23 ديسمبر، 2024 9:55 ص

النظام الانتخابي الافضل للعراق !

النظام الانتخابي الافضل للعراق !

جرّب العراقيون أنظمة انتخابية مختلفة في عهدهم الديمقراطي القصير العمر . بدأوا مشوارهم الديمقراطي الجديد بنظام القائمة المغلقة السيء الصيت  و قد كان هذا النظام اكثر ملائمة لظروفهم التي عاشوها بعد 2003 مباشرة . حداثة عهدهم بالديمقراطية و ممارساتها و حداثة تعاملهم مع الانتخابات و انظمتها المتعددة , خلّف بعض السلبيات في الطريق الذي يريدون السير فيه . انتقلوا بعده الى نظام يزاوج بين نظام القائمة المغلقة و نظام القائمة المفتوحة و بدت بعض المساوئ له و توضحّت بعض الايجابيات كذلك . اخيرا و في الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات الاخيرة قرروا التحول الى نظام سانت ليغو الانتخابي و الذي بدوره له ايجابيات اهمها هي اعطاء الكتل او الاحزاب الصغيرة اهمية اكبر بتفضيلها للحصول على مقاعد ما كانت قادرة على الحصول عليها عند تطبيق انظمة انتخابية اخرى .
من مساوئ الانظمة الانتخابية التي اتبعت في العراق للفترة السابقة ,هي اعتمادها و تركيزها على قوة و تأثير القائمة او الكتلة او الحزب على حساب قوة و تأثير المرشح نفسه . بدت هذه اكثر وضوحا في القائمة المغلقة , حيث كان التاثيركلّه و القوة للكتلة و كان لا تأثير للمرشح . حيث فاز المرشحون بحسب ترتيبهم و تسلسلهم داخل القائمة , فحصل الذين تسلسلهم في اول القائمة على المقاعد على حساب بقية المرشحين . فكان التصويت للقائمة و ليس المرشح , و لم تكن هناك خيارات واسعة و كثيرة للناخبين , فتخندق معظمهم خلف جدران القومية و العرق و الطائفة و صوتوا تبعا لذلك .
تعالت اصوات عديدة بعضها جاء من كتلة دولة القانون على وجوب تغيير نظام سانت ليغو الانتخابي المستخدم في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ,الى نظام انتخابي جديد. هذه الاصوات جاءت بعد ان حصل غبن و ظلم واضحين لبعض المرشحين الخاسرين . فمن غير المعقول ان يخسر مرشح حصل على ثلاثة اضعاف ما حصل عليه مرشح فائز.فالانتخابات و بطرقها المتعددة وجدت من اجل تعزيز و  ترسيخ الديمقراطية . و ما الديمقراطية الاّ حكم الشعب و اخذ رأيه اولا في الحكم . اخذ الرأي هذا ,يعني الاخذ بالاعتبار صوته الذي يعطيه , و عندما نلغي هذا الصوت فأننا نلغي او على الاقل نشوّه الديمقراطية و لا نعمل بها بالطريقة الصحيحة المبتغاة منها و من تبنّيها .
البحث لأيجاد النظام الانتخابي الافضل لتطبيقه في العراق لا يجب ان يعتمد على خسارة او ربح كتلة معينة او حزب معين , و انّما يجب ان يعتمد على قاعدة ان الديمقراطية و تعزيزها هو المبتغى . لذلك يجب علينا جميعا الاستمرار بعرض الانظمة الانتخابية على العقل و أخذ المفيد منها و نبذ الضار او تبنّي الملائممنها و طرد الغير ملائم .
بعض الاصوات التي ارتفعت مؤخرا تريد ان تتبنّى نظام انتخابي جديد , يعتمد على نظام القائمة المفتوحة كأساس له و على اعتماد العراق كلّه كوحدة ادارية , كدائرة انتخابية . القائلون باتباع هذا النظام ,يعزون الى من نتائجه الايجابية سيكون تخطيّ الكتل و الاحزاب للحواجز  العرقية و الطائفية. حيث ستتكون كتل و احزاب تظم اطياف مختلفة من المجتمع ,تتعدى فيها جدران الطائفة و القومية . النظام المقترح هو ان تكون القائمة مفتوحة لكل العراق و سيفوز المرشحون الحاصلون على اعلى الاصوات ,بغّض النظر عن قوة كتلهم او احزابهم و بذلك يكون التصويت للمرشح اكثر منه للقائمة التي ينتمي المرشح لها . آخذين بعين الاعتبار الكوتا النسوية و حصة المرأة في التمثيل النيابي . العيب الوحيد في جعل العراق كله دائرة انتخابية هو ان الفائزين سيمثلون المصوتين فقط و لن يمثلّوا المؤهلين للتصويت . ايّ ان عدد المرشحين الفائزين من منطقة معينة سيعتمد على نسبة مشاركة ابناء تلك المنطقة في الانتخابات و لن يعتمدعلى الكثافة السكانية لتلك المنطقة . اي و بالنظر الى نسبة المصوتين في الانتخابات السابقة نرى بأن نسبتهم اكبر في المناطق الكوردية بالمقارنة مع نسبتهم في المناطق العربية .كذلك ان نسبة المصوتين في الانتخابات المحلية الاخيرة في بغداد لم تتجاوز الثلث من نسبة المؤهلين للتصويت , و هذا بدوره سينعكس على عدد الفائزين من بغداد فسيكون عددهم اقل , بينما ستكون اعدادهم اكبر بكثير في المناطق الكوردية و في المناطق التي ستكون نسبة المصوتين فيها اعلى .هذا الخلل او العيب الواضح يمكن معالجته عن طريق  تبنّي نظام القائمة المفتوحة كليّا و جعل كل محافظة ,دائرة انتخابية واحدة . و بذلك سنحصل على 18 دائرة انتخابية بدلا من دائرة واحدة . لكل دائرة انتخابية او محافظة عدد معين من المقاعد متفق عليه مسبقا قبل الانتخابات ,يعتمد على الكثافة السكانية و على عدد المؤهلين للتصويت ,فمثلا لبابل 15 مقعد او اكثر و للبصرة 25 او اكثر و هكذا مع بقية المحافظات او الدوائر الانتخابية. اي ان كل المرشحين في الدائرة الانتخابية الواحدة ستدرج اسمائهمفي قائمة واحدة و سيعتمد تسلسلهم في هذه القائمة على القرعة فقط , و بعد اعلان نتائج الانتخابات سيتم ترتيب اسماء المرشحين اعتمادا على عدد الاصوات التي حصل عليها كل منهم و بغض النظر على عدد الاصوات التي حصلت عليها كتلهم او احزابهم , و بذلك يفوز من حصلوا على اعلى عدد من الاصوات .
من اهم ايجابيات هذا النظام الذي اقترحه هو ان المرشح سيكون له تأثير كبير على عملية انتخابه و ربما سيكون اكبر من تأثير كتلته او حزبه . هذا
سيخلق لنا بيئة ديمقراطيةصحيّة اكثر , حيث يستطيع المرشح الفائز ان يخرج عن سرب حزبه او كتلته و التصويت بما تمليه عليه مصلحة البلد بدلا من مصلحة حزبه او كتلته , حيث لا منيّة للحزب او رئيس الحزب على فوز المرشح و بذلك سيتحرك في نطاق دائرة اوسع من نطاق دائرة حزبه او كتلته المفروضة عليه .

*** خير لك أن تسأل مرتين من أن تخطيء مرة  / مثل ألماني