تنهض الأمم بقدرة أبنائها, ورغبتهم الحقيقية بنهوض أمتهم, لكن هذه الرغبة الشعبية يجب أن يقودها نخبة, يمتلكون المؤهلات اللازمة, لتنفيذ رؤيا قائد أو اكثر, تحقق طموحات هذه الأمة. من المثالي القول أن ذلك يحصل دون مشاكل أو أخطاء, وهذه تمثل فرصة لتقويم المشروع, كما يصعب أن تجد مشروعا يخلو من معارضين, بنوعيهم السلبي والإيجابي, ومن الطبيعي أن رموز المشروع, هم الأكثر تعرضا للهجوم والتسقيط, فهم واجهته وحملته, والمدافعين عنه, فتلازمهم ومشروعهم من المسلمات. لم يحظ ملف الاقتصاد في العراق بإهتمام حقيقي, قصورا أو جهلا من ساستنا, عدا مجموعة قليلة حملت مشروعا,
كان للجانب الاقتصادي منه دور محوري, ومحرك للعملية كلها, وتحققت بعض الإنجازات التي, لو قيست بموضوعية ضمن وظروفها الإقليمية والوطنية, لكانت اقرب للخيال منها للحقيقة. ربما نسي أغلبنا ملف الديون, وما تحقق من تخفيض للديون من نادي باريس والتي وصلت الى”80%”, وكان للسيد عادل عبد المهدي دور محوري فيها, حتى اطلق عليه الرئيس العراقي حينها, جلال الطالباني, بلكنته الكردية المحببة لقب “مجدّي العراق”. ربما بعضنا لا يعرف قيمة المنجز, لكن الاقتصاديين يعرفون أثر, بقاء دولة, مكبلة ومدينة بمبالغ مهولة, وما يترتب من أرباح تراكمية, و أثره في استقلالية القرار الاقتصادي, ونمو الاقتصاد, وتحسين قيمة العملة العراقية, وتعزيز قدرتها, وخفض نسبة التضخم والعجز في الميزانية, وغيرها الكثير من الفوائد, أنية أو مستقبلية. رغم أن عبد المهدي لم يكن مسؤولا عن الملف, أو في منصب اقتصادي, إلا أن قادة العراق, كانوا يعرفون الرجل صاحب الشهادة المرموقة, بالاقتصاد السياسي, والبصمات الواضحة, في كتابة الدستور, والعمل في مجلس الحكم, وغيره الكثير من المساهمات, وما سبقه من عمل معارض, و تنوع فكري منفتح, إمتلكه لتواصله مع اكثر من فكر سياسي انتمى له.
تولي السيد عبد المهدي اليوم, ملف النفط العراقي, يضعه أمام تحدي كبير, فمن المعروف أن النفط هو عصب حياة الاقتصاد والدولة العراقية, فهو يشكل اكثر من”90%”, من موارد العراق, وما تعانيه المنظومة النفطية من مشاكل, تتعلق برفع الطاقة الإنتاجية, لتواكب حاجة النهوض الاقتصادي بالبلد, والنهوض بشبكة الأنابيب, ومشاكل إقليم كردستان والمركز. هل سينجح عبد المهدي في مهمته, مع كل هذا التعقيد السياسي والعسكري؟ وهل ستؤثر العلميات العسكرية الجارية, في مناطق تعتبر قلب العمل النفطي؟ وهل ستكفي زيارة شجاعة, لأهم مصافي العراق على خط النار؟ هل ستكفي طريقة السيد عبد المهدي, في العمل بصمت, وترك الإعلام للأخرين في بيان بصمته على الاقتصاد, والدولة العراقية ككل؟ أم سيظهر له خصم يستهدفه شخصيا, يستطيع أن يوظف أي قضية ليجيرها ضده, وكما حصل سابقا, حينما جيرت, قضية المصرف الجنائية, لتصبح قضية تسقيط إعلامي سياسي بامتياز, ويجعله يتلكأ؟ سننتظر ونرى النتائج, فرغم إعلانه انه يملك رؤيا, وقدم خططا متكاملة لتطوير القطاع, والاقتصاد العراقي معه.. إلا أن المواطن العادي ..يريد أن يلمس أثر ذلك على حياته البسيطة. سننتظر ونرى,, أو ليس الصبح بقريب.