النفط نعمة لكن العرب حوّلوه إلى نقمة ما بعدها نقمة , وسخروه لما يفنيهم ويبيدهم عن بكرة أبيهم , وما تمتع العرب بنعمة النفط , بل صار النفط وَبالا عليهم , والعلة ربما في أن قدراتهم النفسية والعقلية لا تستوعب هذا الكم الهائل من الأموال التي تأتي من النفط.
فهم لا يمتلكون المهارات المعاصرة للإستثمار بالنفط , وتوظيف الثروة البشرية لتحقيق الثروة الوطنية المتنافسة مع الآخرين , والمنطلقة نحو غدٍ معطاءٍ أمين.
بعض دول النفط قد بنت ببعض أموال النفط وصمّدت معظمها في بنوك الدنيا , وأحرقت النسبة الكبرى منها بشراء الأسلحة للنيل من العرب وتدمير ديارهم وتخريب عمرانهم , كما جرى في اليمن وسوريا وليبيا والعراق وغيرها من الدول التي تتحول إلى ميادين هلاك.
وكأن العرب لا يفقهون في العدالة الإحتماعية والإعتراف بحقوق المواطنين بالعيش الكريم , فلا تزال مشاكل السكن تطحن المجتمعات وتؤذيها وما وجدت لها حلا بأموال النفط , التي تنام قريرة العين في ديار غير العرب.
فسبة الفقر والبطالة والجهل والفساد بلغت ذروتها وأكثر في الدول النفطية , وما إستطاعت أموال النفط أن تطعم جائعا وتنقذ فقيرا من عاهة الفقر , وتجد له مستقبلا طيبا يشعره بقيمة الحياة ودوره في بناء وجوده الإنساني فيها.
وأموال النفط تم توظيفها لتعزيز الكراهية والطائفية والفئوية والإنتقامية , والتجهيل والتكفير والتدمير والتخريب ومساندة ما هو ضار بالحياة , ومحبب للموت والبؤس واليأس والشقاء والعناء.
فالنفط طاعون العرب , لأن الكراسي بأنواعها لا تستمد قوتها وسلطتها وشرعيتها من المواطنين وإنما من النفط , الذي يكون مرهونا بإرادات القِوى المهيمنة على الآخرين , ولهذا فأن المواطن في بلدان النفط بلا قيمة ولا معنى.
ولكي يشفى العرب من هذا الوباء المستوطن الخطير عليهم أن يقبضوا على عنق النفط , ويتحكموا بعائداته وفقا للمصلحة الوطنية والإنسانية , ويمنعوا مشاعية التصرف بها وإحتكارها من قبل الذين لا يستحقونها , لكنهم وضعوا أيديهم عليها وفقا لإرادة الغاب والإستحواذ على المال العام , بموجب مسميات وتبريرات لا تتفق والشرعية الإنسانية والوطنية.
فهل من دواء لطاعون النفط لكي يتعافى العرب؟!!