23 ديسمبر، 2024 5:59 ص

النهج المرجعي لمشروع الحكيم

النهج المرجعي لمشروع الحكيم

إنفردَ تيار شهيد المِحْراب، عن بقية التيارات السياسية الأخرى، بولاءه المطلق للمرجعية الدينية، والإيمان التّام بها، والتسليم الكامل لجميع ما يصدر عنها من وصايا وتوجيهات، فهو ومنذ مرحلة التأسيس جعل من الولاء والطاعة للمرجعية، أساساً في حركته السياسية، للمجتمع العراقي بشكل خاص، وبشكل عام نحو المجتمع العالمي، هذه الأطروحة تجسدت في أرض الواقع، فكانت سمة بارزة  في التيار، وما كان ليتخذ أمراً إلا ويرجع فيه للمرجعية ليستنبط الحكم منها، فجعلها ميزاناً في إتخاذ المواقف وطرح المبادرات الوطنية .
حينما أستشعرت الجماهير العراقية هذا الشيء، ووجدته يطبق عمليا في جميع مفاصل التيار، أعلنت إنخراطها تحت راية، الشهيد السيد محمد باقر الحكيم ( رض )، الذي  كان يُعد إمتداداً لمرجعية الإمام الراحل محسن الحكيم (قدس سره)، التي كانت تعد المرجعية العامة للطائفة الشيعية، حينما حان وقت عودته لأرض الوطن، بعد سنوات من الجهاد ومقارعة النظام الصدامي المجرم، عسكرياً وسياسياً وثقافياً، غصت الشوارع بالجماهير الكبيرة، من محافظة البصرة الفيحاء إلى محافظة كربلاء المقدسة لتستقبله، فرغم عناء الطريق، والوضع الأمني المربك، لم تأبه لقوات الإحتلال الأميركي، ولا للعصابات البعثية الإجرامية ولا الإرهابية، إستقبلته بحفاوة كبيرة، منقطعة النظير، معلنةً له الولاء، والمضي معه ومؤازرته في بناء الدولة العراقية ما بعد سقوط الصنم، في نوع من التلاحم بين الراعي والرعية .
المشروع الذي إنطلق من أجله تيار شهيد المِحْراب، هو بناء دولة عصرية، يتحقق فيها حُلُم المرجعية، هذا الحلم الذي كان ولا يزال يراودها منذ القدم، ففيه ستمهد الطريق لقيام دولة الحق، التي ينتظر المؤمنون وبفارغ الصبر قيامها، مشروع متكامل لبناء الدولة على أسس قويمة، فكان ولا يزال مشروع مهماً يتصدر أولويات التيار، فلابد من السعي بتحقيقه مهما كلّف من ثمن، حيث إن مشروع الدولة العادلة يخدم بالدرجة الأساس الوطن والمواطن، ويساعد في حل جميع الإشكاليات المتعلقة، فسمة العدل هي المعيار الأساسي في حلها .
 لا يتحقق العدل إلا بإنتهاج نهج صحيح، يكون بمثابة المعيار في معرفة ما مدى فاعلية المشروع ؟، وإلى أين يتجه؟، وهل هو يسير على الطريق الصحيح؟، حيث إن النهج الحسيني، الذي قُتِل من أجله سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين ( صلواته تعالى عليه )، يعد من أفضل المناهج في أخذ الدروس وإستخلاص العبر، نعم إن الإصلاح الذي طلبه الإمام الشهيد، كان لابد منه، ولا يتحقق الإصلاح إِلَّا بالعدل، حيث إن كان خروج الإمام في حقيقة الأمر، هو بناء دولة الحق العادلة وقيام حكمها، وهذا أمر طبيعي، في جميع ثورات المعصومين من الأئمة والأنبياء ( صلواته تعالى عليهم أجمعين )، ولا ينحصر في شخص معين، حيث إن كل إمام ونبي ممهد لقيام هذه الدولة العادلة .
إذاً ما نراه في مشروع الدولة العصرية العادلة، قد تجلّت فيه سمة العدل والإصلاح، التي أُبتعث من أجلها الأنبياء والمرسلين، وقد كافحوا من أجل تحقيقها، وحارب لأجلها الأئمة المعصومين في سبيل تدعيم أسسها في المجتمع، وعلى هذا الأساس فلابد من الرجوع في جميع الأمور إلى رواة الحديث، الذين أمر الأئمة ( صلواته تعالى عليهم ) إتباعهم، ومن هذه المنطلق إنطلق تيار شهيد المِحْراب، بالرجوع إلى الفقهاء المراجع، والذين هم أنفسهم رواة الحديث، وفي الواقع نرى ترجمة لهذا المنطلق .
أثناء جولة الشهيد محمد باقر الحكيم ( قدس سره) رأينا بأن العين كيف يدعو الجماهير وبكل قوة إلى إطاعة المرجعية والإلتزام بجميع ما تقوله، وحينما دعت المرجعية العليا لتشكيل حكومة عراقية وطنية، وكتابة الدستور بأيدٍ عراقية، كان الراحل عزيز العراق أول الملبّين، وحالما طالبت بالتغير كان السيد عمار الحكيم بعدها أول المنادين، وساهم بشكل كبير في حث الطبقة السياسية على تلبية هذا النداء، وعندما أعلنت المرجعية فتيا الجهاد الكفائي، بعدما تمكن الدواعش الإرهابيون من إحتلال عدة محافظات في العاشر من حزيران من العام المنصرم، شاهدنا كيف خطب السيد الحكيم بين المتطوعين وأعلن عن تشكيل سرايا عاشوراء للتصدي للعدوان التكفيري .
في الختام وقبل السلام؛ إن الإرتباط بين تيار شهيد المِحْراب بالمرجعية العليا ، سواء كانت  في النجف الأشرف أو في قم المقدسة، هو باقٍ ما بقت الحوزة العلمية، ومن يفكر إن التيار قد فقد قوته وسينسحب من العملية السياسية، فهو واهم وأصيب بالجنون، هذا التيار هو تيار مرجعي حظي بمباركة المراجع العظام، وهما على إتصال مستمر، من الثورة الحسينية نستمد مبادئنا، ونخطط لبناء عراقٍ يتمتع بالعدل، سنحاول في كل مرة ولن نفشل وسنستمر، إلى أن يأذن تعالى لوليه الحجة بن الحسن ( عجل تعالى فرجه) بالقيام، وسنقاتل تحت لواءه المحمدي، فتيارنا باقٍ ويتمدد بأخلاق وتربية شهيد المِحْراب السيد محمد باقر الحكيم ( قدس تعالى نفسه ) لنا، هذه الأسس التي يرتكز عليها هذا التيار المبارك، في بناء تنظيماته، فالقرآن الكريم وأهل البيت ( صلواته تعالى عليهم ) سِرُّ قوتنا، وبهم سننتصر ولن نقبل بغيره، فأما النصر أو الشهادة، والسلام .