23 ديسمبر، 2024 6:15 ص

بلغ سعر النفط هذا اليوم 21/12/2015 ،36 دولار/ب لمزيج برنت وهوا دنى سعر له منذ11 عام ، في الأسواق العالمية .وشكلت الخسارة المالية للدول المصدرة ،أكثر من 60%من قيمته قبل 16 شهرا من الآن،ومن بينها دول أوبك.
الدول المنتجة والمصدرة للنفط من خارج أوبك ، وأبرزها ، الولايات المتحدة ، وروسيا ودول أخرى تشكل أكثر من 60%من الإنتاج العالمي ،وسوق النفط.الولايات المتحدة(أصدر مجلس نوابها اليوم قرار يسمح بتصدير النفط الأمريكي ،إلى الأسواق العالمية، بعد أكثر من 40 عاما”من المنع) وروسيا ، تراوحت خسائرها ،إذ شكل ارتفاع ، سعر الدولار إزاء العملات الأخرى ،واستيرادها 40%من احتياجاتها النفطية ،بشقيها ( الخام والمشتقات)تقريبا”، فان وطأة الخسائر لم تطالها بشكل مباشر،باستثناء أسهم الشركات النفطية حوالي 75 مليار دولار، يومي 26-27/11/2014، وربما تكون خسائر شركات النفط الصخري قد تجاوزت 400 مليار دولار، منذ بداية تموز وحتى نهاية تشرين الثاني 2014، وكان المستفيد الأكبر هو المستهلك الأمريكي للنفط ومشتقاته.

روسيا تأثرت بشكل كبير نتيجة تهاوي أسعار النفط، فضلا”عن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أوربا وأميركا عليها قبل أكثر من عامين ، نتيجة لنزاعها مع أوكرانيا ، وضم جزيرة القرم لها،وتمثلت خسائرها بنسبة 50%من وارداتها النفطية ، وعجز كبير في موازنة عام 2015، فضلا” عن انخفاض قيمة عملتها الروبل بنسبة 50% عن قيمة الدولار، إذ وصل سعر صرف الروبل الروسي 70 مقابل الدولار الواحد ، بينما كان نصف ذلك قبل أزمة أوكرانيا، وانخفاض أسعار النفط.إن احد الأسباب الغير معلنة للتدخل الروسي في المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل خاص ، هو في سبيل ،رفع أسعار النفط ، ومصالح أخرى تتعلق به، لان النفط محرك كبير في الأمن والسياسة ،فضلا” عن الاقتصاد.

إزاء تباطؤ الاقتصاد العالمي ، وإحجام الصين عن شراء مزيد من النفط كما كان متوقعا”، لأسباب تتعلق باقتصادها المتباطيءايضا”، فضلا” عن تحول قطاعات صناعية إلى استخدام مصادر طاقة أخرى ، كالفحم ، والغاز ، ومصادر الطاقة النظيفة ، وزيادة المعروض النفطي ووجود كميات كبيرة

فائضة عن حاجة السوق ، من النفط المخزون بعوامات بحرية كبيرة من قبل الشركات الكبرى، تجوب البحار والمحيطات ، كل هذه الأسباب وغيرها من أسباب ثانوية ، تتعلق بالمضاربات، أدت إلى تراجع أسعار النفط.

الدول الغربية المستهلك ، وبضمنها اليابان ، تنعكس عليها أسعار النفط المنخفضة باتجاهين، المستهلكين المباشرين ، إفراد ومصانع وشركات، تنتعش إعمالهم وتتضاعف إرباحهم لوجود طاقة رخيصة ، وتزداد مدخرات المواطنين المستهلكين، ليتم استثمار هذه الأموال في حاجاتهم الغذائية والترفيهية وغيرها،إما الحكومات ، فأنها تتعرض لخسائر نتيجة لانخفاض الضرائب ، المفروضة على براميل النفط ومشتقاتها. إذ ارتفعت واردات الضرائب المفروضة على النفط الخام ومشتقاته، في كل من فرنسا وايطاليا، واليابان ، خلال طفرة الأسعار قبل 3 سنوات إلى أكثر من 150%من قيمة سعر البرميل في الموانئ، وبذلك فأن هذه الدول حققت إرباح سنوية تجاوزت قيمة النفط المصدر للدول المنتجة ، دون إن تبذل أي مجهود في إنتاجه ، اوتتحمل أية إضرار بيئية ، بسبب استخراجه.

النفط يشكل عامل ضغط كبير على عصب الاقتصاد العالمي ، وهو محرك كبير للاقتصاد والسياسة على حد سواء.دول أوبك ولأول مرة تتحرر من الضغوط التي ترافق إي أزمة نفطية ، وربما بسبب ضعف دور الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن ووجود الديمقراطيين على سدة الحكم فيها،لاستخدم أسلوب تكسير العظام ، مع المنتجين من خارجها ، على أمل تحييدهم ، وإخراجهم من سوق النفط العالمية ، أو إخضاعهم لشروطها، إذ تبنى اجتماع أوبك والذي عقد بعد تهاوي أسعار النفط في آب عام 2014، مقترح وزير النفط السعودي علي ألنعيمي ،في الإبقاء على سقف إنتاج المنظمة دون تخفيض، وهو قرار مغاير لما توقعه المراقبون على مدى عقود، بعد إن كانت المنظمة تستجيب للضغوط السياسية الدولية ، في تخفيض سقف الإنتاج ، بغية تعديل ورفع الأسعار.

هذه المرة أعلنت دول الأوبك حربا على المنتجين من خارجها، وبقصد احتكار السوق واثبات الهيمنة عليه، وان كانت هذه الإجراءات قد أضرت باقتصاديات اغلبها، نتيجة أحاديته ، وخسرت أكثر من نصف وارداتها للعام الحالي ، وأصرت على سقف إنتاجها دون إنقاص في اجتماعها الأخير هذا الشهر من عام 2015.

إن حرب الأسعار المشتعلة بين أوبك ومنافسيها المنتجين خارجها ، ربما لن تستمر طويلا”، بعد إن يصل الألم حد العظام ،وترفع الدول المنافسة الراية البيضاء ، ومن بينها روسيا وقد بلغت حافة الهاوية الاقتصادية، عندها فقط ستتخذ أوبك جملة قرارات وبمشاركة منافسيها المستسلمين لإرادتها ، جملة قرارات من بينها فرض حصص تؤدي لخفض التصدير ، لغرض تعديل الأسعار ، وبالاتجاه الذي تريد .

ولأنها حرب تكسير العظام سيكون للعراق دور محوري في سوق النفط العالمية ، لما يمثله من إنتاج وتصدير واحتياطي، إذ بلغ معل إنتاجه أكثر من 4,2 مليون ب/ي،وهو في تزايد ،ويشكل ثالث مصدر عالميا في الوقت الراهن ، وثاني احتياطي عالميا، وعلى رأي الكثير من خبراء النفطي العالم ، فان العراق المتعافي سيحدد مستقبل النفط عالميا”.