23 ديسمبر، 2024 4:39 م

ذات مرة قصَّ لي أحد أصدقائي حين عودته من السفر، أنه  كسائح ٍ التقى براهبٍ بوذي في تايلاند، ودار  بينهما حديث ممتع وجميل، فعلق في ذاكرة صديقي منه الشيء الكثير، ومنها نصيحة هذا الراهب له.
قال الراهب له شارحاً وناصحاً : أن الناس ثلاث فئات.
الأولى:  من رأى النور فتحرك صوبه
الثانية:  من رآى النور ولايتحرك صوبه
حتى قال مشدداً وناصحاً : فأما الثالثة فتلك التي لم تَرَ النور، فإحذَرهم.. ولاتقربهم !!!قال الصديق: سألته كيف ولنا من الخلق من الأغلبية ما يحتاج المساعدة والتوضيح والإرشاد؟قال أُحذرك منهم ! الأفضل عدمه..!فسأله لماذا..؟قال الراهب:ـلأنهم يستنزفون طاقتك وان أرشدتهم الى النور لايتبعونه فالحقيقة أمامهم كالشمس حتى وإن اشرت لها بإصبعك لن يلتفتوا إليها، لأنهم قومُ إعتادوا الظلام  فلاتُرعِبُهم بالنور لأنهم لن يروه. 
دعنا نتوقف لنفهم معنى النور عند الراهب.لم يعني الراهب بقدسية النور وإلهيته، وإنما بنور إرادة  النظر لترى العين الحقيقة كالشمس ماثلةً أمامها في منتصف النهار. فالأرادة هي النور المقدس والمعني بالتغيير، إذ لاتوجد وصفة سحرية سوى حلول قداسة هذه الإرادة وفتح الشبابيك لدخول تيارات  الهواء الجديد . لكن الخوف القابع في نفوس هذه الفئة من الناس يمنع من حلول إرادة ترك قبضة الذي في اليد أو من صبغه بلون جديد، بالرغم من أن مثال التغيير المستمر يتجلى نوراً في أنفسهم بحرق مراحل العمر. 
أجسادنا تتبدل خلاياها بالتمام كل ثلاث سنوات ، ونشعر بالتغيير ولانفهم  رسالته ! مرت سنة وكأنها يوم، ويمر العمر كله دون معنى . لآن الفكر لم يُفطم بعد، باقي في مرحلة الطفولة يرضع من ثدي أمه فخدرته السخونة.