لم تكن نسبة 1/12 وليدة قانون الإدارة المالية والدين العام رقم (94) في 4/6/2004، الصادر بموجب أمر سلطة الإحتلال البغيض للعراق كما يظن الأغلبية ؟!. من ببغاوات الإحتلال أفردا وأحزاب، ولم تكن إجراءات المصادقة على الميزانية مما جاء بها الإحتلال ومارستها حكوماته المتعاقبة منذ سنة 2003 وحتى الآن. جديد آليات إعداد الميزانية العامة للدولة. ولكن البحث عن جذور النسبة سيئة الصيت، كشفت لنا ضعف ذوي الإختصاص النظري والتطبيقي في آن واحد، حين توجهت إليهم بالسؤال عن مصدر النسبة التي أصبحت نظرية وقاعدة عمل إستثنائية، يتغنى على طنين وأزيز ونقيق أوتارها كل فاشل، ويطرب على نعيق ونهيق أنغامها كل فاسد، ويقف خلف قضبان العجز الإداري وخبثه مستترا كل شحيج وفحيح وزمار وصئي، وقد إتخذتها الخترشة والخنخنة متكأ وغطاء. حتى ينقطع النباح والخوار بدلو ماء وبعض من العلف، على حساب قانون الدعم الطاريء للأمن الغذائي والتنمية رقم (2) لسنة 2022. بعد موت جاموس الأهوار من الجوع والظمأ ؟!. الذي سيطال فقراء المال والوطن. عندها لم ولن ينفعنا رغاء من يقف على التل إلى اليوم التالي وليس إلى المساء، ولا صراخ أو عويل متظاهر بسيط ؟!. لا يعرف غير أنه مظلوم وقد مسه الضر والله أرحم الراحمين .
في مراجعة للتأريخ التشريعي العراقي الذي أسعى لتثبيت بعضه. وجدت في سنوات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إستخدام النسبة (1/12) في قوانين التشكيلات ذات الشخصية المعنوية والإستقلال الإداري والمالي ( مؤسسات – شركات – منشآت ) ، والتي يغلب على أعمالها ونشاطاتها الطابع التجاري، حيث تتكون إيراداتها المالية من أرباح وعوائد نشاطاتها ومبيعاتها وإستثماراتها والقروض والهبات والتبرعات، وعليه نص قانون المؤسسة العامة لتنظيم الصحافة والطباعة رقم (155) لسنة1967 على أن ( إذا تأخر تصديق الميزانية عن الأول من نيسان فيعمل بنسبة 1/12 لكل شهر من تخمينات السنة السابقة لحين تصديق الميزانية الجديدة). وقانون المؤسسة العامة للصحافة والطباعة رقم (216) لسنة 1969( إذا تأخر تصديق الميزانية عن الأول من كانون الأول فيعمل بنسبة 1/12 لكل شهر من التخمينات . وفي قانون الدار الوطنية للنشر والتوزيع والإعلان رقم (117) لسنة 1972- المعدل ( إذا تأخر تصديق الميزانية عن موعدها المحدد فيعمل بنسبة (1) إلى (12) لكل شهر من ميزانية السنة السابقة لحين تصديق الميزانية). لغرض معالجة ما قد يحصل خلال فترة عدم المصادقة على الميزانية، وهي فترة قصيرة لا تتجاوز ما تحتاج إليه الموازنة من زمن مراعاة الأخذ بالمتغيرات الطارئة أو المستجدة، وربما الناتجة عن مراجعة وتدقيق مفردات الحسابات الختامية. التي يعتمد عليها في بناء ميزانيتها الربحية لتغطية نفقات تشغيلها، لإستناد إستخدامها للنسبة إلى الترخيص المؤقت والطاريء، الناشيء عن تأخر تصديق الميزانية في موعدها المحدد لأي سبب كان. ولا يجوز شمول إعداد الميزانية للوزارات بذلك. إذ ليس للدولة شأن في إستخدام تلك النسبة عند إعداد الميزانية العامة، لإختلاف وارداتها ومصروفاتها من أجل الصالح العام، وإلا ضاعت مقاييس الفرق بين إدارة الدولة في ظل إلتزاماتها وتطبيقاتها التشريعية، وبين اللادولة المغمورة بعميق وحل مستنقعات الفشل والفساد وهوشات سحت البيع والشراء ؟!. وبذلك ستكون النسبة من وسائل وأساليب وأدوات إشاعة الفساد الإداري والمالي والتربوي، عندما يفرض إستخدامها المتسلطون غير المهنيين من الحزبيين والسياسيين لغير أغراضها، ولأن العمل جار بها على وفق قانون سنته قوات الإحتلال الغاشم التي لا تريد خيرا للعراق بسعيها الفوضوي، فإن مقتضيات الوطنية تدعو وجوبا إلى إلغاء منغصات العيش وعناصر الإستحواذ على نعم الخيرات للبلاد، وإذا لم تكن السيادة إلا رهينة سياسة السلب والنهب المستدام , فتحديد إستخدام النسبة لمدة لا تزيد على (60) ستين يوما عند تأخر المصادقة لأي سبب كان، قياسا بالمقادير الشهرية لأموال وحدات الإنفاق الفعلية للسنة المالية السابقة. لغرض سداد الإلتزامات والمرتبات والتقاعد ونفقات الأمن الإجتماعي وخدمات الديون. مطلب جماهير المساكين والفقراء، لما يشكله تأخير المصادقة على الميزانية لأكثر من ذلك، من ضياع لفرص الإستثمار وإلحاق الضرر البالغ بمصالح الوطن والمواطنين. من جراء هدر المال العام بسوء التخطيط والتنفيذ المتعمد ؟!.
لقد كان المشرع العراقي قبل الإحتلال الآثم محتاطا بحجب إستخدام النسبة المذكورة فيما يتصل بالمصادقة على الميزانية العامة للدولة. وعندما جاء الإحتىلال الغاشم بنص قانونه الآثم ، كرر القول على عرض الشؤون المالية ومنها الميزانية، على جهة تتمتع بسلطة تشريعية وطنية ؟!. وهنا نتوقف. فالعبارة ليست إلا تنبيها لمسؤولي الصدفة التعيسة بما يجب ، مثلما تقدمت بلاخارست بإحاطتها لمجلس الأمن الدولي عن العراق الأسير، لأن السلطة التشريعية الوطنية ( مجلس النواب أو مجلس الشعب أو مجلس الأمة ) مما فقدنا أصالة وجوهر معانيها، وظهرت ألفاظ قشرتها البائسة فوق سيل وفي مجرى خبثها. مما يتوجب إستثناء الميزانية العامة من قيد عدم المصادقة عليها من قبل السلطة التنفيذية الدائمة أو المؤقتة، ما دام الصالح العام هو بيضة القبان وليس مصالح الأحزاب وذيول ساسة السوء وعدم الإنتماء الوطني .
إن العمل بنسبة 1/12 من المصروفات المتحققة في كل شهر من تخمينات الموازنة للسنة المالية السابقة . لن يكون مجديا بعد إنتهاء السنة الحالية، وإن حقق تأخير إعداد ومصادقة الميزانية مبتغى وغايات سراق المال العام . مثلما تحققت اهداف عدم تقديم الحسابات الختامية لسنين سابقة في موعدها، والتي تعد قاعدة التوازن النسبي المتوقع بين حجم ونوعية المصروفات والواردات عند إعداد الميزانية، وعلينا التذكير بأن قرار حل البرلمان وإجراء الإنتخابات في 1/10/2021 ، يتقاطع ومقتضيلت ومتطلبات إعداد الميزانية وإقرارها والمصادقة عليها، لما يتوجب الأخذ به من إحتمالات التأخير في الإعلان عن تصديق الميزانية السنوية للدولة. لإرتباط ذلك بإجراءات تنفيذ المهام والواجبات الرسمية بوقت محدد، والذي لا يؤدي تجاوزه إلا إلى الإخلال بمقتضيات المصلحة العامة .
وإنطلاقا من نص المادة ( 27/أولا) من الدستور، في أن ( للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن ) . نرى أن تقدم وزارة المالية مشروع الميزانية العامة وجوبا ملزما إلى مجلس النوب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية لغرض التصويت عليه، وعند عدم إستطاعة مجلس النواب التصويت على مشروع الميزانية في موعد أقصاه 25/12 من كل سنة لأي سبب كان، يعتبر مشروع الموازنة مصادقا عليه، وعلى الحكومة تنفيذه .