· لن يخسر أحد غير العراقيين
· لانريد للعراقيين عض شفاهم ندما
· التأريخ لايرحم القتلة في لسانه وذاكرته
لا أظن أن عراقيا يتوفر له بعض التفكير العقلاني والموضوعي , يمكن له الجزم بأن العمليات العسكرية الجارية في (الأنبار), يمكن ان تحقق الهزيمة النهائية (للقاعدة) وتفريخاتها (داعش) وغيرها , اعتمادا على المقاييس الواضحة في حروب العصابات , كما يوضح لنا التأريخ المعاصر لهذه الحروب , في أسيا وأميركا اللآتينية , واذا ماحاولنا اخضاع مايجر في (الأنبار) الى المقارنة البسيطة , نجد ان الحالة في (الأنبار) تتميزبصعوبات أكثر بسبب من :
اولا: سعة المساحة المكانية وتنوع الطبيعة الجغرافية .
ثانيا : حقيقة وجود الحواضن الإجتماعية في عديد من المناطق, المؤسسة على علاقات اجتماعية في كثير من الأحيان وصلت حد انشاء العائلات المشتركة . وربما يعيدنا هذا الى سنوات الحركة الكردية اذ كان (البيشمركة) يعملون في الزراعة نهارا ويحملون السلاح ليلا .
ثالثا : ضعف جانب الاتصالات المباشرة مع المجتمع على الارض , وقيام اتصالات حكومية مع بعض (الوجوه) محدودة التأثير في مجتمعها.
رابعا : اذا كانت اهداف العمليات العسكرية تتوجه الى عناصر تحتل مدنا وقصبات , فان امر مكافحتها , لايتوقف على اجراءات عقاب او اعتقال فردي , من دون الإضرار بما يحيط المستهدف من مواطنين ومساكن , وفي هذا يجد قادة العمليات العسكرية انفسهم أمام ممارسة القصف المدفعي ب( النمسساوي) وغيره, وهو مدفع ثقيل بعيد المدى , كان له الدور المؤثر في الحرب العراقية الإيرانية في عقد ثمانينيات القرن الماضي حيث شاهدت بنفسي, كما ان استخدام الطائرات ووسائل التعقب والتدميرالأخرى , ترك وسيترك آثارا عميقة في وجدان المواطنين,مما يعمق ويكرّس مشاعر الكراهية والخوف والشعوربالإقصاء والعدوانية . وهذه من اهم العقبات المؤثرة في علاقة المكونات المذهبية بين الجهة الغربية والجنوب.
خامسا : هناك مأخذ هام على الحكومة, يتمثل في عدم تهيئة الخدمات (اللوجستيّة) لآلاف العائلات المهجرة ,التي تقطعت بها سبل النجاة من الاعمال العسكرية , بشكل كاف , خاصة واننا ندرك ان الاعداد لهذه العمليات لم يكن وليد الصدفة ,بل كان مخططا له منذ العام الماضي على الأقل ربما منذ بدء الإعتصام على الطريق السريع , وما رافق ذلك من تداعيات صفقة الأسلحة الروسية, ذات الرائحة (الزاكمة) بفضيحتها التي تم (تسويفها وطمطمتها).
سادسا : تجمع آراء خبراء مكافحة الإرهاب , ان مثل الأعمال المرتكبة في مدن وصحارى (الأنبار) , لايمكن للأعمال العسكرية الواسعة ان تحقق نجاحا واضحا وملموسا في قمعها ,خاصة واننا نعرف جيدا ان المعلومات الاستخبارية عن عدد العناصر المستهدفة وتسليحها وتجهيزها مثلا ,لاتتناسب مع الدقة المطلوبة لتأمين حيازة نتائج مبتغاة..واذا ماتذكرنا ان عديد المصادر النيابية المقربة من الحكومة , قد ذكرت بيانات متناقضة !عن تلك الأعداد بدأت من 500 عنصر , ليحدد ها احد هذه المصادر بالمليون مسلح..ونحن يمكن لنا اعتمادا على استقصاءات , القول ان هذا العدد لايتجاز 2000 عنصر, يتجمعون عندما يتطلب الامر في مكان محدد ,وينتشرون على مساحة الرقعة الجغرافية ,بدليل ان بيانات الفعاليات العسكرية تذكر في الغالب (قتل او اعتقال ارقاما فردية) عدى ماحصل في الفلوجة , حيث تجمعت العناصر المستهدفة باعتبار (الفلوجة) آخر معقل للإستماتة ,وانجاز ضربات مؤثرة ضد القطعات العسكرية .
سابعا : في الحقيقة .. لايمكن لي الجزم , بأن القيادات العسكرية المنخرطة في القتال , على درجة كافية من الكفاءة القتالية , في مواجهة عناصر مقاتلة تلقت تدريبات وفق قاعدة (اضرب واهرب) , كما اني ألاحظ بعض المبالغات التي تدلي بها المصادر العسكرية , عن (الانتصارات المتحققة ) وهذا ما يضعف مصداقية هذه القيادات , واظن ان المجتمع ليس في حاجة في حقيقة الأمر, الى مثل هذه التصريحات ان كانت متقاطعة مع الواقع !
وأظن من المفيد منع تصريحات القادة الميدانيين , والأقتصار على ناطق مخول , ومانتمناه ان لايكون كقاسم عطا الذي غادر مهمته وهو يحمل لقبا غير محمود .
ثامنا : لاادري كيف سيتاح للأجهزة الإدارية في (الأنبار), انفاق مليار دولار على اعمار المحافظة ؟ ولمّا تزل (الأنبار والفلوجة) تلفضان السكان خارج المدن ؟ الأجدر بهذا (المليار) ان يذهب الى تهدئة الأوضاع الملتهبة , والتخفيف عن معاناة المواطنين الصعبة وتعويضهم عن ممتلكاتهم .
تاسعا : الملاحظ ان الكثير من هجمات القوات على اوكار المستهدفين من (القاعدة الداهشية واخواتها), تعتمد فيما تعتمده على الخدمات اللوجستية التي تقدمها الولايات المتحدة الامريكية, من خلال اقمارها الصناعية, وهي ربما تكون الأساس في وضع الخطط التنفيذية ,ولاأدري ماهية الدور الإستخباري المباشر على الأرض , ماالذي حققه فعلا على صعيد تشخيص الأهداف ؟ واذا كان هذا الدور ناجحا , الا يعوّض بشكل ما عن الهجمات الجماعية بالاسلحة شاملة التأثير, التي لاتستخدم الاّ في الحروب الواسعة ؟
انني كمواطن مستقل يشدني التساؤل , عن نهاية مايجر في (الانبار والفلوجة ) ؟ مع ذكر حقيقة ,اني لست ممن يؤمنون بأن نهاية قريبة لمايجر في طريقها الينا ..بل اني اعتقد , ولست جازما في هذا , ان المعركة ستطول, بدليل امدادات الأسلحة الضاربة كالطائرات التي ترد تباعا الى القوات العسكرية , مما يخلق تداعيات اضافية , كما اننا لايمكن ان نثق بالقدرة على احكام السيطرة على الحدود الواسعة , حيث ترد الأسلحة والمعدات من الدول المجاورة للعراق , لتؤثر في زيادة قوة العناصر المستهدفة ,وللتدخلات والمال الخارجي دور هام في ذلك .
كما لايمكن لي ولغيري الثقة , ان هذه الحرب قد بوشرت بعيدا عن اهداف انتخابية لنوري المالكي حصرا , من اجل ان يلعب على وتر (الجهة الاخرى) التي لاتريد ل(الشيعة) الحكم ! وهذا أمر يحتمل نقاشا واسعا لسنا في معرض تناوله الآن ,ولكنني اقول وبصدق مطلق , ان مثل هذا الرهان خاسر لامحالة , بسبب ان هذه الهواجس الدونية , تمكنت من ذوي السلطة , واستخدمتها كوسيلة للتمسك بالحكم , واذا كان بعض المواطنين من الجهتين قد سمح ضعفه وقلة وعيه بالإيمان بها , فان ذلك يمثل حالات استشنائية , خاصة بين الفئات الإجتماعية المقادة من دون تبصر وتفكير مستقل بأهمية وحدة العراقيين شعبا وأرضا, في مرحلة بالغة التعقيد كالمرحلة الراهنة !
كما ان ما اعلن خلال زيارة (المالكي ) الى (الأنبار) من الاتفاق على معالجة للأوضاع في (الأنبار والفلوجة) , أمر ينطوي على كثير من الشك في نجاحها بعد مرور بضعة ايام على اعلانها, ويبدو انها سوف تصطف الى محاولات كثيرة سابقة !
ان المخاطر التي نبه لها ذوي الفكر المستقل , أصبحت الآن عند اقدام العراقيين ,خاصة اذا عرفنا ان مجموع النقد بالعملة الصعبة في العراق الآن لايتجاوز70 مليون $ , مما يجعل خطر الافلاس زاحفا ليوقف كل شييء , وبضمن ذلك عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين , ولتوثيق ذلك نشير الى ماقاله بهاء الاعرجي مساء الثلاثاء 22/شباط/ 2014, وما أشار اليه المالكي شخصيا بشكل آخر في كلمته الأسبوعية ..هذا في ظل عدم اقرار الميزانية العامة .في وقت نشهد معارك مشتدة في (الأنبار والفلوجة) , تتطلب نزفا ماليا لايستهان به , ونأمل ان لايؤدي ذلك بالقائمين على السلطة الى التضحية بمصالح العراق , من أجل معالجة الأمور وتوفير السيولة النقدية لهذه الحرب , كما حدث عام 1975 في (الجزائر), حيث وقع الرئيس الأسبق صدام حسين اتفاقية مصالحة مع شاه (ايران ) , لتحقيق هزيمة الملا مصطفى البارزاني بسبب من” بقاء بضعة قنابل فقط في مخازن الجيش” , وقد منح (الشاه ) بفعلها نصف شط العرب , ومناطق واسعة في القاطع الأوسط , تشمل (نفط خانة وسربند و14 رمضان) وغيرها , تضم ثروة نفطية كبيرة , شكلت جانبا من المبررات المعلنة , التي اعتمد عليها الرئيس الأسبق صدام حسين ,في الحرب ضد (ايران ) , ونزول مآسيها على الشعبين العراقي والأيراني , مثل صواعق دامت ثمان سنوات شابت لها الولدان !
المدركون لحقيقة الأمور, لايأملون فوزا منجزا سريعا خلال أيام ,او مايزيد عنها قليلا للقوات الحكومية على اوكار العناصر المستهدفة ,من (داعش وملحقاتها) بعد مضي بضعة أسابيع على مباشرة الحملة العسكرية , , التي اصبحت اليوم مقياسا لجهد اقليمي ودولي, يستهدف تدمير قدرات العراق, وتفجير الفتنة الطائفية الطالّة برأسها الخبيث ,من حين لآخر, والتي كانت أحدى العوامل المؤثرة في وصول العراق الى ماوصل اليه من عجز عن معالجة الأمور .. ولاأدري لم لا يقال ان الحملة ضد (القاعدة) , في وقت عرف الجميع ان (داعش) ماهي الا ّ كناية لتخصص العمل في العراق , وهي جزء لايتجزأ من (القاعدة) في ظل انفراط مركزية قيادة (القاعدة) المتمثلة بأيمن الجواهري ,وما داعش h, hgkvm hb فنحن لانفرح مطلقا عندما يقتل الأبرياء , وتسبى العائلات العراقية الفقيرة, وتشرد مجاميع الناس من بيوتها وبيئتها الإجتماعية بسبب العمليات العسكرية ,التي كان ينبغي ان يستعاض عنها بالجهد الإستخباري الدقيق خاصة في المدن والحواضر المدنية ! وتشير دراسات كثيرة الى ان المجتمع, يشكل أحد الروافد الهامة للعمل الإستخباري في (اوربا) , من خلال رصد غير مخطط , طابعه الوعي الإجتماعي والفضول أيضا,أذ تخبر (العجائز) عن اية ظواهر غير طبيعية في محيط رؤيتهن ! وفي النتيجة تكتشف عديد الجرائم المستترة ..وغير بعيدة عن العراق خبرات دول ضليعة في العمل الإستخباري!
أما اذا بقي الحبل على الغارب , والحدود الدولية مشرّعة , او تنطوي على ثغرات , والحراسات على السجون التي تحوي ارهابيين على درجة من الخطورة , محكومون بالإعدام غير ذات كفاءة , او تضم مندسين , فذلك أمر في غاية الغرابة ! ولايمكن تبرئة احد من المسئولين عن الحراسة , اوتوفير مستلزمات القدرة لهم ولايمكن تبرئة أحد منهم في الأقل عن جريمة الإهمال , أن لم تنطو على المشاركة الفعلية ..فأين هؤلاء المسؤولون عن هروب السجناء المتكرر, وهل ادينوا من قبل القضاء ؟ ..لم نسمع !!
وليس من قبيل المبالغة قولنا ان هذه الحملة الواسعة ,ربما قذفت بالعديد من المواطنين الأبرياء الى الموت او السجن, مع انهم لم يرتكبوا اية اعمال عدائية ضد أمن البلاد ..وفي هذا يتوجب سرعة انجاز التحقيقات في الميدان , وجعل ضمير المحقق هو من يقرر ان كان هذا المعتقل بريء ام مذنب !
لن يكون أحد من العراقيين سعيدا بقتل يومي يطال مواطنين ابرياء, بينما القوات العسكرية تتجحفل لمطاردة ارهابيين موصوفين , كان الكثير منهم وعلى الأخص بعض قادتهم قبل اشهر او أسابيع خلف القضبان ..ومايجر في (الانبار والفلوجة) ليس كما كانت معركة علاوي الأمريكية ضد أهالي (الفلوجة) , كما أنها ليست معركة محدودة خاطفة في موقع مجدد,خاضها المالكي ضد (التيار الصدري ) في البصرة اثر ارتكاباته الواضحة !
مايجر في (الأنبار والفلوجة) , أمر ينطوي على مخاطر عميقة التأثير, ولايمكن لأي عاقل النظر اليها نظرة (مزورّة) عن الحقائق , ويجب أن تتوقف فورا ,خاصة فيما يتعلق بقصف المدن, ولن يكون أحدا منّا خاسرا ,فالخسارة في استمرارها وخروجها عن المعلن من الأسباب الداعية الى ممارستها , ولا أظن ان جهدا عاقلا مستوعبا للأخطار المحيقة بالعراق , سوف يتوانى عن التقدم بمبادرات حقيقية , تحقن دماء الأبرياء, وتعزز وحدة العراقيين ..فهذه الدماء هي دماء عراقية غالية, لايمكن لنا السكوت على سفحها على أديم الإسفلت والرمال , في حين يتوجب أن تكون في خدمة بناء العراق والدفاع عنه !
فهل من يسمع او يتبصّر أو يتنازل عن غلواءه وتعنته ..انا لله وانا اليه راجعون
ورود الكلام …
————–
لاحظت ردود أفعال عدد من قراءي الكرام وهم موضع اعتزازي وتقديري,على بعض مقالاتي المتضمنة حقائق على الأرض ,وكأنهم يريدون بي الإصطفاف الى آراؤهم وقناعاتهم,من دون أخذ الحقائق بنظر الإعتبار , وذلك أمر لايستقيم مع هدف الوعي الجمعي ولا يتسق مع نهجي الفكري المستقل ,حيث غسلت جسدي وضميري وعقلي منذ زمن طويل , من أدران التثقيف المذهبي او الديني او العرقي, ليس لظواهر او أفكار ايديولوجية ,وأنما بفعل تجارب عميقة خضتها , توصلت الى الحقيقة من خلالها , الكامنة في أهمية (الموقف المستقل) , واحترام كافة الأفكار والعقائد , الا مايتعلق منها بالعمالة لأجنبي, او سرقة المال العام , أو الإساءة الى القيم الإجتماعية الرصينة ..فارجو مخلصا من قراءي الأفاضل, فهمي على قدر مامنحني الله من مقدرة على التعبير , وعزاءي ان (المفلس في القافلة أمين ) !
مع ترحيبي المخلص باية مناقشات تردني على العنوان البريدي
[email protected]