تتذكر الحاجة أم سلام (74) عاما من أهالي باب الشيخ ببغداد، كيف كانت تتسابق مع أخواتها الأخريات على إعداد سطح الدار ليكون مُهيئاً للنوم في زمن كانت وسائل التبريد الحديثة غير متوفرة، والناس في ذلك الوقت يعتمدون على ما متوفر من وسائل لتخفيف حر الصيف. وتضيف ” رش السطح وكنسهُ قبل غروب الشمس من الأعمال المفضلة لدي مع إعداد فراش النوم منذ وقت مبكر ليكون بارداً”. وتشير أم سلام إلى أن ” تُنكة الماء يتم وضعها على مكان مرتفع كي لاعبها الهواء، ويصبح ماؤها بارداً، وفي حين تحفظ بعض العوائل الطعام والماء في ثلاجة خشبية التي دخلت فيما بعد” وتؤكد ” لكل فردٍ من العائلة جربايه من الحديد، وفي حين يتم وضع الكلل لمنع الحرمس وسماح لدخول الهواء “. أما المعلم المتقاعد حبيب هادي(70) عاما من أهالي الصدرية فيقول ” عند النوم على السطح، وفي الأيام المقمرة كنا نشغل أنفسنا ونحن صغار في عدد النجوم حتى يباغتنا النوم حيث الهدوء يخيم على المكان ماعدا أحاديث الأهل وهم يتناولون الرقي والبطيخ البارد على السطح “. ويضيف هادي ” النوم على السطح في الصيف هو السبيل الوحيد للتخلص من الحر في ذلك الوقت،واعتقد أن الجو فيما مضى كان ابرد من الآن ، الشوارع لم تكن معبدة ورشها بالماء يمكن أن يلطف المكان “. ” أكثر من عشرين سنة وأنا أنام على السطح برغم من وجود المبردة والمكيف الهواء” هذا ما قاله سعدون موحان (64) عاماً من أهالي مدينة الصدر، ويؤكد” اشعر أن جسمي متعب عندما أنام على المبردة لذا كنت أفضل الهروب إلى سطح الدار، وانزل عند صلاة الفجر” أما اليوم ” تركت هذا الأمر بعد أن زادت عمليات إطلاق العيارات النارية العشوائية، وأصبح السطح غير الآمن “. ليس وحدها العيارات النارية هي من تعكر صفو النوم على السطح، فالمزعجون كثر من هم: المطرجية، ديك الجيران ، آخرها العواصف الترابية ” أكثر من كان يورق نومة السطح ديك الجيران الذي كان لا يعرف ليله من نهاره، والعواصف الترابية جعلت هذا الأمر صعب المنال اليوم “. النوم على السطح فيما مضى طقوسه التي يعشقها الصغار أكثر من غيرهم كما تقول الحاجة صبيحة جبوري (67) عاما من أهالي العوينة ” أجمل شيء هو تلك المنافسة ونحن نتسابق في إعداد الفراش والمكافأة الحصول على شيف رقي بارد “.أما السيد حنون مرجان مهندس زراعي من أهالي الزعفرانية فيقول ” الأجواء اليوم اختلفت عن ذي قبل، حيث يمكن الاكتفاء بوسائل تبريد بسيطة لمواجهة حر الصيف في وقت كانت العوائل تمتلك مروحة هواء فقط ،أما اليوم اعتقد أجواء العراق أصبحت لا تنفع معها هذا الوسائل القديمة “. ويضيف مرجان ” أتذكر عندما كنت صغيراً كان لجدي رحمه الله جربايه حديد يضعها في الحديقة وما كان عليه سوى رش الأشجار كي يشعر ببرودة المكان، واعتقد أن أزمة السكن قضت على الحدائق المنزلية فضلاً على العواصف الترابية التي تحول دون إعادة ذكريات النوم السطح “.