19 ديسمبر، 2024 2:51 ص

لاشك ان علم النسب من العلوم التي اهتم بها كثير من الأمم والأمة العربية ومنذ العصر الجاهلي اهتمت اكثر من غيرها  بهذا العلم فهو علم جليل شريف رفيع وبعد ان جاء الإسلام لم يتعارض معه وهناك كثير من الآيات والأحاديث النبوية التي تحث على تعلمه ومعرفته ناهيك عن الكثير ممن اشتغلوا بالتأليف بهذا الفن منذ بداية العهد العباسي وحتى الآن وقد ظهر كثير من النسابين العرب على مر العصور وقد بدأ التدوين منذ بداية العهد العباسي وقد سبقهم بالتدوين الكلبي وابنه في التأريخ الكبير وممن اجاد في كتابة هذا الفن البلاذري في انساب الأشراف وغيرهما فكانت كتاباتهم رائدة وجيدة 0 وبعد ان سقطت الدولة العباسية على يد المغول سنة 656هجرية بدأت الفترة المظلمة وقد عمّ الركود تقريباً في اغلب الأصقاع العربية والإسلامية , وبالرغم من ذلك فلا تخلوا الساحة من وجود النسابين في هذه الفترة امثال ابن مهنا العبيدلي وتاج الدين بن معيه وابن عنبة الداودي وابن شدقم وقد دنوا الكثير من انساب العلويين في هذه الفترة 0 وقد جاء العصر الحديث لاسيما القرنيين الرابع عشر والخامس عشر الهجري وشاهدنا وما زلنا نشاهد وننظر بأم اعيننا وقد كثرت كتب الأنساب في الساحة ونحن في غاية السرور لوجودها وقلنا ما ضاع هذا الفن قط 0 لكننا عرفنا الضياع بعد ذلك عرفناه بضعف التحقيق ان وجد هناك تحقيق اصلاً عرفناه بجعله مهنة كسائر المهن لجمع الأموال والأسترزاق وما اكثر الذين يبتزون اموال الناس والضحك على الذقون وقد جعل بعضهم وثائق مزورة يعود تأريخها لسنة كذا وكذا وقبل سنين طوال وبعضها منذ قرنين او اكثر وجاءت مصيبة اخرى هي مسألة الوضاعين الذين يجيدون اساليب الوضع المتقنة وما اكثر الوضاعين في كل آنٍ وحين فقد جاءنا رجل ومعه اناءٍ مصنوع من الحديد ومزخرف  يزعم ان اجداده نحتوا عمود نسبهم العلوي على هذا الإناء قبل 200 عام وبعد عملية فحص دقيقة اتضح انه صنع في سوق ( مريدي ) الشهير وغيرها من الحالات الكثير الكثير,  وهناك فاجعة اخرى منذ القدم وهي مسألة النسخ لكتب الأنساب واغلب النساخ ممن لايجيد القراءة والكتابة إلا ما ندر وقد كثرت الكتابة حول النسخ وكثر الإشتباه والتصحيف بالكلمات والتشابك بالأنساب وتقديم وتأخير الذيول للأعمدة النسبية وقد شاهدنا عمود نسب لرجل من القرن الثامن الهجري قد دخل في عمود نسب رجل آخر من القرن الحادي عشر الهجري وما اكثر التداخل في الأعمدة النسبية والأدهى من ذلك ان بعض النسابين المعاصرين لنا يعتقد ان مصادقته على عمود نسب معين هي صك الغفران ولا تخضع لمناقشة ابداً وكأن قراره ورأيه مقدس لايجوز نقضه كون اسمه معروف وخبرته طويلة فبالله عليكم كيف نؤيد عمود نسب يبدأ برجل معاصروينتهي بسبعة اظهر الى الجد الأعلى الذي كان حياً سنة 933هجرية ومن الأمور المحزنة لاسيما في زمننا هذا اشتغل اناس كثيرون بتأليف اسفار نسبية وظهرت الى الساحة بسرعة فائقة اسرع من البرق لكنهم تناسوا المقولة لأحد الناقدين ” اني رأيت ان لايكتب انسان كتاب في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان احسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان افضل ولو ترك هذا لكان اجمل وهذا من أعظم  العبروهو دليل استيلاء النقص على جملة البشر”  
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات