22 ديسمبر، 2024 10:29 م

” النفرّي ” وإرثه الصوفي  بين أدباء وجمهور الديوانية

” النفرّي ” وإرثه الصوفي  بين أدباء وجمهور الديوانية

يواصل إتحاد الأدباء والكتاب في الديوانية العمل بمنهاجه الثقافي المتنوع الذي أقره لدورته الجديدة  حيث تناولت أمسيته لهذا الاسبوع  أرث شيخ المتصوفة ” النفري ” الذي عاش القسم الأكبر من حياته مجهولا ً واكتنف ارثه الكثير من الغموض والاختلاف عليه بين المستشرقين والباحثين . واستضاف الاتحاد لأمسيته الاستاذ الباحث ” عبد العزيز ابراهيم ” وهو من الباحثين الذين اشتغلوا وبحثوا بجد في شؤون التراث وأعلامه الكبار. قدّم الأمسية الباحث ” كامل داود” بعرض مفصل عن حياة وشخصية النفري مبينا ً انه من مواليد بلدة “نفر”  احدى نواحي مدينة الديوانية حاليا ً وهي ” نيبور ” حاضرة التاريخ قديما ً، ومشيرا الى اهمية تراثه الذي ظل مجهولا عند القاريء وذلك بسبب  تنقلاته الكثيرة بين العراق ومصر التي توفي فيها عام 354 هـ  كما تشير المصادر لذلك ، ويمضي في تقديمه (انه آن الأوان للكشف عن إرث ومكانة هذا الشيخ الكبير في عطائه ) وذلك من خلال دعوته للمؤسسات التي تعني بالثقافة الى اقامة المؤتمرات للتعريف بمنجزه والاسهام في نشر تراثه مستشهدا بعبارته الخالدة ( كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة ) ومؤكدا ان العبارة لن تضيق طالما هناك من يسهر على توفير الفضاء الرحب لها . ثم جاء دور الباحث المحاضر حيث  اشار الى ان موضوع محاضرته هو بحث من 60 صفحة كان قد نشره في مجلة المورد واستهل محاضرته بسرد تاريخي مفصل عن التصوف والمتصوفة مشيرا الى ان بداية التصوف انطلقت من البصرة بعد سقوط الدولة الأموية عام 132 هـ وانتقال الخلافة الى العباسيين ، بعد ذلك أوجز فكرة التصوف عند النفري فذكر انها تقوم على ( الفناء في الذات الآلهية ) وهو بهذا يبتعد عن الحلاج رغم ماقيل انه من مدرسته  ، ومؤكدا ايضا ان مقامات النفري تختلف عن مقامات المتصوفة ، ثم ذكر ان المستشرق البريطاني آرثر أربري هو أول من اكتشف نصوص النفري في قسميها ” المواقف ” و ” المخاطبات ” ونشرها عام 1934 م ثم استعرض الباحث ” ابراهيم ” ابرز الكتاب الذين بحثوا وكتبوا في ارث النفري ومنهم المتصوف المصري عفيف الدين التلمساني والشاعر أدونيس الذي اخرج نصوص النفري الى الضوء وأدرجها في المشروع الشعري الحداثي وكذلك الأب بولس نويا الذي اصدر عام 1971 ( النصوص الشعرية غير المنشورة ) والناقد العراقي سعيد الغانمي الذي اصدر كتاب ( الاعمال الصوفية ) حيث قام بجمعها ومراجعتها والتقديم لها وكان له الفضل في ترجمة مقدمة كتاب اربري التي اغفل ترجمتها من سبقه الى هذا الميدان وكذلك التونسي خالد بلقاسم و د. جمال المرزوقي ومن المستشرقين نيكلسون وبروكلمان . ثم قرأ الباحث بعضا من نصوص النفري الشعرية  .
كانت أمسية ممتعة بحق وذلك للقراءة الواعية من قبل الباحث لإرث النفري ، كما كان للتقديم ومداخلات الحضورأثرا في اغناء المحاضرة والتعريف بمكانة هذا الرمز الذي  ـ للأسف ـ لم يحظ بالاعتناء والاهتمام الكافيين وظلت نصوصه المهمة وارثه الزاخر بالابداع طي الكتمان .