18 ديسمبر، 2024 10:44 م

النصر الذي نحن بإنتظاره

النصر الذي نحن بإنتظاره

أيها السياسيون ـ ـ نصركم هذا هو نصراً سياسياً معنوياً ربما يفيدكم في صناديق الإقتراع ولا يهمنا بقدر ما يهمكم إلاّ فيما يتعلق بعودة الأرض وإن عادت محروقة وأنقاضاً!!، وقد يستغرب البعض لإفتتاح مقالتي بهذا الإتجاه!! ـ ـ فلا تستغربوا أيها الإخوة والأخوات فالنتيجة دائماً ضد الشعب المُستخدم كالوقود لماكنة القاطرة التي توصل الساسة الى أهدافهم الشخصية ومقاعدهم الحكومية!!!.
أما نصرنا كشعب عراقي الذي دفع ثمنه الشهداء والجرحى وكل المقاتلين بكل صنوفهم ومسمياتهم فلم يكتمل بعد ما لم يتم تثمين الدماء الزكية التي فُتِحتِ صنابيرها من أوردة المقاتلين والمدنيين الذين إستشهدوا ـ ـ ونصرنا لا يكتمل إلاّ بتثمين خسارتنا لمعالمنا التاريخية وصروحنا الدينية والعلمية ومعالم مدننا الحضارية ـ ـ فمن يُعيد الينا منارة الحدباء التي هُدمت ـ ـ ومَنْ يعيد الينا أديرتنا وكنائسنا التاريخية وعبقها التاريخي التي دُمرت ودُنست ـ ـ ومَنْ يعيد الينا أضرحة ومقامات رُسل الله وأنبيائه التي أبيدت ـ ـ ومَنْ يعيد عفاف وعذرية الصبايا المسبيات، فتثمين كل ما ذكرته يا سادة يا كرام ويا أيها السياسيون يكمن في محاسبة المتسبب بهذه الكارثة ـ ـ وحيثُ شَخّصَت لجانكم التحقيقية “الجمل والجمال” ووضعت النقاط على الحروف ولم يبقى إلاّ قراراً شجاعاً بتتويج النصر الميداني وإستكماله وجعله واقعاً ملموساً في كل بيت عراقي من زاخو الى الفاو ومن الرطبة الى خانقين وذلك بمحاسبة المقصرين حتى وإن كان (نائب) الحاكم في العراق!!.
ولو حصل ما حصل في بلدٍ غير العراق لسقطت حكومات ـ ـ لا بل رؤوس من على أكتافها ـ ـ لكن في بلد الغرائب والعجائب ـ ـ فكل شيء مباح ـ ـ الخيانة للوطن مباحة ـ ـ نحر أكثر من الف وسبعمئة طالب عسكري في سبايكر مباح ـ ـ السرقات لمليارات الدولارات من خزينة الدولة وقوت الشعب مباحة ـ ـ الخطف والإغتصاب مباح ـ ـ سيطرة العصابات على مدن بأكملها مباحة ـ ـ إستعباد البشر والحجر مباح ـ ـ تهديم مدن بأكملها مع معالمها مباح ـ ـ قتل وتهجير ملايين المواطنين مباح!!!، فلا وجود للمذنب الذي ترك ورائه الضحية مخضبة بدمائها وحولها الخراب.
فلقد سكت العراقيون وكان لسكوتهم سبباً لعدم إعطاء الفرصة للعدو الداعشي بإستغلال الظرف وعاضدوا قواتهم المسلحة وحشود الحشد الشعبي بكل مسمياته، أما بعد أن هدأ أزيز الرصاص وإنقشع غبار المعركة فمن حق الشعب ومواطنيه المطالبة بالقصاص العادل من المسببين للكارثة، هذا فيما إذا كانت الحكومة جادة بحماية العراق الموحد.
فيا رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، لم يتبقى على فترة رئاستكم لمجلس الوزراء إلاّ أشهر معدودة وقد كانت فترتكم حُبلى بالأحداث والمآسي التي خلّفها لكم سلفكم الجالس على يمين رئيس الجمهورية!!!، وللتاريخ إستطعتم وكابينة وزارتكم إجتياز الكثير من المِحن وأولها عودة الأرض العراقية الى أهلها ولكن بأغلى الأثمان!!!، وحيثُ لا تزال (المفخخات) السياسية مزروعة في طريق ما تبقى من مساركم وأولها الإستفتاء المزمع إجرائه في إقليم كردستان/العراق في الخامس والعشرين من أيلول من هذا العام، والشعب العراقي سوف لن يهدأ إلاّ بعد أن يرى من تسبب بهذه المآسي قد نال عقوبته القانونية على فعلته وتقاعسه، ولتكن خاتمة فترتكم بداية لفترة أخرى جديدة يُبصمُ عليها الشعب بملء إرادته وليس بمقايضة البسطاء منهم على منحهم البطانيات والإراضي وغيرها من المغريات كما حدث في الإنتخابات الماضية!!، فقد لامكم البعض وأعذركم البعض الآخر على عدم إستغلالكم للفرص بالضرب بيدٍ من حديد على كل من أساء لوظيفته، وكان لمن أعذركم تبريره من إنكم بدأتم مهمتكم بالعوم في بحرٍ تحيطكم فيه القروش السياسية وأنتم لا نصير لكم، لكن الآن وبعد مرور أكثر من ثلاثة سنوات على إدارتكم فمن المفروض أن تكونوا قد جمعتم حولكم عدد لا يستهان به من المخلصين للدفاع عن سياستكم وبرنامجكم، هذا إذ كنتم مؤمنون حقاً بما وعدتم به الشعب في خطاباتكم.
فكل الذي تحقق من منجزات لا تكتمل إلا بخاتمته، وخاتمته قد وعدتم الشعب بها في أكثر من مناسبة وهي محاسبة من تسبب بتلك المآسي وملاحقة الفاسدين والسارقين للمال العام وإستحصاله الى آخر دولار تم سرقته، وخاتمته أيضاً تكمن بفرض القانون وتوفير الأمن والأمان على مدار الساعة، وخاتمته بكل تأكيد تتجلى بتوفير كل مقومات الحياة الحديثة من البُنى التحية الى البُنى الترفيهية المكملة للحياة الرغيدة ـ ـ نعم الحياة الرغيدة، فشعب العراق بمقوماته كان من المفروض أن يكون أول الشعوب في المنطقة والعالم يتمتع بالحياة الكريمة لولا غباء ساسته على مر المراحل المتعاقبة، وليكن حافزكم أنتم وفريق عملكم هويتكم (الوطنية) وليس (الحزبية) فقد سَئِمَ الشعب بغالبيته من التكتلات الحزبية، ولو لم تفعلوا هذا فستبقى منجزاتكم ومنجزات فريق عملكم ناقصة وسوف ينساها التاريخ والشعب العراقي بعد فترة وجيزة من الزمن، ولربما إن لم تخطوا الخطوة الأخيرة في ملاحقة من تسبب بتلك الكوارث وسرّاق المال العام فستغادرون وأنتم متهمون بإشتراككم في كل تلك الجرائم!!!.