات التكتيكية لمواجهة ظروف و معطيات لايمكن التنبؤ بكل تفاصيلها على الورق,كبروز روسيا-بوتين رقما إضافيا على المعادلات الدولية عقد السبل لانجاز الهيمنة الأمريكية وخاصة موقفها الصلب في سوريا, أو فوز خاتمي برئاسة الجمهورية الإيرانية بعد أن خدمت سياسات سلفه احمدي نجاد الحمقاء بشكل كبير الأهداف الصهيو أمريكية في الشرق الأوسط, وهذه الحقائق –من بين حقائق أخرى – تتطلب تعديلات محدودة كتأجيل بعض الأولويات أو تغيير صيغ التعامل مع أزمات تظهر كنتائج ثانوية للسياسة الأمريكية وربما فتح جبهات أخرى ضد الخصوم وهو احد أسباب الاضطرابات في أوكرانيا التي جاءت بمثابة تحذير قوي للجم الاندفاع الروسي في مواجه الغرب وتحييد دوره في الشرق الأوسط والعراق بالذات في أضيق الحدود الممكنة أو لامتلاك مزيد من أوراق الضغط في أي تسوية مستقبلية تجبر أمريكا على الجلوس لتقاسم النفوذ مع روسيا والصين.

صرح ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي في عام 2000 (إن إمدادات الطاقة العالمية لم تكن تنمو بالشكل المطلوب لكي تغطي احتياجات العالم المتزايدة وان ضمان التحكم بما تبقى من إمدادات النفط والغاز الطبيعي سيكون مهمة أساسية لأي دولة تسعى للحصول على أو الاحتفاظ بموقع متقدم في السلم العالمي), إن هذا التصريح من مسؤل أمريكي بحجم نائب الرئيس يوضح لنا أهم دوافع السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط فقد حدثت تفجيرات برجي

التجارة واحتلال أفغانستان والعراق وتقسيم السودان وأحداث الربيع العربي بعد هذه التصريحات.

إن أي محاولة لإلقاء نضرة سريعة على خريطة الطاقة المستقبلية توضح بما لا يقبل الشك الدوافع الحقيقية للحروب والاضطرابات في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وباقي بلدان المنطقة ,وإصرار داعش على احتلال مناطق أنتاج النفط والغاز على جانبي الحدود السورية العراقية يقع ضمن إطار الصراع الأوربي الأمريكي لمواجهة النفوذ الصيني الروسي في محورين يتنافسان على أهم مشروعين للغاز في العالم وهما المشروع الأمريكي (نابكو) والمشروع الروسي(السيل الشمالي والجنوبي).

يقع مركز المشروع الأمريكي في أسيا الوسطى والبحر الأسود ويتم التخزين في تركيا ليأخذ مساره إلى أوربا عبر بلغاريا ورومانيا وهنكاريا والتشيك وكرواتيا(وهو احد أسباب الصراع الروسي الأمريكي في هذا البلد) وسلوفينيا وصولا إلى ايطاليا, أما المشروع الروسي فيتخذ مسارين هما المسيل الشمالي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق والمسيل الجنوبي الذي يمر بالبحر الأحمر ثم إلى بلغاريا وينقسم إلى جزئين احدهما إلى ايطاليا والأخر إلى اليونان, ولكن ما أهمية الشرق الأوسط ودول محددة فيه (العراق- سوريا- السعودية – إيران) بالنسبة لهذا الخط الذاهب إلى أوربا بعيدا عن الصين؟

إذا ما حددنا أماكن إنتاج وتوزيع خطوط الغاز الرديفة التي تدعم احد المشروعين وتمثل نقطة تفوق احدهما على الأخر يمكن لنا بسهولة معرفة اللعبة الدولية التي تجري جزء من فصولها المهمة في دولنا ونفهم بشكل أدق أسباب الاستماتة الإيرانية الروسية الصينية في الدفاع عن سوريا والمساعدات العسكرية للعراق من قبل هذه الدول لمواجهة داعش, بعد ان تخلت امريكا هن مساعدته ويمكن تلخيصها باربعة خطوط بالنسبة للمشروع الامريكي وهي:

1- خط غاز الربع الخالي(426مليار متر مكعب زائدا حقل غوار الكبير شمال شرق السعوديةباحتياطي227 مليار متر مكعب) , نقطة التجمع في ارض روم عبر سوريا

2- خط الغاز القطري (اكثر من100مليار متر مكعب) بنفس المسار عبر سوريا

3- خط البحر الابيض المتوسط (345مليار متر مكعب زائدا 6مليار برميل غاز سائل مع احتياطي نفطي يقدر ب1.7مليار برميل قابلة للزيادة) واغلب هذه الاحتياطيات في سوريا, يضاف اليها ماموجود اصلا من احتياطيات في الاراضي السورية وخاة حقل قارة الغازي الضخم الذي تم الاعلان عنه في 6/8/2011والمقدر ان يكون انتاجه 400الف متر مكعب يوميا.

4- حزام حقول الغاز على امتداد الخليج بين العراق وايران (حزام زاغروس , 212 مليار مترمكعب) والمقرر له نفس المسار عبر سوريا.

أما روسيا والصين فتتلخص خطتها بالحفاظ على نفوذها في سوريا للهيمنة على خط البحر الأبيض المتوسط وتقاسم خط زاغروس مع الولايات المتحدة عبر احتفاظ كل منهما بمواقعه في البلدين, وترك حقول الربع الخالي وغوار في السعودية وقطر وباقي دول الخليج للأمريكان كونها مناطق نفوذ تقليدية لهم , لكن ورقة المساومة بيد

روسيا والصين هي في عقدة مرور كل هذا الغاز الى نقاط التجميع في ارض روم التركية عبر سوريا التي تتمسك بها هاتان الدولتان.

المعلومات السابقة توضح الحيثيات الحقيقية لجزء من الصراع لكن هناك جزء اخر منه يدور حول مشروع إيصال الغاز الروسي إلى الصين عبر إيران-أفغانستان- الهند ,كبديل لمشروع خط الغاز الروسي المباشر إلى الصين عبر التبت بسبب مشاكل جدية تتعلق بالتكاليف وأخرى تقنية أهمها تجمد الغاز في مناطق التبت الباردة جدا, لذالك أطلقت أمريكا بالتزامن مع مشروع الشرق الأوسط الجديد مشروع أسيا الوسطى الكبير واحد أهم مراحله احتلال أفغانستان لمنع وصول الغاز الروسي الإيراني للصين, بالإضافة إلى مشروع السيطرة على الممرات البحرية ابتدءا من مضيق هرمز(تمر منه 35% من إمدادات النفط العالمية) إلى بحر الصين الجنوبي عبر سلسلة من التحالفات التي تشكل قوسا عدائيا في المجال الحيوي الصيني يمتد من اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا وفيتنام والفلبين والهند,مضافا إلى الطوق الذي تسيطر عليه أمريكا مباشرة في أفغانستان وباكستان.

أن تحقيق الهدف الثاني (منع الصين من تهديد زعامة أمريكا للعالم) يتطلب تحقيق الهدف الأول(السيطرة على مصادر الطاقة وطرق نقلها) لذالك نجد هذا الاهتمام الاستثنائي الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط واستعدادها لخسارة مئات مليارات الدولارات وآلاف القتلى لاحتلال العراق..تحت شعارات واهية وحجج مضحكة تبين مدى استهزائها بالقانون والمجتمع الدولي.

أثبتت حرب العراق إن مواجهة التحدي الصيني عن طريق امتلاك النفوذ في مناطق انتاج وتصدير النفط والغاز بالاحتلال المباشر مكلف للغاية لذالك كان الاحتلال خطوة تكتيكية غير قابلة للتكرار ولكتها مهمة للضغط على سوريا(المرشحة لتكون في صدارة العالم بما تمتلكه من احتياطي هائل للنفط والغاز وموقع جيو سياسي تتصل فيه كل مشاريع الغاز المستقبلية ) وإيران التي مازالت تسبب صداعا مزمنا لأمريكا وإسرائيل منذ الإطاحة بالشاه عام 1979,بهدف تفكيكهما بعد الانتهاء أو بالتزامن مع تفكيك العراق, بالإضافة إلى تفكيك كل من السعودية واليمن ومصر والسودان وليبيا. أن تمزيق هذه الدول إلى كيانات صغيرة متناحرة يفقدها إمكانية اتخاذ قرارات مستقلة خارج الإرادة الأمريكية في كل المجالات ولاسيما إنتاج وتوزيع النفط وحتى لو حاولت ذالك فان انتشار الفوضى التي تؤدي الى ضهور حركات دينية متطرفة تعرقل وتمنع أي اتفاق بين هذه الدول القائمة على اساس العداء المذهبي وهنا تكمن اهمية وجود داعش والقاعدة وباقي المنظمات الدينية الارهابية كاحد العوامل الحاسمة في منع أي قرار مستقل لدول الشرق الاوسط في مجال الطاقة ,وبذالك تتحكم أمريكا في حدود النمو الاقتصادي للصين باعتبارها الدولة الأكثر استهلاكا للطاقة بعد الولايات المتحدة وكل حاجاتها من النفط والغاز تؤمنه عبر الاستيراد الذي يأتي غالبا من دول الشرق الأوسط.وهنا نفهم إلحاح أمريكا على تقسيم العراق بأي ثمن فبعد أن استطاع العراقيون تجاوز الحرب الطائفية والرفض الشعبي لمشروع بإيدن الهادف لتقسيم دولتهم, استخدموا أوراقا إضافية (ودائما مايحتفظ الأمريكان بالخطة p أذا مافشلت الخطة الرئيسية) فكانت داعش وكانت غزوة الموصل التي لايمكن لها أن تنجح دون تواطئ أمريكي لفرض واقع التقسيم بالقوة بعد فشل الأدوات السياسية , فقد نشأ واقع جيو سياسي من الصعوبة تغييره بتقسيم العراق عمليا إلى منطقة للأكراد تمتلك كل عناصر الدولة وأخرى سنية تحت السيطرة شبه الكاملة لداعش

والقوى المسلحة المتعاطفة معها وثالثة شيعية تسيطر عليها الحكومة الاتحادية, إن المرور بسرعة على بعض الملاحظات يؤكد أن تنظيم داعش هو احد أدوات السيطرة الأمريكية فهي -على سبيل المثال- لم تعطي أي سبب مقنع لإطلاق سراح البغدادي الذي كان معتقلا لديها كما لم تكلف نفسها عناء تفسير سبب رفع اسم الجولاني زعيم جبهة النصرة عن لائحة الإرهاب الأمريكية عام 2014, رغم إنها تكرمت بتبرير تقاعسها في دعم العراق وتأخيرها المتعمد لتقديم الأسلحة(مدفوعة الثمن منذ سنوات) بشرط غير منطقي ومثير للسخرية يضع العربة قبل الحصان بالطلب من العراقيين إقامة حكومة وحدة وطنية قبل المساعدة في دحر الإرهاب.

انه لأمر مدهش أن تراقب الأقمار الصناعية الأميركية سيطرة منظمة إرهابية على أسلحتها المتطورة بما فيها أسلحة ثقيلة تنتقل بها إلى سوريا بل وتقيم استعراضات نصر في مدينة الرقة!! دون أن تتخذ أي إجراء لاسيما إن داعش تخوض حربا ضد المعرضة السورية المعتدلة التي تدعمها امريكا والغرب وان أي انتصار لها هو هزيمة لأصدقاء أمريكا التي صرف لها اوباما قبل أيام مبلغ500 مليون دولار لدعمها بأسلحة فتاكة؟!!

والأكثر غرابة هو الصمت الإسرائيلي على هذا التغيير النوعي لتسليح داعش وتمويلها بعد استيلائها على دبابات أبرامز وأسلحة ثقيلة أخرى ومبلغ 427مليون دولار من مصارف الموصل وصلاح الدين, وهي التي ترصد وتدمر أي شحنة سلاح تتجه إلى حزب الله (خصوصا من سوريا) حتى بحجم شاحنة صغيرة؟!!

لايمكن تفسير هذه المواقف الصهيو امريكية إلا بوجود تفاهمات بينها وبين داعش تضع إمكانياتها الإرهابية في خدمة المشروع الأمريكي آخذين بنظر الاعتبار رؤية المنظمات الإرهابية وخصوصا داعش التي تصنف ارض فلسطين كأرض (عهدة) وليست ارض (جهاد) وهو مايعني وفق المصطلحات الجهادية أنهم ليسو في وارد أي مواجهة مع إسرائيل بل توجب التفاهم والتصالح معهم؟!!

وهنا نعود إلى أصل الأهداف الأمريكية, فهذا الود الكردي الداعشي من جهة وإسرائيل من جهة أخرى يحي خط أنبوب نفط كركوك-حيفا الذي لاتحلم إسرائيل بوجوده في ضل أي حكومة مستقرة تحكم في العراق وسوريا فهو ممكن فقط بوجود منظمات تحتل الأراضي التي من المفترض أن يمر فيها هذا الأنبوب أو دولة سنية غير قابلة للحياة الا برهن مواردها النفطية والغزية بالمشروع الامريكي, فالمنتج(إقليم كردستان)بدأ فعلا ببيع النفط إلى اسرائيل عبر تركيا كثمن لدعم اللوبي الصهيوني لإقامة الدولة الكردية والترويج لها اوربيا, وهذا اللوبي بحاجة لداعش لسيطرته على المناطق الجغرافية لمسار أنبوب كركوك-حيفا عبر محافظات الموصل العراقية والرقة ودير الزور السورية وصولا إلى الجولان الواقعة تحت سيطرة جبهة النصرة و التي تنتظر أي فرصة لرد الجميل لإسرائيل التي قدمت لها الدعم اللوجستي الذي لم يقف عند التشويش الالكتروني ضد الجيش السوري أثناء المعارك أو معالجة الجرحى بل وصل إلى التعاون ألاستخباري الوثيق وخصوصا في درعا التي ستكون حدود إسرائيل المستقبلية بعد ابتلاع الأردن, وأي خدمة تقدمها جبهة النصرة لإسرائيل أكثر من المساهمة في مد أنبوب نفط كركوك-حيفا الذي سيوفر لها الموارد المالية لإقامة دويلة خلافة شبيهة بدولة البغدادي,وهكذا تتحول إسرائيل إلى أهم ممر للنفط والغاز العراقي عبر المتوسط

,وباستكمال خطط التفكيك والسيطرة لدول الشرق الأوسط سيتم لأمريكا تجريد الصين ودول أخرى أهم مقومات مزاحمة أمريكا لزعامة العالم خلال القرن الواحد والعشرين.

ان مايحدث في العراق الان من اضطراب سياسي وامني هو جزء صغير من مشهد كبير ومعقد من صراع دولي يشمل مختلف القارات تُستخدم فيه كل الامكانيات من قبل الدول العضمى للفوز بغض النضر عن مصير دول وشعوب شائت الاقدار ان تقع في قلب هذا الصراع. وليس امام العراقيين الكثير من الخيارات لمواجهة هذا التهديد الوجودي للدولة العراقية كما اقر بذالك بان كي مون الامين العام للامم المتحدة سوى المصارحة الحقيقية والاجابة على سؤال مهم هل يريد العراقيون دولة واحدة فاشلة حسب كل تقرير الامم المتحدة والمنضمات العالمية ام يستقل كل جزء بقراره بدون هذه الحرب التي تنتزف جميع موارده .

أحدث المقالات

أحدث المقالات