التأم نادي الشِّعر في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بأصبوحةٍ شِّعريَّة مائزة، غرست بجمال قصائِدها، ومَا قيل في ثناياها مِن نصوصٍ صورًا مليئة بالتفاؤلِ والأمل، فضلًا عمَا بوسعه أن يبعثَ البهجة والسرور في القلب. وقد جاءت الاحتفالية التي زينت مسارها أنغام الفنان علي حافظ وصوته الشجي، وحضرها مجموعة مِن الزملاء الأدباء أعضاء المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بالإضافةِ إلى جمعٍ غفير من الشُعراءِ والأدباء والفنانين والمُثقفين والمهتمين بالشأنِ الثقافيّ الذين غصت بهم قاعة الجواهري في اتحادنا المناضل؛ ابتهالًا بالعامِ الجديد 2022م، وإعلانًا عن جاهزيةِ نادي الشِّعر لاستقبالِ العام الجديد بالفعاليات والنشاطات التي من شأنها ترجمة توجهات اتحادنا العريق في تأصيلِ الثقافة العراقيَّة، والذي أنهى العام المنصرم بمجموعةٍ مِن الفعاليات التي تركت أثرًا إيجابيًا في نُفوسِ الأدباء والفنانين والمُثقفين، والتي مِن بينها طبع المؤلفات الأدبيَّة والاشتراك بمعارضِ الكِتاب المحليَّة والعربيَّة، وإقامة مهرجان الجواهري، فضلًا عن الاشتراكِ في المهرجاناتِ الادبيَّة والثقافيَّة وغيرها الكثير مِن الفعالياتِ التي لا يسع المجال هُنا لذكرِها.
أدارَ الجلسة باقتدارٍ رئيس نادي الشِّعر الشَاعِر رافد عزيز القريشي بالاشتراكِ مع الشاعِر حسين المخزومي. وقد استهل القريشي الأصبوحة بكلمةٍ ترحيبيَّة بجمهور الحاضرين، ومبتهلًا إلى العلي القدير أنْ يحفظ العراق وشعبه، وأنْ يمن على الإنسانية بالمودة والسلام، ثم أعقبها برجاءٍ إلى الشُعراء أنْ يعرضوا بضاعتهم الأدبيَّة التي تترجم الجمال والحُب، فكان أنْ توالتْ القصائِد الشِّعريَّة تمطر رقة ودهشة وجمالاً، وأبياتها تفيض بعذوبةِ الحرف ورهافة الإحساس.
وربما على هدى الطقوس المُعتمدة في المناخِ الديمقراطي، كان أوّل مَن اعتلى مِن الشُعراء المنصّة هو الشاعِر كاظم العبودي الذي يُعَدُّ الشُعراء المُشاركين سنًا، والذي جاء نصه الموسوم بـ (ومضات)، مليئًا برائحةِ الشوق وكلمات الحنين والحُبّ الرومانسيّ، و مِنه اقتطعنا الآتي:
على خديكِ
وردةً ظمأى
عساها ترتوي
مما يفيض عليهما..
سحرا
***
على شفتيكِ
يفتح برعمٌ شفتيه
مرتعشًا
فأنوي..
انما ينثال شيءٌ
في الجوانح.. هاتفًا”
صبرا
***
ومِن الأنبارِ الحبيبة، حضرَ رئيس اتحاد الأدباء والكتاب فيها الشَاعِر محمود فرحان حمادي الذي مثلت مشاركته في الأصبوحةِ دفقًا شِّعريًا أضفى عليها مودة وجمالا، ومِن قصيِدتهِ التي شدا بها في احتفاليَّة نادي الشِّعر، نجتزئ الأبيات الآتية:
أميرةٌ تحرسُها أعينٌ
في كل حين نحوها تنظرُ
يُطأطئُ الرأس لها عسكرٌ
ويُسبل الطرف لها عسكرُ
أترابُها من معدن طاهرٍ
لكنّها من معدن أطهر
أشتاق ريّاها ولولا العدا
كنت بحبي ثغرها أجهرُ
لم يكن يدور في ذهنِي أنْ الشَاعِرَ الشفيف ماجد الربيعي سيمنح نفسه فرصة لتغيير نبرة صوته المألوفة، فهو لا يَبْخَلْ على الوطنِ، ولا على الأحبةِ بالدَمْعَةِ كما عهدناه، فقد كانت قصيدته محملة بعباراتِ الحب، وأرق المشاعر الرومانسيَّة، ومِنها اخترنا الأبيات الآتية:
ما كُنتُ أعرفُ ما الصَبابةَ والهَوى
من قبلِ أن تأتي وتسكنَ في دَمـي
أنا مُذْ عَرَفتُكَ والشُرودُ يتيهُ بـي
من قبلِ أن تأتي وتسكنَ في دَمـي
أنا زَهرَةُ بَرّيةٌ ما أَينَعَـــــــــــــت
ورِضابُكَ المَعسولِ يوقِظُ مَيسَمي
شَهْدٌ وِصالُكَ فيهِ أحيا طفلَــــةً
مُرٌّ فراقُكَ مثلُ طَعمِ العَلْقَـــــمِ
***
الشَاعِرُ عبد الأمير محسن الذي صدرت لهُ حديثًا مجموعة شِّعريَّة جديدة عن اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، أطل على الحاضرين بنصٍ وسمه بـ (رِحْلة)، ومِنه نقتطع الآتي:
لأنه
ينزف آخرَ أمنيةٍ محظورة،
تغادرهُ مطمئنةً
بقايا الروح..
أيها الثمل برائحة الماء،
يكفيك أنْ تحتسي حياتكَ
معتقة،
بكاس نبي لا يبالي..
***
الشاعِرُ رجب الشيخ، لم يمنعه الشيب من الإحساس الصوفي بنواحي الجمال، كما في النص التالي الذي ألقاهُ في هذه الاصبوحة:
أعشقُها وفقَ هندسةِ
التجلي
وفقَ كلِ إحداثياتِ
العشقِ
أنثرُ كؤوسَ معينِها
عَلى شفةِ محرابِ
المواويلْ ..
وبعدها أطل علينا الشَاعِر المُبدع ناظم الصرخي الذي شارك مؤخرًا في مهرجان الجواهري بقصِيدته التي جاءت تحت عنوان (قِــــرَان)، ومنها ما يأتي:
تَقولُ ليْ
أكثرُ مَنْ تُحِبّـهـا؟
أَنا أَمْ الْقَصيـدةُ العتيدةْ
أقولُ يا فاتنتي
لا فرقَ ما بينَكما لإنّكِ الْقصيــدةْ
وإنّكِ الإلهامُ للقافيةِ البعيدةْ
ولَحْنُها الثاملُ في أَشْطرِهَا الفريدةْ
وإنّكِ الألوانُ في صورتِها الوليـدةْ
وومضةُ الإشْراقِ
في مكامنِ الخـريدةْ
***
وقرأ الشَاعِرُ كفاح عباس نصهُ الموسوم بـ (من أنت؟)، ومنه ما يأتي:
كثيراتٌ
واكثرهنّ أنتِ
قليلاتٌ
واندرهنَّ انتِ
واتبعُ طيف كل جميلةٍ
ألفيتها أنت
وفي كل النساءِ أراك يا انتِ
وفي بعض النساءِ أراك يا أنتِ
ومن دون النساءِ أراك يا انتِ
فمن انتِ ؟،
***
الشَاعِر الجميل حازم الشمري الذي أبدع في اختصاصه العلمي مثلما أجاد في مُنجزه الشِّعرِي، اعتلى المنصة مُبتسمًا تعبيرًا عن تحيته للجمهور قبل أنْ يقرأ علينا قصيدته التي نجتزئ منها ما يأتي:
لا تلُمني اذا سكنتُ هواها
وتطايرتُ نسمةً في مداها
وتمايلتُ حاملاً نبضَ قلبي
وتتبعتُ في خشوعٍ خُطاها
فتفاصيلُ حسنها أذهلتني
وبها طارَ كلُّ عقلي وتاها
ليسَ عيني لوحدها تفتديها
بل وروحي وما ملكتُ فداها
الشَاعِرُ المُبدع حماد الشايع، كان بهيًا في حضوره وهو يتلمس الأمل بالقادمِ مِن الأيام مِن وحي إرهاصات العام الماضي في ثنايا قصِيدته التي حملت عُنوان (في آخر العام). وقد اخترنا مِنها الأبيات الآتية:
عامٌ مَضى مِن عُمْرِنا وَكَغَيْرِهِ
يَتَكَسَّرُ المَوْجُ الدَّفينُ بِبَحْرِهِ
وَيَداهُ نافِذَتانِ تَحْتَ نَسيجِنا
تَتَلَمَّسانِ اللّا مُباحَ بِصَدْرِهِ
وَصَباحُهُ الآتي بِلَوْنِ شُحوبِنا
يَرْوي احْتِضاراتِ الغُروبِ لِعَصْرِهِ
يُنْبي انْكِساراتِ الضِّياءِ بِمَوْتِها
وَيُعيدُ جُثْمانَ النَّهارِ لِقَبْرِهِ
الشَاعِرُ الجميل روحُا وشِّعرًا عمر السراي، اعتلى المنصة مُحلقًا بفضاءاتِ الجمال وهو يشدوا بنصه الموسوم بـ (نحن الشُعراء):
نحن الشعراء.. لا تاريخ لنا غير ما تمنحه النساء..
امرأةٌ تحبك جدا.. فتعلّمكَ الهروب منها..
امرأة تزدريكَ.. فتعلمكَ اللهاث وراءها..
امرأة تكون لكَ.. فتعلمكَ الانشغال عنها بقصيدة وطنية..
امرأة لا تكون لك.. فتعلمكَ الرحيل..
نحن الشعراء صنيعة النساء..
كُتب أسفل صدورنا.. صُنع في قلب أنثى
وفي قصِيدةِ (ولكنك البحر)، يعبر صاحب مجموعة (سادن الرفيف) الشَاعِر ذر الشاوي عن لهفةِ المحبين وأشواقهم، ومِنها:
أحدق فيك
أرى كلَّ تلك النجوم
لأنك رغم اقترابك مني
فأنت سمائي
فيا أفق الامنيات
تقدم
إليَّ
تقدم
ولا يعتريك الوجوم
أرى فيك ما خبأته
الشظايا
وما خبأته
التخوم
ويا شاطئاً
رسمته المرايا
وراحت عليه
تعوم
الشَاعِر والروائي حسن الموسوي شارك في هذه الأصبوحة بقصِيدةٍ وسمها بـ (رحيل)، ومِنها اخترنا ما يأتي:
اراك في وجوه المتعبين
الذين اكلت خطواتهم
أرصفة العناء
اراك في شفتيك
وهي تتلذذ
بشراب لا أعرف اسمه
و انت تتحدثين معي بغنج
وداعك كان مؤلما
احتجت عليه الطرقات
وهي تنفض عن كاهليها
هموم الغرباء
الذين مروا بصمت
دون أن يدركوا
معنى الرحيل
الشَاعِر الجميل نبيل الشرع الذي صدح ذات مساء قائلًا: “أطالب رد شوق مستدام *** لعل الصوت يأتيني هديلا”، قرأ قصيدته التي حملت عنوان (ناي في بيت المساكين)، ومِنها:
هنُا يدارُ نبياً جرحهُ وطنٌ
يشاركُ البيتَ وصفِ السعيِ والقبلِ
به يعود وشاحُ الأرضِ مشتعلا
من عزّةِ الجرحِ جرحُ الطفّ لم يَملِ
سبحانهُ وطنٌ، موالُ آلهةٍ
ربت بهِ السيفَ، حتى شهقةَ العدلِ
لا رافدانِ، ولا لونٌ، ولا مرحٌ
بيتُ المساكينِ نايٌ في أسى الدُولِ
صاحبُ مجموعة (مطر صاعد إلى السماء) الشَاعِر والروائي منذر عبد الحر الذي نسج صورة سيزيف العراقي، كان له حضورًا في هذه الجلسةِ الشِّعرية بقصيدةٍ جاءت بعنوان (سأكذب عليك!)، والتي نجتزئ مِنها ما يأتي:
خذيني…
نعم خذيني
فجراً اول أو غرساً خارج الكلام
تعبت من لغة
تسير معك
ولا تؤدي إليك
خذيني…
أقل من فأس
وأكثر من موسيقى
افتحي ذراعيك لقمري
ولتكن شمسي وداعاً
يخجل منك
أدمني وهمكِ فيَّ
كما أدمنتُ وهمي فيك
ولنتعانق…
فحاذري وهمينا
انتِ على مشارف قلبي
وأنا على لسان روحك
جملة….
أو قصيدة
الشَاعِرُ حسين المخزومي الذي جهد في اختيار مقاطع مِن قصائِدِ شُعراء العربيَّة وهو يشارك في إدارة الجلسة، نادى على زميله الشَاعِر الجميل رافد القريشي لإلقاء قصيدته الموسومة بـ (فتمثل لها عناقا سويا،،)، والتي كانت مسك الختام، ومنها اخترنا الأبيات الآتية:
الفَيتُها عندَ المسا
تبغي الهروبَ لكلِّ محفلْ
راودتها عن قُبلةٍ
قالت فداكَ الروح فافعلْ
فأنا التي خُلقت لكي
تغفو هنا وَ هنا تُقبلْ
أنا بالعناقِ شغوفةٌ
فتعالَ يا خلّي تَدللْ