22 ديسمبر، 2024 7:25 م

النقابات المهنية وادوارها المنسية

النقابات المهنية وادوارها المنسية

لم يعد مفهوم النقابة قاصرا على حماية مصالح منسوبيها والدفاع عنهم أمام الجهات الرسمية ، إنما صار للنقابات أدوارا وطنية أو أدوارا اجتماعية لما لها من عناوين ذات مغزى شمولي ، أو لها منتسبين يملكون اختصاصات تمكنهم من أن يلعبوا ذلك الدور الذي يتمناه المواطن العادي ، فنقابة الصحفيين على سبيل المثال ، هي تمثل قلم الشعب ، ومايك المواطن ، أو أنها شاشة فضح المستور ، فهل سمعتم لها صوتا في كل ما يدور ، أو قرأتم لها بيانا تحذر فيه من المحظور ، أو عرضت تقريرا فيه مطلب شعب مقهور ، لا ، والف لا ، صمت مطبق واحداث تهز مضجع النائم وهي بلا حراك ولا حتى طلاسم ، نقابة الاقتصاديين ، سكوت مطبق ، ودور معلق وسط تخبط حكومي واقتصاد مكشوف او مول مفتوح ومعمل مغلق ، نقابة المحامين . كان الأولى بها أن تكون المحامي العام عن قضايا بلد احتله معتد لم يرفع عن عدوانه اللثام بلغة القانون والارقام ، حدود تمدد عليها التجاوز بقرار من مجلس الأمن ، ولا حق له في تحديد حدود الدول ، لا توجد معاهدات شارعة ، بل معاهدات الحدود معاهدات بينية ، أو حتى لم ترفع النقابة شكواها أمام المحاكم الدولية تفند فيها اعتراف المحتل بعدم وجود أسلحة الدمار الشامل ، والاعتراف سييد الأدلة ، وكذا كل النقابات ، كنقابة الصيادلة كانت حتى عهد قريب تتفرج على فوضى الادوية وتجاوز الصيدليات على تعليمات النقابة بشأن اختصاص المالك أو بصدد المستخدم الطارئ او الدواء الفاسد ، أو نقابة الأطباء ومعارك الاعضاء ، ولا شأن لها بالعيادات وغلاء الكشفيات أو حتى تواطؤ أعضائها مع اصحاب الصيدليات . أما نقابات العمال فالعتب كل العتب على من كانت في مقدمة تلك الطبقة المسحوقة في صراعها مع شركات النفط البريطانية ابان حكم الانتداب أو بعد كذبة الاستقلال ، ومجزرة كاور باغي دليل على صراع مستديم مع الطغاة وان تبدلت العناوين ، أو تغيرت البدلات ، أو اضراب الموانئ وتعطل الشاطئ ، او اضراب عمال السكك أو تمرد عمال الزيوت ، كلها عناوين نضال لتعبر عن الام شعب قهرته الأنظمة وتوالت عليه الأقنعة ، وظلت النقابات العمالية حتى العهد القريب محبة للقطاع العام مؤازرة للقطاع الخاص ضاربة أعلى نماذج حمل هموم الوطن .
نعم كل النقابات وهي تمثل صفوة المهنيات واصحاب الكفاءات ، تتراجع كتراجع المجتمع عن كوابحه والتخلي تدريجيا عن موانعه ، وكان الأجدر أن تصرخ بوجه هذا التراجع ، وان تتصدر موكب دعاة الإصلاح والعودة إلى الثوابت ، والمطالبة بحقوق العراق المسلوبة ، فقد صار ما كان عيبا عملا مقبولا في هذه الأيام والحليم تكفيه إشارة الإبهام ….