23 ديسمبر، 2024 8:11 ص

سنوات الموت البطيء هي العمر الذي عانيت ما عانيت فيه مذ عامي الثاني عشر وحتى عامي السابع عشر……………….كم لحظة وكم دقيقة وكم ليل وكم نهار…
موت بطيء ……….كم اسبوع وكم شهر وكم عام ….موت بطيء .
انا في هذه السنوات كمن حكم عليه بالموت وينتظر التنفيذ في كل لحظة وامر التنفيذ ليس رهنا بأراده القاضي وانما رهن بكلمة تنطقها شفاه زوجة ابي على ان يكون منفذها الجلاد ابي…………………
كانت كلماته تنساب من بين شفتيه بينما عيناه مغرورقتان بالدموع وتنهد في ألم متسائلا:-
لماذا كتب علي أن اكون يتيم الاب والام وهما بقيد الحياة…؟
اراك تشكو زوجة ابيك وسيطرتها وسطوتها فهل كان زوج امك رحيما بك….؟
تساءلت المرأة وكانت نبرات صوتها تنم عن اشفاق وحنو وربما خطر لها هذا السؤال لا لشيء الا ان تخرج الفتى من اليم تأوهاته وذكرياته.
ليس لي ذكريات معينة مع زوج امي فقد كنت اجتمع بوالدتي حين زيارتها اهلها اي (اخوالي) وكنت احس بأنه رجل رحيم اذ كانت تبدو سعيدة وراضية رغم انه يكبرها عمرا لكنه وفر لها الحياة الرغيدة وعاشت في كنفه محترمة وهانئة خاصة بعد ان ولدت له الابناء والبنات……………..
وغمغم انهم لاشك سعداء وانا احبهم والاطفهم واشاركهم افراحهم واحزانهم
هل هم اقرب اليك من اولاد والدك …………؟
الحق اقول لك انني احبهم واما اولاد ابي فأني اجد نفسي مرغما على ان اكون خادما لهم وهذا يغير مشاعر الحب الى ………………وصمت لفترة ليست بالقصيرة ثم ما لبث ان هتف عبارة غريبة قائلا:-
(لو لم تكن تلك الام امهم لكنت احببتهم )
رسمت المرأة في ذهنها صورة لحالة الفتى الذي تداخلت في اعماقه مشاعر الحب والغضب والشعور بتحمل مالا طاقة له به من الاعباء فعذرت مشاعره التي كشفها لها طائعا غير مرغم فما كان منها الا ان ربتت على رأسه كأم رؤوم وهتفت لا تيأس ان الله تعالى معك .
عاد الى حديثه مستذكرا حوادث سنوات الموت البطيء كما اسماها واشار الى ان التحاقه بالمدرسة الثانوية اثار غيض زوجة الاب وراحت تضع العراقيل في طريقه منها ان عليه مرافقه ولديها الذين هم مازالوا تلاميذا في المرحلة الابتدائية في
الذهاب والاياب وكان في كثير من الاحيان يتأخر في الدخول الى مدرسته الثانوية ويسبب ذلك صعوبة وحرج وقد يقدم بعض مدرسي الحصص الاولى بتركه خارج الصف معللين ذلك الأمر بالتأخر وعدم التزامه نظام الدروس………..
كان يبكي وهو يلصق نفسه بالجدار القريب من نافذة الصف ويحاول ان يستمع قدر ما يستطيع الى الشرح وفي البيت يعاود الدرس ويجد نفسه قادرا على فهم المادة الدراسية وحين تكررت ايام تأخره رفع به تقرير الى الباحث الاجتماعي وكان له معه عدة جلسات تعرف خلالها الى حقيقة ظروفه وطلب الى مدرسيه ان يأخذوا ظروفه بالاعتبار وقد تكفل الباحث ان يقابل الاب ويلزمه بالاهتمام والرعاية المطلوبان .
وهنا سؤال يطرح نفسه وهو لماذا لم يحظر الاب الى المدرسة رغم رسائل الدعوة المكررة له ………..؟
الجواب هو ان الطالب كان يسلم الرسائل الى زوجة ابيه لكنها تحتفظ بها ولا تسلمها لأبيه وتطلب الى الطالب ان لا يذكر ذلك الامر والا فانه سيتعرض الى اشد العقاب وستعمل على ارغامه على ترك المدرسة والدراسة……………
هكذا كان الطالب(معتصم فؤاد صادق ) يعاني الامرين ولا يستطيع ان يبوح بمعاناته لأي كان فهي ترصده ترصد الصياد للفريسة وهو يخافها ويخاف سطوتها واستسلام ابيه لإرادتها واكبر من ذلك الخوف هو الخوف من حرمانه الدراسة ………..
هل ستفلح زوجة الاب في سعيها لحرمان (معتصم فؤاد صادق ) الدراسة……….؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ذلك ما ستكشفه لنا قوادم الايام