22 ديسمبر، 2024 11:34 م

النظام العالمي.. قواعده وإستثناءاته

النظام العالمي.. قواعده وإستثناءاته

صار معروفا أو في الأقل متصورا أن ما يوصف بالنظام العالمي, هو مجموعة القواعد والأليات والمؤسسات التي “يفترض” أن تحكم العلاقات بين مختلف الدول في العالم, بما يضمن وجود تفاهمات وسياقات تمنع حصول أي تصادم أو حروب, بعد ما شهده العالم في حربيه العالميتين..
ما سبق كان كلاما نظريا لا يمثل الحقيقة, فواقع النظام العالمي لاحقا صار يمثل كل ما تريده الدول الكبرى وما يحقق مصالحها أولا.. وليتطور هذا النظام وخصوصا بعد تفكك المنظومة الإشتراكية إنهيار الإتحاد السوفيتي السابق, ليكون ممثلا لكل ما تريده حاكمة العالم وصاحبة السلطة الأقوى فيه.. أمريكا.
هذا النظام الأخير لم تكن له قواعد واضحة أو أليات أو نظم تحدده, فهو مرتبط بما تريده سيدته وراعيته بل وربما صاحبته ” أمريكا”.. وما تريده متغير يتبع مصالحها والتي هي بدورها متقلبة متغيرة, تتبع ربما شركات أو مؤسسات خفية غير معلنة, هي من تتحكم بسياسات أمريكا وربما العالم كله..
من جانب أخر كانت هناك “إستثناءات” في هذا النظام, تشمل دولا ترضى عنها “أمريكا” كإسرائيل وبعض الدول الغربية والعربية, دويلات هنا وهناك, تدور في فلكها وتنفذ سياساتها.. وأيضا غير مفهوم أو معروف ما هي أسباب أو قواعد هذا الإستثناء ولماذا!
لاحقا وبعد بروز قوى عالمية جديدة, تحاول أن ترسم لها مكانا وتضع لها كرسيا على طاولة الكبار, كالصين وروسيا وربما اليابان أو حتى أوربا, صار هناك حديث عن ” نظام عالمي جديد” متعدد الأقطاب ولا تتحكم فيه دولة أو جهة واحدة, وهذا لن يرضي أمريكا, فهو سيدفع دولا كانت تدور في فلكها أو في الأقل تتجنب معارضتها, لان تتجرأ وتلتحق بركب هؤلاء الكبار الجدد, وربما سيزعزع هذا مكانتها كمهين أوحد على ” النظام العالمي”..
اليوم لم يعد هناك نظام واحد واضح يمكن أن يقال عنه أنه ينظم العلاقات الدولية, فكما يبدوا أننا في مرحة إنتقالية بين ناظم لم يعد صالحا, وأخر يتشكل ولكن بمخاض عسير وغالي الثمن, ولم تظهر ملامحه بوضوح بعد.. فأين نحن العرب في وسط ذلك!
من الواضح أن دولا عربية سبق حسمت أمرها تاريخيا ولن تخرج عن الفلك الأمريكي, فيما تحاول أخرى أن تنظم للجانب الأخر ولكن بخطوات خجولة متخوفة.. وهناك دول تحاول أن تدعي أنها “ستكون” مستقلة عن الجانبين, فهل يمكنها ذلك واقعيا!
من الصعب البقاء على الحياد في صراع المصالح, بل ومن غير المجدي ذلك لأي بلد وشعبه.. بل يجب على كل بلد أن يبحث عن مصالح أمته أينما تكون, مع الإحتفاظ بعلاقات متوازنة مع الطرف الأخر, لكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك على حساب قيم وثوابت تلك الأمة.. فقد أكتفينا من نظام عالمي لم تنفعنا “قواعده” ولا نحن تمتعنا بما توفر “إستثناءاته” من ميزات..