في العام 1943 وفي أوج الحرب العالمية الثانية، أسر الألمان “ياكوف ستالين”، وهو الابن الأكبر لزعيم الاتحاد السوفيتي جوزيف سالين. حاول (النازيون) مفاوضة الاتحاد السوفيتي من خلال الابن الأكبر للزعيم، بإعتباره ورقة ضغط رابحة، غير أنّ السوفيت لم يتعاملوا مع “ياكوف” كإبن رئيس، وبالتالي لم يخضع ستالين لضغوط العاطفة الأبوية التي أراد الألمان استغلالها.. قُتل ياكوف، ويقال أنه انتحر ليجنب الأب ذُل الحرج.
درس تاريخي يحكي عن ديكتاتور بحجم ستالين جرّمه حزبه بعد موته، ولكنّ ثيمة الحادثة تدل على أنّ الطغاة أحياناً يكون لهم مبدأ يتمسكون به وايمان حتى بطغيانهم، بمعنى انهم يعتقدون بالطغيان وسيلة لبناء دولة. بصرف النظر عن جدلية “الوسيلة والغاية”، ولكن يبقى الاختلاف فكري، نابع عن الطريقة المتبعة في العمل السياسي، يرتبط بمنهجية القيادة والإدارة، فهل يسير الانسان خلف سلوك “الغاية تبرر الوسيلة” ام يحرص على ان تكون وسائله من نفس جنس الغايات التي يعلنها؟
هذان المبدآن في أحيان كثيرة، يغيبان عن ذهنية بعض الذين يمارسون العمل السياسي، فتتحول السياسية الى تجارة غير مشروعة، وتشوّه كثير من الظواهر الإنسانية واجبة المراعاة. إن الانغماس العميق في نظرية تسطيح الدولة وتحويلها الى سلطة تنحسر عند جرف البطانة الاجتماعية والحزبية والعائلية للمتسلط، تجعل العمل السياسي نوع من ممارسات العصابات المهذبة، لا تهتم سوى بما يدور حولها للسيطرة على مقدرات البيئة الحاضنة لها، وهنا تكون البيئة هي الدولة وإمكانياتها، وتشمل الناس والأحزاب والمنظمات والسلطات المختلفة.
إنّ احد اسرار سقوط الموصل، يقبع في محور هذه الفكرة، أي إختلاف الخطاب عن العقيدة السياسية، فخطاب الشهادة والتباهي بقدرات الابن او الأخ، فنّدتها الحرب التي لم تطأها أقدام ذلك الابن على رغم تحكمه بالدولة من دون وظيفة رسمية!
جوزيف ستالين ديكتاتور لم يسلط ابنه او بطانته على مقدرات الدولة، بل كان الابن يقاتل في الخطوط الأمامية، خسر ياكوف لكنه ربح الحرب، بينما الذين يتباهون بتسليط الأبناء على أجهزة الدولة ربحوا أبناءهم وربحوا تجارة وأموال طائلة، ولكنهم خانوا امانة الأرض، فماتوا..!