عندما انتخب العراقيون ممثليهم لينوبوا عنهم في مجلس النواب العراقي؛ كانوا قد أدوا واجبهم وسلموا بعض أمور بلدهم ومستقبل أجيالهم إلى مَنْ انتخبوهم مباشرة أو عن طريق “كتلهم”!.. وهذه هي الخطيئة الأولى أن يكون الناخب أمام أمرين أحدهما “حلو” والآخر “مُرْ”!.. حلو عندما يعرف مَنْ ينتخب؛ ومُرٌّ عندما ينتخب “كتلة” هي تختار مَنْ يمثله حتى إذا لم ير وجهه مرة واحدة إلا بعد أداء “القسم”!.
وعندما تسلم هؤلاء المنتَخَبون مهامهم كنواب للشعب تغير وضعهم “السيكولوجي”!! والاجتماعي؛ فبعد أن كان أكثرهم من الذين يتسكعون في المقاهي والدواوين! والمجالس العامة ويختلطون مع الناس؛ اختفوا فجأة عن هذه “البيئة”! التي ترعرعوا فيها وكونوا لهم “بيئة” جديدة! وابتعدوا عن ناسهم! ومزقوا لافتاتهم التي تحمل شعاراتهم الواعدة! وتغير “هندامهم”!.. والناخبون لا زالوا في “هندامهم” المتواضع! ومستمرون في أعمالهم ومعاناتهم اليومية ولم يتغير شيئاً بعد! نحو الأحسن! رغم مرور الأيام والأشهر والسنين التي ازداد البعد خلالها بينهم وبين مَنْ انتخبوهم.
ومما زاد طين المسحوقين بلة؛ أنه كلما زادت معاناة المواطن العراقي زادت معها رفاهية وترف نواب الشعب!! فبدلوا بيوتهم المتواضعة بقصور وفلل؛ وبقي المواطن في بيوت الطين و “التنك”!! وبعد أن كان النائب يركب “الكيا” الأجرة أصبحوا يركبون سيارات الدولة المصفحة والمظللة!! وبدل أن يسعوا إلى حماية المواطن من الإرهاب؛ جعلوا لهم حمايات مدججة بالسلاح ومصحوبة بالعنجهية والشراسة والإرهاب في مواجهة المواطن الذي فرض عليه احترام “النائب” أو “النائبة” ولا يكون سبباً في إصابتهم بـ “نائبة”!!؟ وكان على المواطن الناخب لهؤلاء أن يتقبل الدفعات و”الكفخات” والسب والشتم إذا لم يحترم “نائبه” في الشارع وقرب بيته وحين يتنزه!!؟
ثم تمادى أكثر نواب الصدفة العراقيون أبعد من ذلك وامتدت أيديهم إلى أموال الشعب وسرقتها وإلى قوت الشعب والتلاعب فيه وإلى اقتصاد البلد والمساومة عليه وإلى أمن البلد والشعب والتآمر عليه.
هؤلاء النواب يجب أن يكونوا درعا للشعب والوطن ويذهبوا إلى مجلس النواب ويعودوا إلى بيوتهم في سياراتهم الخاصة وبدون “فصيل” حماية! ولا سيارات خاصة مدرعة ومظللة ولا رواتب ومخصصات خيالية كانوا يحلمون فيها!! حيث يجب عليهم مجابهة المخاطر بصدورهم كالمقاتل في جبهات القتال؛ كما يعيش المواطن يومه ولياليه من دون حراسة ولا حماية وقد تعرض الآلاف من المواطنين للعمليات الإرهابية البشعة حيث لم يجد الحماية ولا مَنْ يدافع عنه من الذين انتخبهم الذين تجدهم في الشدائد والملمات في بيوتهم وحمايتهم وحراسهم وخدمهم!! ينعمون بالأمن والسلام؛ في الوقت الذي يجب أن يكون المواطن العامل في الليل والنهار هو في مأمن وسلام ومَنْ انتخبهم هم في ساحات القتال الداخلية والخارجية ويكونوا مقاتلين لا مخاتلين!! إن أهم ما يقوم به النواب العراقيون وخاصة مرشحي “الكتل” هو رفع اليد لتأييد رئيس الكتلة في مواقفه التي تمثل جهات مشبوهة ولا تمثل أبناء الشعب ولا مصلحة الوطن بأي حال من الأحوال حيث سادت مفاهيم “المحاصصة” و “المشاركة” و “المقبولية” إضافة إلى “المفروضية”!!؟ وضاعت كل الجهود الانتخابية ولا قيمة لها ولا للناخبين المخدوعين!!؟