القرن العشرون يمثل حضارة النفظ , والقرن الحادي والعشرون ذروة الحضارة التكنولوجية , أي أن النفظ مهزوم في العقود القادمات.
الدول النفطية التي لم تسخر ثرواتها للتواكب مع العصر ومتطلباته , ستتقهر وستندحر في هزائم خسرانية مروعة.
القرن الحادي والعشرون يتحرك بسرعة والتغيرات مضطردة , ومتدفقة بعنفوان تيار عارم الجريان.
العقول تحررت من قيودها ومعوقاتها , وأخذت تتفاعل وتتواشج أفكارها , وتتخلق للوصول إلى موجودات معبرة عنها ومؤثرة في مسيرة الأجيال.
المجتمعات المقتدرة ما عادت تستثمر بثرواتها الطبيعية على أنها الأساس لقوتها , بل أخذت تستثمر في ثروات العقول , وتعلمت قيمة الثروة البشرية , وما تدره من أرباح وتمنحه من الطاقات والقدرات , فأعظم ثروة معاصرة هي الثروة البشرية , ولهذا فالدولتسعى لجذب العقول وإطلاق ما فيها من الأفكار , وبها تكون , ومعظم الإضافات الأصيلة من إنتاج عقول مهاجرة إلى بيئاتتحتضنها وترعاها وتوفر لها الأسباب اللازمة لتجسدها , والتمتع بمعطياتها , ومبتكراتها المؤثرة في مسيرة البشرية.
والمجتمعات المستضعفة تقاتل عقولها وتطاردهم وتهجّرهم , وتعجز عن توفير المحفزات والأجواء اللازمة لتنمية الإبداع , وتأمين تخليق الأفكار وتطويرها والوصول بها إلى غاياتها الإبتكارية القادرة على التألق في ميادين الحياة , والتفاعل مع مواطنيها.
فبعض المجتمعات تتمتع بقدرات متميزة وفيها من الموروثات ما يؤهلها للإتيان بالإبداعات الأصيلة اللازمة للتوافق مع جوهرها الحضاري , لكنها تقتل عقولها , وتبدد طاقاتها , وتدفن قدراتها في رمال التجاهل والأمية والإغفال الخسراني المهين.
لماذا لا تنتقل بعض المجتمعات من الرؤية الريعية إلى الإستثمارية بالثروات البشرية , بدلا من التشكي من زيادات عدد السكان , وكأنهم عبأ ثقيل , لأنهم في حساباتهم عالة على الدولة , وليسوا طاقات ذات مردودات ربحية عالية.
فهل لنا أن نعيد للمواطن قيمته ودوره في صناعة الحياة الحرة الكريمة , فمجتمعات الأذكياء بحاجة لقيادة واعية ذات منطلقات واضحة.
وكلما زاد البشر توالدت الفِكَر!!