23 ديسمبر، 2024 4:44 ص

في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين كتبت بحثا بعنوان “مستقبل الطب في العراق” , وصار بحجم كتاب , لم تحصل الموافقة على نشره أو طبعه.
وخلاصته أن الرعاية الصحية إذا بقيت تسير بهذه الإتجاهات , فأنها ستنتهي إلى أسوأ الإحتمالات , ولا بد من وعي حقيقة تدهورها المتسارع.
وكاد البحث أن يتسبب بمشاكل كبيرة , ولا أدري كيف نجوت من غائلتها!!
تذكرت اليوم ذلك البحث أو الدراسة , والبلاد تؤهل مستشفياتها للتحول إلى هشيم , تحت صولات الحرائق التي تداهمها بين فترة وأخرى.
في نيسان إحترقت مستشفى الخطيب في بغداد , وفي تموز مستشفى الحسين في الناصرية , والضحايا مرضى وأناس أبرياء , والنتيجة بؤس ويأس ودموع ودماء وأحزان شديدة.
منذ ذلك الزمان والخدمات الصحية في تقهقر متواصل لا يعرف التوقف , فبعد الحروب والحصار وويلاته الجسام , إلتهم الفساد الأخضر واليابس , وما عاد لها أهمية ودور , فعلى المواطن أن يتلقى العلاج في الدول الأخرى إن تمكن أو الموت حتفه.
حسب التقارير العالمية أن نسبة اللقاح ضد الكورونا في البلاد لم تتجاوز (0.97%) , وهي ربما أقل نسبة بين دول العالم , والناس أصبحت تتردد في الذهاب إلى المستشفيات , وكأنها صارت مدنا للموت , فالداخل فيها لا ينجو منه!!
قوة أي مجتمع وحكومة تتناسب طرديا مع جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين , فالحكومات الغير قادرة على تأمين الرعاية الصحية الكافية , ليست بالمواصفات التي تؤهلها لقيادة البلاد وتدبير شؤون العباد.
فهل من عودة إلى المواطن وتقديم الخدمات اللائقة به , وتلبية حاجاته التي تنص عليها لوائح حقوق الإنسان , المعمول بها في مجتمعات الدنيا ذات الحكومات الراعية لها!!