23 ديسمبر، 2024 5:30 ص

النقابات المـهنــية على ضـوء اليوم الوطني للمسرح !!

النقابات المـهنــية على ضـوء اليوم الوطني للمسرح !!

أبـَــجـِــدْ : تأسيس
مبدئيا فظهور النقابة كإطار ارتبَط أساسا بظهور الطبقة العمالية / البروليتاريا ؛ وذلك من أجل الدفاع عن مطالبها واحتياجاتها ؛ ورفع الحيف الذي يلحق الشغيلة من لدن الباطرونا ؛ وبالتالي فحرية تأسيس النقابة ؛ يـعَـدُّ من الحقوق الأساسية التي نصت عليها القوانين والتشريعات الدولية و الوطنية ، والانتماء إليها حَق مشروع طبقا لتلك القوانين والتي تم التنصيص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ؛ وخاصة في المادة 23 الفقرة الثانية منه؛ كما نصت الاتفاقية الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية للشغل رقم : 87 لسنة 1948 وهي خاصة بالحريات النقابية وحماية حق التنظيم في مادتها الثانية : « للعمال … بدون تمييز الحق في تكوين المنظمات التي يختارونها بأنفسهم أو الانضمام إليها بدون حاجة إلى إذن سابق، ودون الخضوع إلا لقواعد هذه المنظمات فحسب. ولكن إن عدنا للوراء قليلا؛ فبالنسبة للمغرب فالنقابة لم تنشأ إلا في أواسط 1936 وقبل هذا التاريخ كانت تؤسس وداديات للموظفين وجمعيات للمأجورين و تجمع مهني: و تبدو الحركة النقابية بالمغرب عند بدايتها – وستظل حالها كذلك– لمدة طويلة – كامتداد للحركة النقابية الفرنسية، مع بعض الخصوصيات المترتبة عن الطبيعة الاستعمارية للبلد. فقد كانت هذه الحركة فيما بين 1919-1930- من إنشاء موظفين فرنسيين وجلبت شيئا فشيئا عمالا أوربيين ، لكنهم لم يلعبوا فيها إلا دورا ثانويا. أما الطبقة العاملة المغربية، فإنها لم تلعب أي دور لسبب بسيط ، هو أنها لم تكن موجودة آنذاك كطبقة (1) لكن حينما تقوت النقابة وخاصة ( الكونفدرالية العامة للشغل ): دخل المكتب في علاقة مع فيدرالية نقابات الموظفين التي يترأسها شارل لوران؛ والتي استعادت استقلالها الذاتي تحسبا لوقوع انشقاق في صفوفها، إذ أن العديد من أعضائها كانوا من أنصار الكونفدرالية العامة للشغل الوحدوي(2) فصدر ظهير بتاريخ 24 يونيه 1938 يحَـدد عقوبات زجرية بحق المغاربة الذين ينخرطون في النقابة ؛ فالتضييق الذي عرفه العمال والموظفين المغاربة ؛ لم يسمح لهم الاطلاع جيدا على آلية تفعيل العملية النقابية تنظيميا وتكتيكيا وتحاوريا. بحيث قبل سنة 1936 نجد قانونا : أصدر في سنة 1928 القاضي بمنع النقابات العمالية بالدخول إلى النقابات الفرنسية خوفا من التأثير الكبير عليها (3) ولكن قبل أن نضع ظهير المنع في إطاره ؛ فلقد: كان مجموع العمال يشكلون بروليتاريا من أصل قروي وغير منفصلة عن جذورها بشكل تام، وليس لها بعد وعي طبقي ولم يكن بإمكانها أن تتوفر عليه وبالتالي لم يكن بإمكانها أن تكون حاضرة بنوع ما في تنظيم مهني جنيني (4) فمن خلال المنبع والسيرورة التاريخية هاته حقائق بشكل أو آخر تنعكس على الحاضر؛ بأن المغاربة لا دربة لهم في المجال النقابي وبالتالي لماذا انشق ( الاتحاد المغربي للشغل) سنة 1955 عن النقابة الفرنسية الكونفدرالية العامة للشغل ؟
فمن خلال ما يشاع أن الضغوط وحملات القمع التي مارستها السلطات الاستعمارية في حق العديد من العمال؛ حاول بعض النقابيين تنظيم أنفسهم للانقلاب على النقابة الأصل وبالتالي : فميلاد الاتحاد المغربي للشغل لا يمكن فصله عن رغبة أطر الحركة الوطنية في تأسيس عمل نقابي من أجل خدمة النضال السياسي الحزبي، وفصل الحركة العمالية عن التأثيرات الممكنة للمناضلين الشيوعيين داخل الكونفدرالية العامة للشغل (CGT) وربط النضال النقابي بالنضال من أجل الاستقلال(5) ولكن من المغالطات أنه يتم القفز و ممارسة التضليل حول الصراع أو بالأحرى الانقلاب الذي أحدثه ( المحجوب بن الصديق) على(الطيب بن بوعزة ) هذا الأخير الذي انتخب بالإجماع في المؤتمر التأسيسي؛ بدل منافسه الذي هدد بالانشقاق؛ لأن تصريح ( بوعزة) الذي يشير بالقول: أنا نقابي قبل كل شيء، وهذا بالضبط ما تسبب في إبعادي في وقت لاحق، لم يكن لدي هاجس سياسي أو مطامح سياسية، كنت أسعى دائما لتأسيس عمل نقابي صرف . يحظى بدعم الأحزاب ؛ لكن دون أن تتدخل في شؤونه الخاصة. بيد أن هذا لم يكن رأي الأغلبية الساحقة من قيادي حزب الاستقلال. باستثناء عدد قليل من الشخصيات كمحمد اليزيدي الذي كان يحذر دائما من التفرقة واستحواذ السياسي على النقابي(6) وبالتالي أمسى ( المحجوب بن الصديق) الزعيم التاريخي؛ وإن كان هذا الأخير سعى لفصل السياسي عن النقابي فإن: الخلفية التي كان ينطلق منها سياسية محضة؛ وكدليل على ذلك حضور في فرنسا لتحضير المفاوضات إلى جانب الوطنيين، بحيث لم يعد للمغرب إلا يوما واحد، قبل المؤتمر التأسيسي للاتحاد المغربي للشغل ؛ في الوقت الذي كنت أدير فيه العمل النقابي(7) فهذا التصريح نشم منه روائح الطبخات السرية ؛ وما الانقلاب السريع إلا إشارة توحي بأن النقابة في شخص ( الزعيم التاريخي) بشكل أو آخر ستخدم مصالح فرنسا وغيرها ؟ فالسؤال تجيب عنه إحدى المقدمات بصيغة الفاهم يفهم : حيث قام الإتحاد المغربي للشغل بتجنيد كثير من الأطر التي التحقت حديثا بالحركة النقابية؛ والذين مثلت المسؤولية النقابية بالنسبة إليهم امتيازا، ذلك أن الدولة وضعت رهن إشارة المنظمة النقابية منذ الاستقلال إمكانات كثيرة : كالمقرات والاعتمادات المالية؛ وأداء رواتب المئات من المداومين عن طريق التفرغ (8) فهذا الوضع أدى بتراجع مريب عن الاختيارات والمبادئ الأساسية ؛ التي كانت بمثابة النداء الاول الذي وجـه الى الطبقة العاملة التي دعاها الى الوحدة والتضامن لبناء مغرب حر وديمقراطي. فأمست البيروقراطية واللاديمقراطية بصمة عارفي تاريخ النقابة المغربية ؛ مما أدى للانشقاقات؛ حينما خول قانون الحريات العامة الصادر في 16 يوليوز 1957 الحق للمواطنين في تأسيس جمعيات ونقابات مهنية. بحيث كلما ظهرت منظمة نقابية إلا وتعلل نشأتها بغياب الديموقراطية الداخلية والاستفراد بالتسيير وخلود الزعامات. وهذا في بداية الستينات من ( ق، م) ك: الاتحاد العام للشغالين- اتحاد نقابات القوى العاملة – اتحاد نقابات العمال الاحْـرار -……- مع العمل أن الحقيقة المرة في مسألة التعددية النقابية لم تكن وليدة صراعات اجتماعية او ضرورة نضالية مِـن أجل الأجَـراء بل هي نتيجة صراعات ذاتية وحسابات شخصية ومساومات تحت الموائد… هنا لا نخون ؛ ولكن نبض التاريخ النقابي والواقع من خلال إفرازت أحداثه ومعطياته يكشف لنا ماهية العمل النقابي بالمغرب.
فهل النقابات الفنية تخرج عن هـذا السياق ؟

هَــــوَز: تـفعيــل

نلاحظ عمليا بأن المشرع المغربي لم يعرف النقابة المهنية، و إنما اكتفى بتحديد وظائفها فقط مما يلاحظ تغييرا واضحا بين ظهير 16 يوليوز1957 و مقتضيات مدونة الشغل الجديدة رقــم : 99-65 وخاصة في المادة 396. حيث ينص الظهير في فصله الأول على: ” أن القصد الوحيد من النقابات المهنية هو الدرس و الدفاع عن المصالح الاقتصادية و الصناعية و التجارية و الفلاحية الخاصة بالمنخرطين فيها” هنا نتساءل فالمجال الفني وفنون الآداء في أي خانة نضعه ؟ وإن كان الفصل الثاني من نفس الظهير ينص على أنه : « يجوز أن تتأسس بكل حرية النقابات المهنية من طرف أشخاص يتعاطون مهنة واحدة يشبه بعضها بعضا، أو حرفا يرتبط بعضها ببعض … ويمكن أن تحدث نقابات فيما بين الموظفين » فهل الفاعلين في المجال الفني يتعاطون نفس المهنة؟ بالتأكيد لا ولكن يجمعهم ( الفن/ الإبداع) فهاته الصفة غير واردة في مدونة الشغل ولافي الظهائر ولا في قانون العقود والالتزامات؛ ولاسيما أن أغلب المواد القانونية ؛من التشريع الفرنسي؛ ولا زال بعض من مواده سارية المفعول؛ ولكن لماذا لم لم يشرع للفن والإبداع المغربي كمقتضيات ؟ بكل بساطة فالمشرع الفرنسي لـم يعتبر المسرح وفنون الأداء كمهنة في المُستعْمرة. وهذا ما أدى بالمسرحي- ع الواحد الشاوي- في بداية النداء من تحويل جوق التمثيل الفاسي إلى فرقة الاتحاد المسرحي؛ لكنه التزام الصمت عن المطالبة بتأسيس نقابة للمسرحيين رفقة المهدي المنيعي الذي كان يترأس جمعية ثانوية مولاي ادريس .
من تلك الفترة لا وجود لنقاش أو إشارة حول النقابة الفنية ، إلى حدود 1961 استنهضت همة بعض المسرحيين المحترفين للمطالبة بتأسيس نقابة مهنية ؛ نتيجة صدورمذكرة تمنعهم من المشاركة في مهرجانات مسرح الهواة . إذ قوبل الطلب بالرفض من لدن بعض المسرحيين وبإيعاز من وزارة الداخلية التي كان يديرها أنذاك- امبارك البكاي- ونفد المنع رضا أكديرة الذي حل محل البكاي بعد موته (تاريخ مسرحي مسكوت عنه) فهاته التوضيحات المبسطة والتي ربما يجهلها العديد من المسرحيين تقودنا للسؤال الجوهري: هل المسرح المغربي يحتاج إلى نقابة ؟
طبعا الإجابة ستختلف؛ ولكن السؤال الحاسم للاختلاف: منذ عقود وعقود ولا وجود لنقابة للفنانين ؛ فأين كان المسرحيُّون ؟ فمن زاوية العطاء كان الإبداع يحمل نوعيته الإشراقية؛ رغم اختلاف المدارس والاتجاهات على مستوى المحترفين/ المتفرغين ؛ فكان لا داعي لرفع مستوى المهنة ولا لتنظيم مزاولتها والدفاع عن حقوق منتسبيها. من خلال تأسيس نقابة مهنية .لأن العطاء والإنتاج متوفر؛ وكل مبدع وفنان يدافع عن مهنته بطرقه الخاصة . طبعا فالمسرحيون المغاربة أغلبهم لا يتوفرعلى تأمين صحي وضمان اجتماعي أوأجرتقاعدي. نظرا لغياب قوانين ناظمة لحياتهم . ولنكن أكثر شفافية ؛ فمنذ تأسيس نقابة (المحترفين) والتي تأسست على طمع ( 1في المئة) المذكورة سنة 1999 وليس كما يشاع للدفاع عن حقوق الفنانين وإيقاف الاستغلال الريعي الذي مارسته بعض من الجهات مستغلة الفراغ القانوني؛ وتلعب خارج الضوابط القانونية المعروفة . مع العلم أن النقابة التي تفرعت عنـها نقابات أخرى ؛ وتلك إشكالية( عظمى) كلهم يتخبطون في البحث عن صيغ قانونية تحمي بها المنتسبين إليها كإنشاء التعاضدية الوطنية للفنانين سنة 2007 وسن قانون الفنان سنة 2003 ومراجعته وتعديله سنة 2016، وإحداث البطاقة المهنية والدعم المسرحي والدعم السينمائي ودعم الإنتاجات الدرامية المختلفة. كل هذا جميل. لأنها تـعَد أوراشا عمقها شراكة بين ( النقابة /الوزارة ) وبالصيغة النضالية بين( النقابة / الباطرونا) فإذا دققنا في الظهير الشريف رقم 1.16.116 الذي يحَـدد تعريفا للفنان: كل شخص ذاتي يبدع أو يشارك من خلال أدائه في إبداع أو إعـادة إبداع أعمال فنية؛ والذي يعتبر العمل الفني عنصرا رئيسيا في حياته ويساهم في تطوير الفـن والثقافة أو خريج إحدى المؤسسات المختصة في التعليم الفني المعترف بشهادتها من طرف الدولة ؛ ويعتبر فنانا مهنيا كل فنان يمارس نشاطا فنيا بصفة دائمة أو متقطعة مقابل أجر فني أو في إطار القيام بعمل فني لحسابه أو لبيعه أو كرائه لصالح الغير وتصنف وضعية المهنية للفنان المهني من حيث طبيعة العقد وتعدد الأجر الفني بحيث يكون فنانا مشتغلا بصفة دائمة – مشتغلا بصفة متقطعة – يشتغل لحسابه الخاص – يشتغل مقابل دخل إضافي- (9) هنا التعريف واضح أن الفنان ذاك المتفرغ لمهنته وعمله . ولا علاقة للموظف أو الذي تقاعد وغيره بالنقابة الفنية ؛ وإن كان هنالك تصنيف يقول[يشتغل مقابل دخل إضافي] القصد منه ( الموظف) ولكن بشروط قانونية لأن الفصل 15من الظهير الشريف بشأن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية ؛ المعدل بالمادة الاولى من القانون رقم05-50 في شأن منع ازدواجية المهنة ؛ ومقتضياتها. وهناك منشور وزاري(10) الذي يذكي الفصل 15 من الظهير والفصل73من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ؛ مانعا ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻭﺍﻷ‌ﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺤُـﺮﺓ ( إلا ) بترخيص إداري. هنا الإشكالية محسومة في قضية من له الأحقية أن يتأطر كفنان محترف. وما دون ذلك فهو تطاول وانتهازية مكشوفة؛ علما أن صفة الفنان يؤطره الظهير الشريف رقم 1.16.116 بمثابة [ أجير] هنا النص بشكل أو آخر يضع الفن في المجال الاقتصادي/ التجاري. وبالتالي سنكون أمام إشكال نقابي هل هو مهني أوفني أو عمالي؟ لأن الصفة والإطار يختلف قانونيا. فمثلا[ المحامي / الطبيب/…] مهني وليس فني أو عمالي . ويحكمه القانون الخاص .كما أن هنالك اختلاف بين الأجير/ الموظف/ العامل/ المستخدم . فمدونة الشغل وضعت تعريفا للأجير في المادة 6 التي تقول : يعـد أجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني تحت تبعية مشغل واحد أوعـدة مشغلين لقـاء أجـر أيا كان نوعه وطريقة أدائه. ويدخل في مفهوم الأجير أيضا ما يعبر عنه بالمستخدم الذي يشتغل في مؤسسة عمومية أو شبه عمومية. وبالتالي فمن هو المؤاجر في هذا الباب هل المقاولة أم الشركة أم وزارة الثقافة ؟ لنعمق الرؤية ونمارس الشفافية؛ ونسأل أنفسنا هل الأجير/ الفنان هل هو ضمن أجـراء عاديين (الذي يستخدم لمدة معينة أو لعمل مؤقت أو عارض) أومن الأجَـراء الموسميون( الذي لا حق له تجاه الدولة، بعد انتهاء الفترة الموسمية التي استخدموا من أجلها، سوى التقديمات التي يستفيدون منها وفاقا لأحكام قانون الضمان الاجتماعي) ؟
فمادام الكل يتهافت على الدعم المسرحي والسينمائي ؛ فالفنان المغربي(أجير موسمي) باعتبار الدعم ( موسمي) فمن سيحمي الفنان من عوائد الزمان ؟ وإن كانت هنالك لخبطة في المفاهيم ومقتضيات مدونة العمل/ الشغل ؛ إذ هناك أكثر من ( عشرين مادة )تتعلق بحماية الأجير/ الفنان فمن سيحميه من الأخطار والأمراض المهنية كمثال ( الإضاءة ) وهَـذا الأمر لا يعْـرفه جيدا إلا من عانق الركح سنوات؛ بأنها تؤثر على بنية الجـسم ( هُـزال داخلي) وعلى الذهن والعينين ونسوق ما تقوله المادة 24 من مدونة العمل: يجب على المُـشَّغِل بصفة عامة ؛ أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم وكرامتهم لدى قيامهم بالأشغال التي ينجزونها تحت إمرته. وأن يسهر على مراعاة حسن السلوك و الأخلاق الحميدة ؛ وعلى استتباب الآداب العامة داخل المقاولة …لكن المادة 39 و40 تحدد علانية عن الأفعال والأخطاء الجسيمة التي هي منافية للأخلاق الحميدة (؟؟) إذ ما نريد قـوله أن الفنان المغربي يتخبط خارج المنظومات القانونية ومساطرها وبالتالي هل الفنان دخوله تندرج ضمن الوعاء الضريبي الذي له علاقة بالأرباح التجارية؛ سواء أكانت أجورا أودخولا في حكمها. وحسب مقتضى الظهير الشريف المنظم للضريبة المهنية يشير [المادة الأولى]: يخضع لضريبة المهنة (الباتانتا) كل شخص أو شركة من جنسية مغربية أو أجنبية تزاول بالمغرب مهنة أو صناعة أو تجارة غير داخلة في المستثنيات المحددة بمقتضى الظهير الشريف(11) كل هاته الحيثيات القانونية بعيدة وبعيد عنها الفنان المغربي؛ لأن قضية ( الدعْـم) ليست دخلا ولا يحتسب في الدخول التي في حكمها؛ لأنه بمثابة إعانة ومساعدة للنهوض بالحركة المسرحية ليس إلا. بحيث في اليوم الوطني ( 14مايو) الذي يعتبر يوم إنزال للرسالة السامية للمناظرة الوطنية الأولى حول المسرح الاحترافي. وعلى ضوئها تحركت النوايا للاستفادة من مسألة ( 1 في المئة) التي حولتها وزارة الثقافة إلى عملية الدعم الذي: أعتبره الضربة القاضية التي وجهت للجودة والإبداع الحقيقيين، اللذان اعتمدا في السابق كمعيار لشراء العروض المسرحية وترويجها من طرف وزارة الثقافة ومسرح محمد الخامس ..إذ كرس الدعم بشكله الحالي مبدأ المحسوبية و الزبونية، وذلك بتخويله لعدد من الفرق لم يكن لها وجود في السابق، وإنما نبتت كالفطر بقدرة قادر(12) فتم ردم وهدم مسرح الهواة ؛ وانزلق الجميع إلى ( الاحتراف) الذي لازال يتخبط في عوالم عشوائية وغياب ترسانات قانونية تحمي ( المحترف) المهني ؛ حفاظا على حقوقه المهنية والاجتماعية : كالتقاعد/ التعويض عن العجز والمرض/ الضمان الإجتماعي/ هنا فما دور النقابة التي تشرذمت لنقابات ؛ وأنتجت صراعا من نوع آخـر منه العـزوف عن حضور عُـروض من ينتسب لنقابة غير نقابته؛ استفحال ظاهرة الوشايات والنميمة التي غـزت مدرجات المقاهي والحانات … فرغم تعدد النقابات المهنية/ الفنية فلماذا لا يفكرون في خلق آلية لتنسيق العملي فيما بينهم ؛ رغم اختلاف وجهات النظر وليس المواقف ( حتى لا نغالط أنفسنا ) بحيث الهدف الأسمى ربط جسور التواصل لدعم جهود كل منظمة ومقترحاتها العملية تجاه النهوض بالممارسة الإبداعية والفنية نحو أفق أفضل؛ وتفعيل الترسانة القانونية وتطويرها لصالح الممارسة المسرحية والفنية والثقافية بدل الانفصال والمواربات فيما بينهم؛ وبالتالي ماذا قدمت النقابات في اليوم الوطني للمسرح ؛ تجاه المسرح من جلسات وتنظيم موائد محلية وجهوية لمناقشة جادة وعميقة ، للوصول إلى كـُنه حقيقة هذا الوضع المسرحي الكارثي؛ ما طبيعة النقاشات البناءة التي ستخدم الفن عموما ؟ ها هي القوانين والمساطر؛ التي يمكن تفعيلها وكيف ؟.؟ وأسوق مثالا من فاس كجواب مكشوف( المدينة نائمة/ هادئة ليلا بطعم صباحية رمضان الذي ربما أثر فيها؛ لا عرض مسرحي ولآ نشاط ولا لقاء بين الجمعيات أو أفراد النقابات لتدارس ما يمكن تدارسه) ؟ وفي هاته الأجواء التي لا تخدم الفن والإبداع كمظهر اقتصادي؛ حسب مجريات مظاهر العولمة ؛ لا مناص أن يطرح المسرحيون سؤالا عريضا ماذا نريد من النقابة المسرحية وماذا تريد هي من المسرح ؟ لأن في اليوم الوطني لهاته السنة أفرز انفجارا غير مسبوق بالحدة التي تمت الآن تجاه الدعم في قضية ( الإنتاج / التوطين) إذ الكل يستنكر ويشجب ويوقع عرائض؛ فتلك الاحتجاجات فلما ذا لا تؤطرها النقابات لإحتضانها وتفعيلها كملف ضد الوزارة بدل تصريحات الفيدرالية (؟)
إن النقابات الفنية وإن كانت حاضرة فهي اليوم غائبة أو مغيبة ! لا تمارس وظيفتها الحقيقية ، فإن كانت عكس ذلك فلماذا الانشقاقات حتى في مشاهدة العروض المسرحية ؛ ولماذا لا ترفع دعاوي ضد الحيف الذي وقع للجمعيات المسرحية حَـسب بياناتها وتصريحاتها . لأن القانون يبيح للنقابات حـسب الظهير في الفصل الثاني من مرسوم 5 فبراير 1958 أنه : « يمكن للنقابات أن ترافع لدى أية محكمة» لأنها أولا تتمتع « بالشخصية المدنية » كما تنص على ذلك إحدى فقرات ظهير 16 يوليوز 1951 فيجوز لها أن تمارس جميع الحقوق المحفوظة للمطالب بالحق المدني بشأن كل واقعة أو فعل يحلق ضررا مباشرا أو غير مباشر بالمصلحة الجماعية أو الفردية للمهنة التي تمثلها.
وثانيا : يجوز للنقابة ككل شخص معنوي أن تتقاضى لدى المحاكم للدفاع عن حقوقها وخاصة المادة 15 من ظهير 17 أبريل 1957 المتعلق بالاتفاقيات الجماعية تقول فيه: « النقابات والتجمعات المؤهلة للتقاضي، والمرتبطة باتفاقية شغل بإمكانها أن ترفع باسمها الخاص دعوى المطالبة بتعويض عن الضرر … » هل ستستطيع أمام انسداد أبواب الحوار وعدم التوصل إلى تسويات ملائمة للخلافات حول قضية ( الدعم) ؟ ما أعتقــد لأن الفنان يحكمه القانون الخاص ومساطره ومقتضياته . والوزارة يحكمها القانون العام ومساطر قانون الوظيفة العمومية . و حـسب مدونة الشغل فوزارة الثقافة لا تعـَد مُشغـِلا ( للفنان) بل مساهمة في عملية النهوض بالمسرحي المغربي من خلال الدعم المسرحي والسينمائي وغيرهما؛ هذا ما يجب أن نفـهمه. مقابل هذا مـا يستعَـصى عن الفهم فإن وزارة الثقافة والاتصال تضع نفسها موضع المُشـَّغل والمٌشـَّغـل: مادامت ستشرع في تنزيل مقتضيات قانون الفنان وتوفير الحماية الاجتماعية للفنانين. وتمكينهم من الاستفادة من مجموعة من الخدمات وخاصة الفنانين الحاملين البطاقة المهنية ؟؟؟

الإحــــــالات :

1 – الحركة النقابية في المغرب :لألبير عياش ترجمة: نور الدين سعودي /ج الأول 1919-1942 ص8 دار الخطابي- د.س. ن
2 – نـــفـــســــــها ص14
3 – تاريخ المغرب السياسي في العهد الفرنسي لمولاي الطيب العلوي ط – 1/2009 ص145 زاوية للفن والثقافية- الدار البيضاء
4 – الحركة النقابية في المغرب :لألبير عياش – ص24
5 – أزمة العمل النقابي بالمغرب المظاهر- الأسباب- المخارج : لعبد السلام أديب في صحيفة الحوار المتمدن- عدد: 1186 – بتاريخ – 03/05/2005 /
6 – الطيب بن بوعزة يحكي مساره بقلم سامي لقمهري – مجلة زمان عدد18/أبريل 2015
7- نفـــســـــهـــا
8 – ميلاد الحركة النقابية العمالية الحرة بالمغرب : الطيب بن بوعزة، ترجمة: عبد الله سعد، دار النشر المغربية، الدارالبيضاء 1992 – تقديم : ص7/8
9 – انظر قانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية في الجريدة الرسمية عدد6501 بتاريخ 19 سبتمبر2016
10- ﻣﻨﺸﻮﺭ الوزارة الأولى ﺭﻗﻢ 99/30 ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 10 ﺷﻌﺒﺎﻥ 1420 (19 ﻧﻮﻧﺒﺮ 1999) ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻭﺍﻷ‌ﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺤــﺮﺓ.
11 – الظهير الشريف رقم 1.61.442 بشأن: تنظيم ضريبة المهنة (الباتانتا) طاله النسيان؛ وتم تفعيله من خلال الظهير الشريف رقم 1.89.116 صادر في 21 من ربيع الآخر 1410( 21 نوفمبر 1989) بالعطف
12- اليوم الوطني للمسرح …أي شئ تحقق؟؟؟ بقلم بوشعيب الطالعي في موقع الناضور24 بتاريخ 10مايو2010