19 ديسمبر، 2024 12:55 ص

النظرية السياسية الاستعمارية تاريخاً وحاضراً

النظرية السياسية الاستعمارية تاريخاً وحاضراً

مفهوم النظرية السياسية مفهوم غربي يندرج ضمن مفاهيم ” علم النظرية السياسة *1″ وهوعلم قائم بذاته متمتع بمكانة مرموقة ضمن المقررات الدراسية وان اختلف في نسبته الى العلوم التاريخية أو الى حقل السياسة أوالفلسفة لا بل هناك من اختار أن يضيفه ضمن مجال القانون وتحديداً الدراسات الدستورية .

الدول الاستعمارية سياساتها ممنهجة على هذا واساليبه المبنية على الخداع والتضليل والكذب والتآمر ” جئناكم محررين لا فاتحين ” عبارة فيها زيف كبير وتضليل اكبر تاريخ الاستعمار في العالم وثقافته السياسية مبنية على هذا الاساس يرافقها استخدام القوة المفرطة تجاه بلدان العالم الضعيفة والمسالمة , منذ القدم ولحد هذه اللحضة . النصب والاحتيال سلوكهم الاساس في تعاملهم مع العالم في بدايتهم عند تخطيطهم لاحتلال بلد ما او الاضرار به , يشوهون سمعته وتاريخه الاجنماعي والديني ومن يدير شوؤنه مستغلين في ذلك كل الوسائل المشروعة والغير مشروعة مبدئهم ” ميكافيلي ” الغاية تبرر الوسيلة . عموم سلوك الدول الاستعمارية في كل العالم وعبر التاريخ هو هذا . الدولة الاسلامية منذ القدم مرّت او جرت علها مثل هذه الاحداث منذ الغزو الآسيوي ” الهولاكي ” مروراً بالغزوات الصليبية التي اعقبتها الهجمات الاستعمارية , الايطالية والاسبانية والبرتغالية والفرنسية والبريطانية وحالياً الاميركية . تعمل هذه الدول ” الاستعمارية ” على اثارة الفتن والبلبلة وتأجيج حالة الفوضى وعدم الاستقرار في الدول والمجتمعات التي تسيطر عليها او محاولة ذلك . حروف كانت تذيل عبارة مجهولة لا يعرفها غيرهم برقيات التراسل بين تشرشل رئيس وزراء بريطانيا و روزفلت الرئيس الاميركي في الحرب العالمية الثانة فحواها استمر بخلق المشاكل في المناطق التي تسيطر عليها ” . اذكى هذه الدول وادهاها في هذا المجال هي بريطانيا , التي كانوا يسمونها بريطانيا العظمى كانت في تعاملها مع مستعمراتها تدرس طبيعة مجتمعاتها من النواحي التاريخية والدينية والاقتصادية وتعمل على أستمالة واحتواء مثاباتها المؤثرة اجتماعياً كمجاميع وافراد ومعتقدات ومناهج . بريطانيا التي كانت لا تغيب عن مستعمراتها الشمس تفعل ذلك , واصبحت قدوة في هذا السلوك لبقية دول الاستعمار , أستعمرت مساحة واسعة من العالم بما فيها اميركا الحالية ” الولايات المتحدة الاميركية ” أعتمدت بريطانيا في دراسة مجتمعات مستعمراتها مثل الهند والشرق الاوسط خاصة المنطقة العربية و إيران اعتمدت بشكل اساس على مستشرقيها مثل *2″ توماس أرنولد ” أثناء وجوده في الهند واتصاله بعلمائها وسياسيها و الثاني ” هاملتون كب ” الذي عاصر التشكيل السياسي العربي المعاصر واسهم بطريقة او بأخرى في رفد الدور البريطاني بالمعرفة اللازمة للتعامل الفاعل مع هذه التكوينات السياسية العربية وذلك من خلال علاقاته مع ” المعهد الملكي للشوؤن الدولية ” الممؤسسة السياسية الأكاديمية المرتبطة بوزارة الخارجية البريطانية أو في استشاراته السياسية في موضوعات وثيقة الصلة بالسياسة سواء فيما يتعلق بمصر و الوحدة العربية أو فلسطين . والثالثة ” آن لامبتون ” فقد كانت إيران مرتكز اهتمامها سواء في واقعها المعاصر او تارخها السياسي والاقتصادي والاجتماعي فضلا عن دورها اثناء الحرب العالمية الثانية ضمن السفارة البريطانية في طهران او كتاباتها المتواصلة في الشأن الإيراني المعاصر . لابل ومشوراتها السياسية الثمينة في اللحضات الشائكة من تاريخ العلاقات البريطانية الإيرانية ولا سيما إبان صعود “مصدّق ” وحراجة الموقف البريطاني . هؤلاء ساهموا في توجيه السياسة البريطانية من خلال اضاءة السبل امام صانع القرار البريطاني .

وقد زاد حرص بريطانيا على الاعتماد في قراراتها وتعاملها مع المجتمعات المقصودة في النواحي الاقتصادية والعسكرية والدينية , فبعد تنامي المصالح البريطانية في الشرق بعد الثورة الهندية الكبرى عام 1857 واحتلال بريطانيا لمصر عام 1882 خلق دوافع جديدة لحاجة بريطانيا لتطوير الاعتماد عليهم واهتمت بموضوع الدراسات الشرقية على اسس وطيدة . وقد كان ” للجمعية الملكية الآسيوية ” التي تأسست عام 1828 في العاصمة البريطانية لندن على يد مجموعة من المستشرقين والمهتمين بالشرقين الاوسط والاقصى حضور ملموس في هذا المضمار , وفي عام 1905 عقد مؤتمر في لندن حضرته مؤسسات علمية رفيعة ” كالأكاديمية البريطانية ” والجمعية الملكية الآسيوية ” أوصى فيه المؤتمرون بتشكيل لجنة من قبل وزارة الخزانة لأستقصاء امكانية اقامة هذه المؤسسة وتم ذلك , وعرفت اللجنة حينها بلجنة ” اللورد راي ” للأرتقاء ببريطانيا في ميدان الدراسات الشرقية قياسا بما عليه غيرها من الدول الاوربية مثل فرنسا وألمانيا وروسيا وبما يتناسب مع تنامي مصالح بريطانيا في الشرق , فتم القرار على اقامة المدرسة على ان تكون الاخيرة منبثقة من جامعة لندن ويكون اعضاء هيئتها التدريسية من بين اساتذة الدراسات الشرقية في ” كُلّية الملك وجامعة لندن ” .

الاهداف السياسية : مما لاشك فيه ان الاهداف السياسية كانت في صدارة ما يعتمل في عقول مؤسسي المدرسة وقد كان الهدف هو جعل المدرسة احدى الوسائل التي تعمل على تدعيم إدارة بريطانيا لمستعمراتها في الشرق , والهدف أكده الملك البريطاني في كلمته عند افتتاح المدرسة فقال *3″ على ان المدرسة تعد فرصة جيدة لبريطانيا من اجل تعلم لغات الشعوب الخاضعة لإمبراطوريتها واديانهم وتاريخهم واعرافهم وعاداتهم للوصول الى افضل الطرق لحكم مستعمراتها , وكان التأكيد على اهمية ما تقدمه المدرسة لموضفي الحكومة من دروس تعينهم على تحقيق افضل الطرق لادارة المستعمرات في الشرق . من هذا يتضح عمق التفكير الاستعماري في السيطرة على دول العالم واستلاب حقوقها وخاصة المهمة في ثرواتها ومواقعها الاستراتيجية وسعة حركة اسواقها . مادار ويدور في المنطقة العربية ينطوي تحت هذا المحتوى .مثل احتلال العراق واحداث سوريا وليبيا واليمن وما يحاك لمصر وتركيا وغيرها من الدول .

*1 النظرية السياسية الإسلامية في دراسة المستشرقين البريطانيين . د زاهدة محمد الشيخ طه المزوري .

*2 نفس المصدر السابق . *

*3ـ The opening Ceremony” BSOS 1917ـ 1920

كاتب ومحلل سياسي حر مستقل .